يزاوج الإنسان على هذه الأرض بين العبادة الفردية التقربية إلى الله تعالى وبين العبادة الاستخلافية التي هي برهان للأولى، قال تعالى في سورة الذاريات وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وقال سبحانه وتعالى في سورة البقرة وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة.. فكلما تدرج الإنسان في القرب وعى مفهوم الاستخلاف وأتمه على الوجه الأكمل. وقد يتناسى هذه المعاني ويتيه تيه الغافل الفاقد للبوصلة، وعوض الترقي في الإيمان والوقوف على باب الله، واستنهاض الهمم لعمارة أرض الله بما يرضي الله، تتقاذفه الأماني وتجره العوائق الى قاع التراب، ولينهض وينفض عنه غبار القعود، يهيئ الله له الأحوال وينعم عليه بالعطايا الجزيلة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا. رواه الطبراني
ورمضان نفحة ربانية تزيل عنك لفح حر المعاصي والذنوب ولهيب شر النفس التي تذيب معالم الخير الدفين في القلوب فبتعرضنا لهذه النفحة، يهب صباها إلى الروح لينعش دواخلها ويذكرها بأن الغاية الله والملتقى عند الله.
ورمضان فرصة إلاهية يعيننا فيه الله سبحانه وتعالى ويخفف علينا عوائق الطريق حتى نقطع مسافات قياسية بروح براقية في زمن محدود. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أول ليلة من رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي مناد يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة.
ورمضان للخير عنوان حيث أن الإنسان تتجلى له نفسه كل التجلي ليمحصها ويعرف طينتها فإن كان فيه خير أقبلت ولبت وأطاعت وإن كانت غير ذلك نكصت وزلت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جبريل عليه السلام أتاني فقال” من أدرك شهر رمضان، فلم يغفر له، فدخل النار فأبعده الله، قل آمين، فقلت آمين” الصحيح المسند.
فإن كنت تنشد الخير عنوانا فروِّض نفسك وألجمها حتى تطوع وتذوق حلاوة القرب وجمال التقرب..
رمضان دعوة ملكوتية لمائدة ربانية فلنشمر على السواعد ولننهض الهمم ولنشعل فوانيس قلوبنا فنواميس الكون كلها تعيننا فهذه الأرض تزينت، والسماء ابتهجت أساريرها فرحا بقدوم شهر العبادات. فلنر الله من أنفسنا خيرا ونقم الخير ونعن عليه.
رمضان للخير عنوان
نشر بتاريخ
نشر بتاريخ