أخي العزيز محمد شفيق،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما بال الرسائل بيننا تتباطأ إلى ثلاثة أشهر؟ شكوت إلي تسكع كلمتي إليك ثلاثة أشهر؟ ووصلتني بطاقتك اللطيفة بخطك الذي يُخجل خربشتي هذه في الأجل المعتاد. لكن رسالتك الحوارية المؤرخة بالعشرين من شوال 1415 الموافق 21 مارس 1995 لم تصلني إلا اليوم الرابع عشر من يوليوز. وعلى غلافها طابع البريد بتاريخ 13 يوليوز. ففي أية سراديب استخبارية تُدووِلت الرسالة الكريمة؟
أشكرك على عنايتك، ويزيد من فرحي أنك الديمقراطي الفاضل الوحيد الذي كتب إلي. تصفو المودة -وما بها كان يوما من كدر- فتملي من خلال كلماتك بنبرة الصدق ما يختلج من هموم نحن فيها مشتركان، وما يطرق من توجسات نحن منها على خيفة.
الذي أفرحني حقا وصدقا أن مكاتبي رجل مؤمن بالله ورسله، يستشهد بكتاب الله ويبجل كلمات الوحي. هذه عندي بُشرى كبيرة أن الشاب محمدا الذي عرفته، أول ما عرفت، في ردهات وزارة التعليم تقدم في الحكمة مثلما تقدم في السن. لم تنل من وضوح فكره ملابسات الأيام، ولم يلتفت عن الوِجهة التي كان مُوليها عندما كنت أسائله ويسائلني في القرآن وقراءته وتلاوته.
في ردهات وزارة التعليم أنِستُ إلى رفيق أكتشفه مرشحا مثلي للامتحان الشفوي أمام لجنة «كونيون» والسليماني رحمه الله. أكان كونيون أم غيره؟ أتذكر تلك الأيام؟ أتَذَكَّرُ أنا جميلَك إليّ حين لقّنتني على باب قاعة الامتحان بعض المعطياتِ في الجغرافيا والتاريخ، وكنت جئت صفر اليدين منها.
ثم تمتنت الروابط الودية الحميمة على مدى بضع عشرة سنة. فأنت، مخاطبي العزيز الديمقراطي الفاضل، صديق قبل كل اعتبار. وأنت أقرب من عرف طبعي ومناحي تفكيري ومعايب شخصي. فالحوار معك إنما هو تجديد لعهد، وتوثيق لرابطة، قبل أن يكون مطارحة فكرية سياسية بين رأيين قد يتفقان وقد يختلفان…
فرحي بما تضمنته رسالتك من تأكيد، وما صرحت به، من الشهادة الثابتة الراسخة بالإيمان والوَلاء الكامل لله ورسوله فرحاً ذا بعدين إن صح هذا التعبير. فرحاً لأخ طالما ناقشني وناقشته في معاني الإيمان. وفرحاً أن وجدت مدخلا نورانيا إيمانيا إلى قلب الدعوة الأمازيغية وصدرها وبُؤبؤها.