ربح البيع أبو إبراهيم.. ربح البيع أهل غــزة العزة

Cover Image for ربح البيع أبو إبراهيم.. ربح البيع أهل غــزة العزة
نشر بتاريخ

وترجل القائد يــحيى من غــزة على قائمة موكب الشــهداء الأفذاذ، على قائمة من تقدموا صفوف الجــهاد، ‏مضى مقــبلا غير مــدبر… فاللهم تقبله عندك مرضيا…‏

ونحن أمام فقد كبير لقائد عظيم، خلد حياته في مواجهة العــدو المــحتل، ودفاعا عن غــزة العزة، وعن ‏مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أرضه وأرض المسلمين، عن حقه وحق الأمة، نال شرف الشــهادة بأعظم ‏صورة كما تمناها وترجاها من المليك المقتدر، فكتبها له هبة منه عزو جل وفضلا ختم له بها كتاب حياته، فهي صنع ‏بشري بإرادة وتدبير إلهي، عاش عزيزا ومات شــهيدا، مقبلا على الله عز وجل بجــهاده، فخشيه العــدو حيا وميتا.‏

صمد الســنوار حتى نال الشهادة، كما صمد أهل غزة العزل نساء ورجالا، أطفالا وشيوخا، قادة وقاعدة، ‏فحقت لهم الشـهادة، وحقت لهم الجنان، عاشوا ويعيشون مقبلين غير مدبرين، فهو الشعب الذي ولد مجــاهدا وعاش ‏شهـيدا: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ آل عمران/169. ‏

مقبـلون غير مدبـرين، آثروا الآخرة على الدنيا فنالوا الجزاء الأوفى حتى كانت الشــهادة لهم خاتمة أيامهم، ‏وتحفة أعمارهم. فحق لمن كان له شرف مجالستهم أن يقول إنهم أهل لله؛ قلوبهم معلقة به عز وجل، ذاكرين له. رجال ‏صدقوا الله فصدقهم.‏

تأخذنا مشاهد شموخ وصمود رجال ونساء وأطفال فلـسطين الأبية أمام البلاء، وصبرهم واحتساب أمرهم لله ‏عز وجل ويقينهم بموعود الله، تأخذنا إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الأجلاء، فكما خلد التاريخ ‏مواقفهم في نصرتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقين إيمانهم، وبرهان صدقهم، وسمو جــهادهم نفسا ومالا ‏وذرية، فإنه اليوم يخلد جــهاد أهل فلـسطين، وبطولاتهم، بل وإيمانهم الراسخ، ويقينهم الثابت في وعد الله، وسيخلد ‏للأجيال الصاعدة بأن التربية النبوية ظلت وستظل سارية في الأمة، تنتج رجالا ونساء بهم وعلى أيديهم وبدمــائهم ‏يكتب النصر للأمة، يُحيون في الأمة النماذج العظام. ذكرنا الســنوار في قوة إيمانه ودهائه السياسي وبطولته، بسيدنا ‏مصعب ابن عمير، السفير المحنك؛ والمجــاهد المقدام الذي ظل محافظا على لواء الإسلام عاليا، وإن بترت اليد اليمنى ‏رفعه باليسرى، وإن بترت اليسرى ضمه بين ذراعيه، فكان النموذج على أرض المعركة، وكذلك كان الســنوار المغوار؛ ‏يد تنزف ويد تضرب بالعصا في عنفوان لترسم في الأفق نصرا محتوما. ‏

وكذلك كان من قبله ومن سيأتي من بعده، وكذلك خلد التاريخ رجالا ساروا على درب الكبار، واقتفوا أثر ‏الرسول الكريم الهمام عليه وعلى آله وصحابته الكرام أفضل الصلاة وأزكى التسليم.‏

قال الله عزو جل: وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن ‏يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ آل عمران/144 ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله ‏شيئا، لأن سنة الله في الكون قدر في الأمة نافذ، ووعد بالنصر وعد صادق، ووقوعه لا محالة حاصل، ما دام حبل المدد ‏موصول بمن بعثه الله مبشرا ونذيرا عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.‏

بذلك اليقين عاش أصحاب رسول الله، وبه عاش رجال هذه الأمة، وبه قال الســنوار، في “الشوك والقرنفل” ‏الآن جاء الموعد يا أماه، فلقد رأيت نفسي اقتحم عليهم مواقعهم، أقــتلهم كالنعاج ثم استشــهد، ورأيتني بين يدي رسول ‏الله صل الله عليه وسلم في جنات النعيم، وهو يهتف بي مرحى بك مرحى بك” وتحقيقا عاشها. غير أنها عقبة تقتحم. ‏

فهنيئا ليحيى الحي الشهــيد بربحه الكبير، ولمثله حق البيع وحق الربح، ولمثله حقت محبة طه الأمين عليه ‏أزكى الصلاة وأزكى التسليم، والخلد في جنات النعيم. وعدا من الله العزيز الكريم، لعباده الصالحين، ووعد صدق بأن ‏النصر آت آت آت، وإنه لوعد حق فيا رب نصرك الموعود.‏