امْخُرْ تراب الأرض واكسِرْ صخرَها
واخرجْ على باغٍ يضاجعُ ظهرها
لا لستُ أعني من عنيتَ فكلهمْ
يا فارس الأنفاق يَهتك سترها
اعبرْ حدودا لا يُعَرِّفُها الثرى
وارمِ الذي باع العروس ومهرَها
وافسِخْ جوارا لا يُعَدُّ لجَنةٍ
واقلعْ جذورا لا تقاوم حَفرها
ابدأ بخادمها وسَادِنِها ومَنْ
يحمي المدينة أنْ تُحرر شبرها
واعبُرْ على الآبار جَفِّفْها فلمْ
تُغذقْ على الأوطان إلا فقرَها
اعبَثْ بشيخ لا رعية حوله
والأرضُ أصغر أن توَفر قَصْرها
واعبر على الفرعونِ عَطّرْ قَبره
قد كان أرحمَ، لمْ يُعَقِّرْ مِصرها
يا فارس الأنفاق عِرضُك عِرضُنا
والأرضُ أرضك خُذْ وطهِّرْ عُهرها
إن كان للغزو الفضاءُ فللحِمى
أرض تقدِّر للضرورة قدْرها
لمّا سقيناها الدماء تضوعت
دُررا من الأزهار تنثر عطرها
أمٌّ تقول، وقد رأيتُ بناظري
معنى الأمومةِ حين أوفت نذرها
وسمعتُ أن عقيقة قد أعلِنت
هلاّ أتيتَ معي نعاين عَقرها
سترى دموعا في عيون لمْ تذقْ
للأرض طَعما فلتجَرَّعْ مُرَّها
سترى ذواتا لن ترى الإنسان في
ظُلل من الأشباح تُسكر سُكرها
اسكبْ عليها مِن لظاك لتكتوي
مما اكتويتَ ولا تشيّدْ قبرها
الأرض تلفِظها وتلفِظ دمعها
فاربأْ بنفسك أن تغاليَ سِعرها
اخسف بناقلة وحافرة وما
ألفيتَ من حَطب يسَعِّر جمرها
وإذا ظفرت بمن أسرت فقل له
الأرض مُلهمتي أتَذْكُرُ أسْرها
الأرض تحضنني لحُبي حضنها
هي وحدها من أورثتني سِرها
بالأمس أعطتني حجارتها وها
هي ذي تطاوعني لأسبر غورها
لما ضجِرت بمن يحلق فوقها
اْستأجرت بالشهداء أخطب فخرها
والحمد لله اعتليت ثنيتي
لما حفرت الأرض أسأل بدرها