سبة وإهانة وإذلال للمغرب والمغاربة، إرسال رسالة من نتنياهو إلى حكام المغرب، يعلن فيها اعتراف كيان الاحتلال الصهيوني بمغربية الصحراء، وترتيب كل الإجراءات اللازمة على هذا الاعتراف مقابل استمرار المغرب بالاعتراف بدولة الاحتلال الصهيوني وأحقيتها في أرض فلسطين، وعقد قمة النقب الثانية بالمغرب في إطار الدين الإبراهيمي الجديد.
إذا كانت قضية الصحراء هي حصان طروادة الذي اختاره الاحتلال في اليوم الأول للتطبيع، والذي حذرنا منه، لاختراق النسيج المجتمعي بالمغرب، فها هو المحتل يعاود الكرة مرة أخرى لتعميق هذا الاختراق وإجبار المغاربة على قبول دخول المغرب للدين الجديد، دين إبراهام، ،وقبول عقد قمته الثانية بالمغرب، بعد أن نفى المسؤولون علاقة التطبيع المغربي باتفاق إبراهام.
وإن كنت لا أشك أن ما واكب هذا الاعتراف من قَبل من تكهنات وسناريوهات إعلامية في تكهرب العلاقة بين المغرب وإسرائيل، مجرد مسرحية لتهييئ الرأي العام لقبول هذه الخطوة ، كما كانت أحداث الكركرات مسرحيةٌ للصهاينة يد طولى فيها لتهيئ المغاربة لقبول التطبيع.
هذه الخطوة الصهيونية لا تقف في نظري عند ابتزاز الشعب المغربي، بل تهدف إلى ما هو أبعد من ذلك، أي الإساءة إلى المغرب والمغاربة وقضيتهم الوطنية.
1- سقوط قيمي وأخلاقي
الكيان الصهيوني يجعل المغرب يسقط سقوطا قيميا وأخلاقيا، بقبوله تحقيق مكسب وطني وهمي هو اعتراف المحتل بأحقية المغرب في الصحراء الغربية، مقابل بيعه الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وتقديم شهادة زور بوجود دولة “إسرائيل” على أرض الشعب الفلسطيني. إنها مقايضة ومتاجرة تعبر عن ترد أخلاقي، يطعن في كرامة وكبرياء المغاربة.
2- إساءة لملف الصحراء
إن اعتراف المحتل الإسرائيلي بمغربية الصحراء يسيئ للملف أكثر مما يحسن إليه، لأن اعتراف المحتل الغاصب المجرم بمغربية الصحراء يجعل المغرب والكيان الصهيوني في نظر المراقب سيان في الاحتلال والغصب والإجرام.
وتعطى المشروعية لخصوم المغرب ممن يقارنون الاحتلال الصهيوني لفلسطين باحتلال المغرب للصحراء، فتسوغ لهم مقارنتهم لاحتلال فلسطين باحتلال الصحراء في قناعتهم، على مستوى اللاجئين والمخيمات والجدار العازل والمستوطنات….
3- الردة السياسية والدينية
بعد أن ارتضى الله للمسلمين والمغاربة الإسلام دينا وجعل لهم محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين، تريد الصهيونية أن تجعل للمغاربة والمسلمين عامة دينا جديدا جامعا لكل الأديان في زعمهم، وهو الدين الإبراهيمي نسبة لإبراهيم عليه السلام، قال تعالى: “مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ”، والذي أفتى علماء الأمة أنه تحريف وردة، وهو الدين الذي تريد الصهيونية أن تُخضع رقاب المغاربة له، بإدخالهم في حلفه وعقد قمته الثانية على أرضهم.
3- التشبث بالسراب
فشهادة المطعون في شهادته، المعلول في ذمته، المعدوم في وجوده، شهادة معدومة، هي والعدم سواء. والتشبث بها كمن يتشبث بالسراب، ويرتهن للوهم، خاصة عند استحضار مكر المحتل وغدره واحتياله، ويكفي تلكؤه عن الاعتراف لأكثر من سنتين ونصف، وطعنه لحلفائه في يوم الإعلان عن التطبيع بنشر خارطة المغرب مبتور منها الصحراء الغربية، في الوقت الذي يشيد فيه المغرب باعتراف أمريكا بمغربية الصحراء.
4 – تنكر لتاريخ المغرب
تنكر لتاريخ المغرب والمغاربة الذين كانوا مرتبطين بالقدس وجاهدوا من أجل تحريرها مع صلاح الدين، ومات جنوده على هضبة الجولان حرقا من طرف جيش الاحتلال دفاعا عن القدس وفلسطين.
كما هو تنكر لمواقف الشعب المغربي المتضامن مع الشعب الفلسطيني المضطهد والمندد بالاحتلال الصهيوني وجرائمه، والتي عبرت عنها المسيرات المليونية والوقفات الوطنية المشهودة وجمعات الغضب. لتوهم الرأي العام أن التاريخ قد طوي وأن المغاربة قد أداروا ظهورهم لإخوانهم الفلسطينيين، ولكن ستكشف الأيام أن المغاربة ما خانوا وما خذلوا، وأن المطبعين صوت نشاز سيمجه الشعب الحر الغيور، وإن المظاهر خداعة.
5- الملحق العسكري مزيد من التشويش والابتزاز
ومما يزيد الوضع تعقيدا ويبرز خبث وابتزاز المحتلين الصهاينة، هو تزامن هذا الاعتراف الوهم بتعيين كيان الاحتلال لملحق عسكري بالمغرب، ذو مهام استخباراتية عسكرية تتجاوز مكتب الاتصال الصهيوني بالرباط إلى علاقات ومهام أعقد وأخطر على المغرب وقضاياه، وعلى الأمن والسلم بالمنطقة.