دعا فضيلة الأستاذ محمد عبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، إلى ضرورة استحضار أن “لا إله إلا الله” هي مفتاح الجنة، محيلا على الحديث الذي رواه سيدنا معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من كان آخرُ كلامهِ لا إلهَ إلَّا اللهُ دخل الجنَّةَ”، ومعلقا بقوله: “دخل الجنة؛ إن لم يدخلها مع الأولين سيدخلها مع الآخرين بعدما يتطهر أمام الآخرين”.
وتساءل الأستاذ عبادي، في كلمة مصورة نشرت قناة بصائر الإلكترونية مقتطفا منها يخص فضل الكلمة الطيبة، عن مضمون لا إله إلا الله؟ ليجيب انطلاقا من أحاديث كثيرة؛ أولها الحديث الذي قال فيه مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب حين حضره الموت: “يا عم، قل لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله” -سبحانه وتعالى عز وجل-. وحديث: “قولوا لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تُفلِحوا”.
وأشار المتحدث إلى أن الدعوة في مكة المكرمة بدأها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطواف في الأسواق وفي الأماكن العامة ينادي: “قولوا لا إله إلا الله تفلحوا”، وعندما بدأ عليه الصلاة والسلام يؤذى كان يطلب أمرا آخر؛ كان يطلب النصرة: “من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي”، يعني حتى أدل على لا إله إلا الله.
وهذا اللفظ “قولوا لا إله إلا الله” فيه تلقين، تلقين لا إله إلا الله، يضيف الأستاذ عبادي قبل أن يسوق حديثا يقول فيه الصحابة (سيدنا شداد بن أوس وسيدنا عبادة بن الصامت حاضر يصدقه): “إنا لعند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ قال: “هل فيكم غريب؟” (يعني من أهل الكتاب)، قلنا: لا يا رسول الله، فأمر بغلق الباب، فقال: “ارفعوا أيديكم فقولوا لا إله إلا الله”، فرفعنا أيدينا ساعة، ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده ثم قال: “الحمد لله، اللهم إنك بعثتني بهذه الكلمة، وأمرتني بها، ووعدتني عليها الجنة، إنك لا تخلف الميعاد” ثم قال: “أبشروا فإن الله -عز وجل- قد غفر لكم”.
ونوه الأمين العام لجماعة العدل والإحسان بأن “الحديث فيه فوائد كثيرة؛ منها رفع اليدين في الدعاء، ومنها تلقين لا إله إلا الله الذي سارت عليه الطرق الصوفية إلى يومنا هذا، ومنها كذلك أن الله سبحانه وتعالى ينزل رحمته بسبب دعاء المؤمنين إذا لم يكن معهم من يحجب هذا الدعاء (قاطع الرحم، وعاق الوالدين، المشرك..). ولهذا وصى الأستاذ عبادي كل من يقصد مجلسا من مجالس الذكر والإيمان أن يدعو الله تعالى أن لا يحرم إخوته من رحمته بسببه، بسبب ذنوبه، وأن يحرص ألا يكون سبب حجب رحمة الله عن إخوانه. ويسترسل شارحا الحديث “وبحكم أن الجالسين كانوا كلهم على قلب رجل واحد فإن الله تعالى قال لهم: أبشروا إن الله عز وجل قد غفر لكم”.
وذكّر الداعية إلى الله تعالى بأن كلمة “لا إله إلا الله بحكم أنها جامعة لأسماء الله الحسنى، فهي قمة الذكر، والذكر فيه الدعاء وفيه الصلاة وفيه الاستغفار… ولكن لا إله إلا الله قمة الذكر أي أعلاها كما في الحديث: “الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان”. و“أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله”. وعندما سئل رسول الله: هل هي من الحسنات؟ قال: هي أفضل الحسنات“.
وهي أيضا تجدد الإيمان؛ “قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: جددوا إيمانكم، قيل يا رسول الله: وكيف نجدد إيماننا؟ قال: أكثروا من قول لا إله إلا الله”. يردف؛ وانطلاقا من حديث “الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله” فإن جميع الأعمال الصالحة تنير القلب، ولكن الذي ينير القلب أكثر هو كلمة لا إله إلا الله، خصوصا إذا كانت مقرونة بالصحبة، فالذكر والصحبة أمران متلازمان لا يفترقان، ولهذا أتى سيدي عبد السلام بأحاديث تدل على أن الصحبة ذكر، والذكر صحبة. الصحبة ذكر؛ “أفضلكم من إذا رؤي ذكر الله”، بمجرد النظر إلى المصحوب، الذي هو وارث نبوي، فأنت في ذكر الله عز وجل. والذكر صحبة؛ يدل على ذلك الحديث الذي جاء في مسند الإمام أحمد: “إن أوليائي من عبادي، وأحبَّائي من خلقي الذين يُذكرون بذكري، وأُذكر بذكرهم”. “يذكرون بذكري”؛ أي وأنت تذكر الله تعالى فإنك تذكر أولياءه تعالى، وعلى رأسهم الأنبياء والصالحون وجميع الأولياء، نظرا للارتباط بين الصحبة وبين الذكر. “وأذكر بذكرهم”، أي إذا ذكرت أولياء الله تعالى فأنت تذكر الله. والله تعالى تحدث في سورة ص عن سلسلة من الأنبياء وختم بالقول: هَٰذَا ذِكْرٌ، أي ذكر لله سبحانه وتعالى عن طريق ذكر هؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فامتزجت الصحبة بالذكر.
و”لهذا فالكلام الذي أتى به سيدي عبد السلام عن سيدي أحمد الرفاعي أن الذكر يثبت في القلب ببركة الصحبة، فكلما قويت المحبة بالمصحوب كلما ثبت الذكر في القلب، وكلما ذكرت الله سبحانه وتعالى كلما ازددت صحبة ومحبة للمصحوب”. يوضح الأستاذ عبادي قبل أن يختم بهذا المقتطف النير المنير؛ قال الإمام الرفاعي قدس الله روحه: “عليكم -أي (حرف نداء بمعنى يا) سادة- بذكر الله فإن الذكر مغناطيس الوصل وحبل القرب، من ذكر الله طاب بالله، ومن طاب بالله وصل إلى الله، ذكر الله يثبت في القلب ببركة الصحبة”.