بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لرحيل الأستاذ المجاهد أحمد الملاخ…
كان سيدي أحمد رحمه الله في بداية الثمانينيات من القرن الماضي يتقن التواصل البيداغوجي مع أبناء الحركة الإسلامية بشتى مرجعياتهم المذهبية والفكرية والحركية، فينصحهم باغتنام فرصة وجود رجل يحب لهم خير الدنيا والآخرة، على أن يسترشدوا بمنهاج نبوي يفتح لهم آفاق العلم والعمل لبناء مستقبل الإسلام الموعود بتربية الأجيال الصاعدة تربية إيمانية إحسانية.
لكن كثير امنهم كانوا يستصغرون ما كان يعرض عليه من خير، لأن أصحاب العرض غرباء وقلة مستضعفون، وقريبو العهد بالاختطاف التعسفي والسجن، مع إغماض العينين “الباندا”، بمعتقل درب مولاي الشريف الرهيب.
إن حدثك سيدي أحمد الملاخ عن سيدي عبد السلام ياسين رحمهما الله، ففي حديثه ما يميزه من وقار وهيبة ومحبة لرجل بذكره تتنزل الرحمات، وتتجدد العزائم، وتفتح بمحبته مغاليق القلوب والعقول، وتنعتق الإرادات المشلولة من وهم القعود عن رفع راية القرآن. إنه يحدثك عن رجل سكن حبه قلبه، إنه حديث خبير مجرب ذاق وعرف، رجل عسّله الله بحب أوليائه الصالحين.
وأنت تنظر إلى قسمات وجه سيدي أحمد الملاخ، تنظر إلى برهان صادق في الصحبة ينظر إليك ويقيم الحجة عليك. برهان من لم يقتحم العقبة إلى الله في دفء الصالونات الأدبية، والمنتديات الثقافية، ومنصات الترف الفكري، بل في مواطن لا يقدرها حق قدرها إلا من عاشها، مواطن البطش والتنكيل بمن يشم منهم رائحة “لا” لنظام الحسن الثاني. فما بالك بنصرة وتأييد مجدد مجاهد بقلمه يصدع بكلمة حق ويشتهي الشهادة في سبيل الله، ويعرض “النصيحة المشروع”: “رسالة الإسلام أوالطوفان” في العالمين على من لا يحب الناصحين!
ستظل نصيحة الشهادة بالقسط خالدة مقيمة الحجة على كل من يحاصر دين المسلمين. نصيحة الدعوة إلى توبة عمرية تفتح أبواب الرحمة على كل من استيقظ من سبات غفلته عن الله، وظلمات ظلم عباد الله، وقام لله يرجو الحسنى والنظر إلى المولى.
ما زالت النصيحة حية تذكر بذكر الناصح وطابعي النصيحة “سيدي أحمد الملاخ وأخيه سيدي محمد العلوي” والمنصوح له رحم الله الجميع.
اللهم ارحم سيدي أحمد، من له فضل كبير على أبناء مدرسة العدل والإحسان، وخصوصا الرعيل الأول حديثي العهد بتجربة صحبة الولي المرشد.
بذل سيدي أحمد، رحمه الله، وقته وجهده بل حياته في سبيل تبليغ خطاب جديد في الساحة الدعوية لا قبل للعاملين في حقلها به! وصبر على غرس معاني صحبة سيدي عبد السلام رحمه الله، لأن غالبية الوافدين على أسرة الجماعة، وهو اسم “جماعة العدل والإحسان” سابقا، نسبة إلى أسرة تحرير مجلة “الجماعة”، ومن كانت لهم قابلية محبة الدال على الله، يسقطون على سيدي عبد السلام ما أسست له المدارس الصوفية من آداب يلتزم بها تلامذة شيوخ التربية، وفهم للسلوك إلى الله وعقباته ومقاماته، يهدف إلى تحقيق الخلاص الفردي لطالب الإحسان ليس إلا، لكن سيدي أحمد رحمه الله كان له وعي راشد بخصوصية صحبة سيدي عبد السلام رحمه الله ومقتضيات السلوك الجهادي الجماعي، وطرائق تجديد الإيمان، ونواظم بناء الجماعة الجامعة بين المطلبين: العدل والإحسان.
كان سيدي أحمد رحمه الله يحدث في لقاءاته كل من يحمل هم الدعوة، على فقه المنهاج وشرح المقصود من القراءات الجهادية والإحسانية للكتاب والسنة الواردة في كتب سيدي عبد السلام، قبل تأسيس جماعة العدل والإحسان وبعد التأسيس، وكان أسلوبه التحليلي لأوضاع الأمة، وضرورة بناء الطليعة المربية غريبا في تلك الفترة على شباب الدعوة، المعجبين بالتنظيمات السرية المشرقية السنية والشيعية، والمدارس الوهابية المحتضن بعضها في تلك الفترة من طرف المخزن.
اللهم ارحمه رحمة واسعة ونفعنا الله بعلمه وحلمه ومحبته.