قال الأستاذ عبد الصمد فتحي إن المقاومة الفلسطينية “صنعت اليوم حدثا عظيما يعتبر تحولا تاريخيا وجذريا في مسيرة الأمة ومسيرة الإنسانية جمعاء”؛ وأردف أن التحولات التاريخية لا يمكن أن تُصنع من لا شيء أو أن تأتي عَرضاً، إنما تُنجزها الأحداث الكبرى والعظمى التي تجسدها المقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية في غزة وكل فلسطين اليوم في معركة طوفان الأقصى.
فتحي الذي تحدث في ملتقى الغرب الإفريقي الرابع لرواد ورائدات العمل لفلسطين الذي انعقد في العاصمة السنيغالية دكار يومي 13 و14 يوليوز 2024 تحت شعار “فلسطين أمانة أمة لن نتركها لوحدها”، أكد أن طوفان الأقصى ليست معركة فلسطين وحدها، بل معركة للأمة وللإنسانية جمعاء. وهي المعركة التي اعتبر رئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة أننا “نرى اليوم تباشير نصرها، وما كان أملا تلوح في الأفق بشائر تَحقُّقِه، وعدا من الله عزّ وجلّ وبِشارة من رسوله صلى الله عليه وسلم”.
إنها بشائر، يواصل ذات القيادي في جماعة العدل والإحسان المغربية؛ بداية تحقق وعد الآخرة والنصر وتحرير القدس وفلسطين، وبداية الاندحار والهزيمة للكيان الصهيوني.
وأشار فتحي، الذي يشغل أيضا نائب المنسق الوطني للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، إلى أن “صمود أهل غزة طيلة تسعة شهور من العطاء والاستمرارية في المقاومة في وجه كل أصناف الإبادة والتقتيل والتجويع هو دليل آخر على انتصار أصحاب القضية وأصحاب الحق، ليس بالضربة القاضية ولكن بالنقط المشرفة؛ وفي مقدمتها إفشال مخططات الكيان الصهيوني في تحقيق أهدافه في القضاء على المقاومة والتهجير، والاستفراد بالقدس وفلسطين”.
وهذا الحدث، يسترسل المتحدث في هذا الملتقى التضامني الذي عرف حضور شخصيات وهيئات مناصرة للقضية الفلسطينية، أي طوفان الأقصى وصمود المقاومة؛ يبعث الأمل في الأمة، ويزرع فيها اليقين، ويبعث فيها الإيمان، ويضيف “إننا في مرحلة جديدة ومنعطف جديد تعيشه الأمة. ولا يمكن أن يكون مبعثا لا لليأس ولا للهزيمة وللخنوع والاستسلام”.
ولفت فتحي إلى أن المقاومة وحاضنتها الشعبية هي مدرسة ونموذج تعطي الدروس للأمة في البذل والعطاء، وصناعة النصر والتحرير. لأن النصر والتحرير بحسبه لا يمكن أن يتما بدون بذل وبدون عطاء، وقد أعطى إخواننا، يُوضّح، في غزة وكل فلسطين نموذجا لهذا البذل والعطاء في أرواحهم وأهلهم وفلذات أكبادهم.
وأبرز أن هذا النموذج الحي الماثل أمامنا اليوم يدعونا أكثر من أي وقت مضى إلى البحث عن سر هذا النصر وسر هذا الصمود الذي أبهر به الفلسطيني والفلسطينية العالم صبرا وتحملا واحتسابا لله عزّ وجلّ؛ تجلى في عيون الأطفال والنساء والرجال والشيوخ. فإذا كان الكيان الصهيوني استثمر في العدة والعتاد، فإن المقاومة استثمرت في الإنسان، مع الأخذ بالأسباب وتحقيق البأس الشديد. فصنعت تربيةُ المقاومة إنسانا قويا شجاعا شهما.
السر أيضا، يستمر فتحي في سبر أغوار أسباب النصر الاستراتيجي للمقاومة، هو “الارتباط بالله تعالى، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم”. السر أيضا يقول القيادي الإسلامي المغربي هو “ذكر الله تعالى تمسكا بالله القوي العزيز”. السر كذلك، حسب فتحي، هو “تطهر رجال المقاومة وحاضنتها من الغثائية وداء الأمم”. فلا نصر، في نظره، يرجي ولا نهضة ترجى “ما لم تتطهر قلوبنا وتتحرر إرادتنا من داء الوهن الذي أجمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حب الدنيا وكراهية الموت”.
كما اعتبر المناضل المغربي في جبهة الدعم والإسناد الفلسطيني أن المقاومة اليوم هي نموذج التحرر والانعتاق والنضال لكل أحرار العالم. فقد أدرك الجميع، يقول، أن أكثر بقعة محررة اليوم في جسم الأمة هي غزة رغم ما يرتكبه العدو الصهيوني الذي تسيء المقاومة الفلسطينية وجهه، وأبرزت حقيقته للعالم. داعيا شعوب الأمة إلى التحرر أيضا من كل قيود النهوض، وكل أشكال الاختراق الصهيوني الذي وصل، بحسبه، إلى مرحلة العتو بالتوصيف القرآني في العالم وافريقيا وبلدان الأمة، في إشارة منه لسرطان التطبيع الذي يشكل تهديدا وجوديا للأمة.
وختم مداخلته بالإشارة والإشادة بما يصنعه الشعب المغربي منذ 7 أكتوبر 2023 انخراطا كليا في جبهة الدعم والإسناد لصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، ولم يتوقف لهنيهة عن النزول للشوارع والنصرة والتأييد لفلسطين والأقصى والمقاومة الفلسطينية. فقد فاق عدد التظاهرات المغربية منذ ذلك التاريخ 5000 تظاهرة، والمسيرات تجاوزت 500 مسيرة في كل مدن المغرب؛ منها مسيرات مليونية كبيرة، ما يؤكد في نظره الارتباط العضوي للشعب المغربي بفلسطين والأقصى.