اعتدت أن أراه جالسا القرفصاء يتأمل وجوه الآخرين تحت ظل شجرة. كلما مررت من هنا. حتى انطبعت صورته في ذهني مثل لوحة معلقة على جدار في بيتي.
لكن هذه المرة.
إحساس يخالجني أن شيئا ما قد تغير.
بحثت ونقبت.
فإذا بالشاب قد ترك المكان.
هرعت نحو أمه، سألتها:
أين هو؟ ما الذي حصل؟
أجابتني: لقد انتفض.
غادرت المكان وأنا أتساءل: ما الذي أشعل اللهب في الفحم الخامد؟
بعد فترة مرت من الزمن.عدت وكلي شغف لأعرف السبب الحافز.
ما إن لمحته حتى سألته، فلم ينطق ببنت شفة.
توجهت نحو أمه بالسؤال، فأشارت إليه. فهمت أن لسان الحال يغنيني عن السؤال، هو إذن تأسي بالسيدة مريم عليها السلام، لما سئلت عن سيدنا عيسى عليه السلام، نذرت لله صوما عن الكلام، فأشارت إليه. أجابت معجزاته عن تساؤلاتهم.
هي سنن الله تعالى ثابتة مهما تغيرت الأزمنة والأحوال.
الإنجازات تفحم من يسأل عن المسببات، حمت بنظري حوله، فوجدت: خطة قد وضعت، وأهداف قد سطرت، وإمكانيات قد رتبت، لمحت عيني شخصية قيادية مفعمة بالنشاط، أبت أن تبقى تنظر أن يفعل بها ولا تفعل، متوكلة، معتمدة على نفسها، قوية، حيوية، مدبرة، مستقلة، منظمة، مستقيمة، صادقة، أمينة ونزيهة.
لقد كان طيف النجاح يحوم حوله، وما استشعره إلا لما استوعب أن:
– عدم تقدير الذات.
– الخوف من الفشل.
– ضعف العزيمة.
مثلث بيرمودا الذي يهدد نجاحه ويتوعده بالغرق.
إذن أنت كذلك امسح هذه المنطقة من خريطة تفكيرك فهي قوة مدمرة تجرك لتصير كومة من حطام على شاطئ الحياة، وحتى إن خانتك الدفة كن مرنا وغيّر الاتجاه.
احترمت صمته، ألقيت عليه التحية، وودعته واعدة إياه أن تصير خطوته هذه علما لمن يريد أن يسير على الدرب.