كانت المرأة وما تزال وستظل صمام أمان وطوق نجاة للبشرية بكل تلاوينها، وركيزة أساسية من ركائز المجتمع؛ تنشئ أبناءه من جيل إلى جيل، وتساهم في البناء لبنة لبنة، في حركة دائبة؛ عملها بلا عطلة، مجالات اشتغالها ممتدة بلا حدود لا ترتبط بمناسبة أو أجر، لكنها تتطلع لاعتراف وتقدير يحفزها على المزيد من العطاء، وإنصاف يخرجها من دائرة الإهمال. إنها رائدة زمانها بلا منازع.
عالية الهمة، محررة الإرادة، آخذة بزمام المبادرة، متسلحة بالعلم والمعرفة، متصفة بالحكمة، خادمة للإنسانية، متضامنة مع المستضعفين. يلجأ إليها الرجال زمن الأزمات، على صدرها الحاني تؤخذ شحنات من الأمن والأمل والاطمئنان، بتدبيرها المحترف للبيت تحقق نوعا من التوازن الاقتصادي والاستقرار النفسي لأهل بيتها، مساهمة في استقرار المجتمع، فاعلة فيه.
تنشئ جيلا مؤهلا نفسيا وعقليا وقيميا واجتماعيا، تربي نوعية تتناسب مع طبيعة المرحلة، بمعنى أدق؛ تنشئ جيلا متشبعا بالقيم، قادرا على الصمود في وجه القيم المضادة التي اكتسحت عالمنا اليوم، وهي بذلك تساهم في التغيير من الأساس. فهي المربية، والأم، والزوجة، والابنة البارة، وهي الطبيبة، والمعلمة، والمهندسة، والكادحة عاملة، والمعيلة إذا ضاق عليها الزمان وتخلى عنها المعيل ولم تنصفها سياسات عمومية.
مما لا شك فيه أن المرأة المغربية اليوم تتعدد أدوارها ومسؤولياتها، وتبعا لذلك تتعرض لأنواع من القهر والاستغلال لحد الاستنزاف. واقع تصادر معه حقوقها الطبيعية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، مما يجعلها تتطلع لإنصاف يحررها من العجز والتبعية، تتحسس طريقها إليه.
تعاني المرأة الأمرين في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد، وغياب بيئة ملائمة اجتماعيا وسياسيا، تفتقر لأدنى شروط الكرامة الإنسانية، ولحماية اجتماعية توفرها لها مؤسسات الدولة والتي من شأنها أن تجعل كرامتها خارج دائرة التفاوض. فالمرأة والإنسانية يشتركان في المصير؛ فمن جهة لها دور طلائعي في بناء الأمة والحركة الإنسانية، ومن جهة أخرى يجب أن لا يجردها هذا الدور من إنسانيتها التي كرمت لأجلها.
إنها حقا رائدة، لم يحبطها التفكير المجتمعي الذي يجعلها في كثير من الأحيان شخصا من الدرجة الثانية، ولم يعجزها فقه حل محل الشرع ليحبسها بين الجدران باسم الدين، والحال أن الدين الإسلامي منحها من التكريم ما يجعلها تصل لمرحلة الدلال، وما لم تمنحها الشرائع الأخرى.
دمت شامخة طموحة معطاءة، فأنت حقا رائدة.