سجل الأستاذ مولاي رشيد الإدريسي؛ بخصوص الدخول المدرسي لموسم 2024/2025، أنه “لا يمكن فصله عن السياقات العامة البنيوية التي تعيشها المنظومة التربوية في المغرب”، التي اعتبر أن “أبرز عناوينها الفشل، وأبرز مؤشراتها العديد من الاختلالات الحكامية والإدارية والتربوية المكرسة لواقع الأزمة رغم شعارات الوزارة التي توحي من خلالها الدولة باستقرار المنظومة التربوية وتطورها، وهو ما تكذبه التقارير الدولية والمحلية والتي تصنفها في أسفل ترتيب الأنظمة التربوية دوليا وإفريقيا وعربيا”.
وأضاف عضو المكتب الوطني لقطاع التربية والتعليم لجماعة العدل والإحسان، في تصريح لبوابة الجماعة، بعد أن وجه التحية لنساء ورجال التعليم على العودة إلى فصولهم وتمنى النجاح والتوفيق لجميع التلاميذ، أن الدخول المدرسي هذه السنة يتميز أيضا “بارتباطه بالسياق الخاص بمخرجات الحراك النضالي التعليمي السنة الماضية، وبتنزيل مقتضيات النظام الأساسي الجديد والاتفاقات الموقعة مع النقابات”.
ولفت الفاعل النقابي إلى كون المتتبع “لا يحتاج إلى كثير جهد وعناء من أجل رصد مجموعة من الاختلالات التي تحتاج إيلاءها الأولوية في المعالجة بمقاربة نسقية وتشاركية”، ذكر منها:
– “الخصاص المهول في الأطر التربوية، رغم اعتماد الوزارة على نظام التوظيف بالتعاقد، وما خلفه من ضحايا وإكراهات، لا زالت العديد من الأقسام بدون مدرس، ثم الخصاص الكبير في الأطر الإدارية أو ما أصبح يطلق عليهم في النظام التعليمي بالمتصرفين التربويين، وهو خصاص يعمق الأزمة كثيرا، فلا تخلو مديرية من نقص في هذه الفئة والتي سارعت إلى حلول ترقيعية من خلال تكليف مدراء مؤسسات بتسيير مؤسستين إلى ثلاث مؤسسات في بعض الأحيان، ولا يخفى على المهتم – فما بالك بالخبير في الشأن التربوي – ما يخلقه هذا الخصاص من أزمات على اعتبار مركزية المتصرف التربوي في المنظومة”.
– “الفساد المالي الذي أزكمت رائحته الأنوف من خلال الصفقات المشبوهة، وهي موارد غالبا ما تكون عبارة عن قروض مالية من مؤسسات مالية دولية، والتي تزيد من تجذر الأزمة وارتهان المدرسة لهذه المؤسسات، ومعها فقدان سيادة القرار التربوي”.
– “الغموض الكبير الذي ما زال يلف ملف الالتزامات التي قطعتها الوزارة مع المركزيات النقابية بعد الحراك التعليمي السنة الماضية، والذي انتزعت من خلاله الشغيلة التعليمية مكتسبات ما زالت تنتظر إصدار قوانين ومراسيم تنظيمية”.
– “الارتجالية في حسم الخيارات التربوية من خلال الانفتاح على تجارب تربوية جزئية ومجتزأة من سياقها الخاص؛ (tarl) نموذجا”.
– “كابوس الهدر المدرسي وحرمان العديد من التلاميذ من انطلاق عادي لموسمهم الدراسي، في بلد تلتهم آلة الهدر سنويا 300 ألف تلميذة وتلميذ، وهو مؤشر يدل على عمق الأزمة في المدرسة المغربية، وقد يكون التوقف عن توزيع المليون محفظة رغم ما يسجل عليها من ملاحظات مؤثرات في ظل ضعف القدرة الشرائية للمواطنين ولا سيما الطبقات الهشة والفقيرة”.
وخلص الإدريسي إلى أن “الدخول المدرسي لهذه السنة وهو يجتر خيبات السنوات الماضية، ويحمل في سيرورته أسباب استمرار الأزمة، لا يمكن أن نعقد عليه آمالا كبيرة لتحقيق النهضة والإسهام في إرساء أركان التنمية المستدامة”.
وعدّ ما ذكر من اختلالات “بعض الملامح للتحديات التي أمام المنظومة هي على سبيل المثال تضاف إلى المنهاج والكتاب المدرسي، وثنائية المدرسة العمومية والخصوصية، والمدرسة الرائدة وغير الرائدة”.
وأكد على أن الإقلاع التربوي التعليمي في المغرب يظل “مؤجلا إلى حين توفر الإرادة السياسية الحقيقية للتحرر والإقلاع التنموي وبناء دولة العدالة الاجتماعية”، وهذه الإرادة، وفق المتحدث “ما زالت غائبة. وهو ما يدعو الفاعلين المجتمعيين عموما إلى التداعي إلى تأسيس جبهة مجتمعية حقيقية للنهوض بالمدرسة المغربية وتحريرها لتقوم بالأدوار الاستراتيجية المنوطة بها”. مشددا أن “هذه الجبهة المناضلة تمثل أيضا قوة اقتراحية قوية تكون قادرة على ترجيح موازين القوى لصالح التغيير الحقيقي”. داعيا المتتبع أن يراقب ما يقع في كليات الطب من سوء تدبير من السلطة ليدرك حجم الكارثة وحجم المسؤولية المنوطة بالفاعل المجتمعي.