سرقة موصوفة

Cover Image for  سرقة موصوفة
نشر بتاريخ

   كانت المرأة و لازالت محط بحث وتصنيف لم ينته عبر الزمن, اختلف حول ماهيتها الشعراء والمفكرون والفلاسفة وكذا رجال الدين-صنفها كل واحد منهم حسب منظوره – وكلنا سمع أو قرأ عن ذلك، فهي إما خادمة، أو أثاث يورث، أو شيطانة خلقت لغواية الرجل و إبعاده عن النعيم، تلكم كانت النظرة العامة للمرأة لقرون خلت حتى جاء سيد الخلق الرحمة المهداة وجاءت دعوته للعالمين ليضع كلا في مقامه، حيث كرّم المرأة وأعلى مقامها  فصارت بذلك مكملة للرجل متكاملة معه، حُضنا للأجنة، مربية للأجيال وصانعة للرجال، أضحت بذلك المرأة حافظة للفطرة بما حفظ الله، فحتى خلقها و خلقتها جُعلتا آية للعالمين؛ فكيف لمخلوق ضعيف البنية,رقيق بحنوه أن يكون محور الأسرة و حافظا لأساس الأمة؟!!
 ما عاشته المرأة في زمن النبوة وزمن الخلافة الراشدة–في بضع سنين- كان حلما عابرا ما لبثت أن استفاقت منه لتسرق منها للمرة الثانية وظيفتها وتتراجع مكانتها في صدر الأمة وتعود بذلك  لسالف عهدها تقبع داخل زنزانة بيتها لا خبر لها عن أي خبر، ولا دور لها وسط الأدوار، ولا يد لها في تربية أبنائها إلا من حيث هي مطعمة وكاسية ومنظفة ليس إلا، لم تعد تلك المرأة التي يٌرجع إليها لأخذ المشورة أو إيجاد الحكمة التائهة بل بالعكس تماما أصبح اسمها مرتبطا ارتباطا شبه لصيق بكل ما له علاقة بالمكر و الخديعة وتدبير المكائد والنميمة و الغيبة و التفرقة بين الناس وما إلى ذلك من صفات تلبّست بالمرأة فلبِستها هي حتى صارت مرادفة لها.. والطامة الكبرى هي أن المرأة نفسها تقمصت تلك الشخصية التابعة وورثتها عبر الأجيال حتى أضحت هي ذاتها من تتهم نفسها بالنقص و الدونية وعدم الأهلية وباتت بذلك بعيدة عن تشوّف المراتب العليا خاصة في سلوكها إلى الله، وبذلك نسيت حتى أن لها حقا ينتظر انتزاعه.
لعب “علماء” الفقه المنحبس الدور الرئيس في تراجع المرأة ومحوريتها في المجتمع حين أوّلوا بعض الأحاديث المروية عن المرأة و ألصقوا بها النقص والجهل وأعطوها المرتبة الثانية بعد الرجل الذكر وقيدوها بأحكام جائرة بدعوى درء المفسدة الصغرى بالمفسدة الكبرى. أية مفسدة ؟!!
سرقة موصوفة و جريمة مكتملة الأركان تلك التي جعلت مخلوقا كرّمه الله تعالى وأمّنه على أجيال من عباده، ناقصة محبوسة منتزعة الإرادة منقطعة عن التفكر و التفقه في الدين واكتساب مختلف العلوم الكونية مثلها مثل الرجل بدعوى أنها فتنة.أية فتنة !
 وجدت المرأة نفسها في مفترق طرق وعر…عليها أن تختار بعده الطريق الأسلم فافترقت المرأة إلى نماذج ثلاث: امرأة  اختارت الطريق الأسهل و بقيت كما هي راضية بوضعها سالكة الطريق الذي رُسم لها.مستضعفة ساذجة، وامرأة على النقيض تماما آثرت التمرد على كلّ شيء فقطّعت جميع الحبال التي تربطها بأنوثتها متشبهة تشبها شبه تام بالرجل مجارية ومحاربة له متفسخة من كل ما من شأنه أن يقيد “حريتها ” بما في ذلك دينُها لتخرج من جاهلية كانت فيها مفعولا به  لجاهلية أكبر اختارتها عن طواعية.
وامرأة فطنة قوية قالت لأخواتها تعَالين بنا نؤمن ساعة تكون فيها الوجهة الله و يكون القصد الله و المعبود هو وحده، نعود إلى ربنا، نتشوف معا المقامات العلا عنده، نحوز فيها الكمال من جميع أطرافه لنعود إلى محل رباطنا وثغر جهادنا في قلب الأمة نتكامل مع إخوننا من الرجال…نستعيد مكانتنا بالحكمة و التسرب الرفيق، رفقا و رحمة بنا و بالأمة فالمرأة مستضعفة كما الأمة كذلك، ولا نستبدل ظلما بظلم. امرأة فائزة فطنة.