بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبي المجاهدين والشُّهَدَا، الذي جاءنا هدى ورحمة وخطّ لنا سبيلا رَشَدا، وعلى آله الطاهرين وصَحْبِهِ العُمَدَا.
أحبتنا شباب المقاومة في غزة العزة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السلام على قلوب الشوق وأفئدة التوق، السلام على سواعد العز والطُّهْر، وقامات المجد والفخر، السلام على خيرة الإخوان، وموكب عشاق الرحمان، السلام على من قدموا بين يدي ربهم براهين الصدق والوفاء، ومحَّصوا الرضى بأقداره حين صبروا وتصبّروا على البلاء، وامتحنوا قصدهم فلاحت ثمار عمق الولاء، من اجتباهم المولى للقيام بالحق في وجوه الجبابرة، وأوقفهم شهداء بالقسط وسط أمة نخرها الوهن والخيانة المتواطئة. ورزقهم حسن التوفيق، ورجاحة التحقيق، حين هبوا لنجدة أرض المسرى، وانتفضوا لكرامة الأسرى، متخفّفين ممّا يقعد أو يثبّط، متحلّلين من ربقة من يزري به القعود فتراه استسلم ذليلا خانعا بائعا للأرض والعرض والدين.
هي كلمة إجلال وإكبار من إخوانكم في المغرب الأقصى، كلمة باسم شباب جماعة العدل والإحسان، وباسم الشبيبة المغربية المتطلعة إلى رؤية غد التحرر والحرية، غد دحر الاحتلال الصهيوني وتحرير المسجد الأقصى، وعد من الله تعالى غير مكذوب، صادق الوعد ومنجزٌ ما وعد به سبحانه دينا راسخا ويقينا لا يتزعزع، ومن أصدق من الله قيلا.
هي رسالة تحية واعتزاز، ورسالة أخوة وإيمان، ورسالة عهد ووفاء، أن نظل مستمسكين بحبل هذا الدين، ساعين ما أوتينا جهد الله وتوفيقه، إلى نصرتكم وإسناد مقاومتكم وجهادكم، لأنكم تخطون معالم مضيئة في عالم مظلم، لولادة متجدّدة تنتظرها الإنسانية، دلالة على الخالق الرزاق، وبسطا في الرزق، وحفظا للكرامة. لأنكم على خط إيماني إحساني أصله حمل النفس على ما تكره، وثماره تلك الصفقة المباركة التي عقدها المولى الكريم حين قال: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة. فبشرى لكم إذ كنتم عنوانا للصفقة في هذا الزمن، وطوبى لمن فهم المعنى، ولزم اجتهاد ثغره، هناك في أرض المسرى سعي متوثِّبٌ قاصد، عُمْلَتُه الحياةُ ضربة لازب، وهنا النية معقودة على مقاومة التطبيع وفضح المطبعين والمتصهينين ممن يبيع الأمة بأبخس الأثمان.
وإنها لفرصة عظيمة، أن تكون الذكرى الثانية عشرة لرحيل إمامنا عبد السلام ياسين رحمه الله وجزاه عنا وعن المسلمين كل خير، مناسبةً لنخاطبكم بهذه الرسالة. هذا الرجل الذي غرس فينا حب القضية الفلسطينية، وتبث الفهم العميق لها ولأبعادها، وعمل طول حياته على ترسيخ الرؤية الإسلامية الأصيلة لمعالجتها، تخليصا للعالم من روح الصهيونية وشرها، وحمايةً للأمة والإنسانية من مكرها وعدائها وإجرامها. وجعل مدخل ذلك هو الاستعداد والتأهب الدائم لمواجهة ومقاومة المتربصين وأذنابهم بيننا، وعيننا على غايتنا الغالية العزيزة: الفوز بالله، وتخليص النية له وحده سبحانه، مُكْثِرينَ من ذِكْرِه، حريصين على أُمَّة نبيه ودَعْوَتِه، لا نكفُّ عن بث روح هذا اليقين في قلوب الشباب كي ينهض من جديد، ويتلمّس طريقه مهما ادلهمّتْ من حوله الخُطوب، أو تشابكت أمام ناظرَيْهِ سُبُلُ التَّيْهِ ودعواتُ الهزيمة والهروب، كما لا ننفكُّ نبُثُّ إيماننا بوحدة المصير، ونزرع خطواتِنَا فَتْلًا في حبل توحيد الأمّة، وتقوية مناعتها ضد دعاوى التفتيت وألوية التشتيت. نهوضا يقظا من طول سبات، وحياة متجددة بعد وُشْكِ موات.
أحبتنا في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس!
آواكم الله، ونصركم، وسدد رميكم وخطاكم، وأدام الله عليكم توفيقَه ومَدَدَه، وجعلنا مُقْدِمين غير محجِمين، ناصحين داعين، غير هيّابين ولا ملتفتين، مُسْنِدين لكم غير متولّين ولا منتكسين، واصلين حبلَ الله معكم محبةً ونصرةً ووفاءً حتى مطلع النصر، واقفين بباب الله عبيدا جائرين مفتقرين، خاضعين متحيّزين للحق وأهله حتى يأتيَنَا اليقين.
ورحم الله سادَتَنا، الشيخَ المجاهدَ -الكرامة في ذاته وفعله- سيِّدَنا أحمد ياسين وإخوانَه أهل السبق والفضل والجهاد والصدق، على رأسهم مؤسسي كتائب العز والنصرة، وقادة الحركة الأشاوس، وشهدائها الأبرار في معركة طوفان الأقصى، الشهيد القائد يحيى السنوار، والشهيد القائد إسماعيل هنية، والشهيد القائد صالح العروري، وسائر أقمار قافلة الأبرار.
هذه كلمتنا ومسارنا وسبيلنا، وعلى الله توكلنا، وإليه أنبنا، وفقنا الله وإياكم لبذل دقائق أعمارنا في سبيله سبحانه، على خطى نبيه عليه السلام وآله وصحبه وإخوانه المجاهدين الراشدين، والحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.