قال الأستاذ محمد عبادي أن أي عبادة كانت “نبتغي أن تكون مقبولة عند الله عزّ وجلّ تقتضي منّا ابتداءً أن ندخل إليها ونحن طاهرون”، ووضّح أن المقصود بهذه الطهارة هو التوبة قبل أي عمل. وقد استدل على ذلك بمثال الصلاة التي تقتضي طهارة الوضوء لتكون صلاتنا مقبولة عند الله سبحانه وتعالى.
وأشار فضيلة الأمين العام لجماعة العدل والإحسان في موعظته حول رمضان والتوبة، ضمن سلسلة سُرُج التي تبثُّها قناة بصائر الإلكترونية خلال شهر رمضان الأبْرَك، أن “العلماء اختلفوا حول طاعة المُتلبّس بالمعصية؛ هل تقبل أم لا؟” ولهذا ومن باب الأحوط، ينصح، ألّا يدخل المسلم والمؤمن إلى عبادة من العبادات إلا بعد أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من كل المعاصي.
ومن مقتضيات الحجّ، يواصل ضاربا الأمثلة، أن يتوب الراغب في أداء مناسك الحج وزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلى الله عزّ وجلّ، سواء تعلق الأمور بالتوبة من حقوق الله تعالى استغفارا أو حقوق العباد تأدية لها. والصيام كذلك يقتضي توبة نصوحا.
ومما شاع في الناس، بحسبه، أن أداء العبادات العينية الفردية على وجهها الأكمل كفيل ليقبل الله عزّ وجلّ أعمالهم، و“معظم الناس ينسون أو يتناسون التوبة الجماعية من معصية عدم أداء الفروض الكفائية التي تُؤدى جماعيا؛ من قبيل إقامة دولة الإسلام، فريضة التكافل الاجتماعي، المواساة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إقامة حدود الله تعالى وغيرها الكثير…”، وهذا ما سمّاه بالتوبة الجماعية الواردة في قوله تعالى: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
وقد استحضر فضيلة الأستاذ المُربّي في معرض حديثه هذا، مراتب التوبة التي تحدّث عنها سلطان العلماء العزّ بن عبد السّلام رحمه الله الذي كان يقول: “شتّان بين التائب من الزّلات، والتائب من الغَفلات، والتائب من رؤية الحسنات”، مشيرا أن أعلى درجات التوبة هي التوبة من رؤية الحسنات. موضحا أن المُقرَّبين يعُدّون نسب الإنسان العمل الصالح إلى نفسه معصية تستدعي التوبة، لأنه ينسب إلى نفسه ما ليس له، ولأن العمل الصالح لا يصدر إلّا من الله سبحانه وتعالى توفيقا للإنسان الذي هو مصدر كل الهفوات.
ولكي يستمر الإنسان في توبته، يختم فضيلته كلمته، لا بدّ له من ملازمة وصحبة التائبين المُنيبين والذاكرين لتتمكّن التوبة منه، ويتمكّن هو من التوبة، ويعيش اليقظة الدائمة، وهذا ما ينقص في نظره معظم التائبين في رمضان عندما تزول عنهم أحوال التوبة بانقضاء رمضان.