رمضان اسم للشهر التاسع من شهور السنة القمرية، يقع بين شعبان وشوال، وتسميته برمضان مشتقة من الأحوال التي كانت سائدة وقتذاك في الجاهلية، وهو مأخوذ من الرميض كما قاله الخليل بن أحمد الفراهيدي، ولما وضعت أسماء الشهور وافق الرميض، وهو شدة الحر، فسمي برمضان، وقيل سمي رمضان، لأنه يرمض الذنوب أي يحرقها بالأعمال الصالحة.
ورمضان هو الشهر الوحيد الذي ذكره الله تعالى صراحة في قرآنه الكريم، وليس هناك شهر يدانيه منزلة وقدرا عند الله سبحانه وتعالى.
يطالعنا هلال رمضان في كل عام بإشراقة الصوم، التي تجلو شوائب النفس، وتحيي العزيمة بنور الطاعة وصدق اليقين، وتوقظ الضمائر من سباتها لتستقبل هذا الشهر بالصوم والإقبال على كتاب الله مشمرة على ساعد الجد لتلاوته وفهمه والعمل بما فيه، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون.
وإن الصيام أحد أركان الإسلام الخمسة، ويجب على المسلم أن يعرف أركانه وسننه وآدابه، ليؤديه على الوجه الأكمل والمطلوب شرعا، ليفوز بالقبول والمغفرة والرضوان لأن العبادات لا يتم قبولها ولا ترفع عند الله عز وجل، إلا بالعلم النافع والعمل الصالح الخالص لوجهه الكريم قال تعالى: إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم”.
الاستعداد لرمضان والفرح بمقدمه
يتبين من خلال الأحاديث النبوية الشريفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ استعداده لرمضان من شعبان عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان”، وعن عبد الله بن شقيق قال: “قلت لعائشة: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرا كله؟ قالت: ما علمته صام شهرا كله إلا رمضان”.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كان النصف من شعبان، فافطروا حتى يجيء رمضان”، وفي رواية أخرى عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا صوم بعد النصف من شعبان حتى يجيء شهر رمضان”.
واختلف العلماء في الحكمة من إكثاره صلى الله عليه وسلم صوم شعبان فقيل: كان يصنع ذلك لتعظيم رمضان، وورد في ذلك حديث عن أنس رضي الله عنه قال: “سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصوم أفضل بعد رمضان قال: شعبان لتعظيم رمضان”، وقيل: الحكمة في ذلك أنه يعقبه رمضان وصومه مفترض، وكان يكثر من الصوم في شعبان قدر ما يصوم في شهرين غيره لما يفوته من التطوع بذلك في أيام رمضان. قال الحافظ ابن حجر: (والأولى في ذلك ما جاء في حديث أصح مما مضى أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة عن أسامة بن زيد قال: “قلت يارسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم” ونحوه من حديث عائشة عند أبي يعلى، لكن قال فيه: “إن الله يكتب كل نفس ميتة تلك السنة، فأحب أن يأتيني أجلي وأنا صائم”، ولا تعارض بين هذا وبين ما تقدم من الأحاديث في النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، وكذا ما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني، فإن الجمع بينهما ظاهر بأن يحمل النهي على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده)، يشير بذلك إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا تقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين إلا رجل كان يصوم صياما فليصمه”. وفي رواية أخرى: “لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوما كا يصومه أحدكم”. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره” تعني يتكلف في عد أيام شعبان استعدادا لصوم رمضان.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستبشر بقدوم رمضان، ويستبشر معه الصحابة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أتاكم شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم”، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا كل محروم”.
واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وبصحابته رضوان الله عليهم يجب على المسلم الخالص الإيمان أن يستقبل شهر رمضان استقبالا حسنا وأن يستعد للصوم بالتوبة واجتناب الزور وإخلاص النية ومواساة الفقراء والإحسان إلى الناس.
والصوم له منزلة كبرى في الإسلام، فقد ورد في فضله أحاديث كثيرة ترغب فيه بأسلوب باهر ساحر، فقد أضافه الحق تبارك وتعالى لنفسه تشريفا وتعظيما وبيانا لفضله على سائر العبادات، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه”.
وفي رواية لمسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل عمل ابن آدم له يضاعف الحسنة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه… “ الحديث، وفي رواية أخرى لمالك في الموطأ وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه: “كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر آمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما يشاء الله، قال عز وجل: إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به” أي أجازي عليه جزاء كثيرا من غير تعيين لمقداره.
فأعمال ابن آدم تظهر للناس، ويكون لنفسه حظ منها يتعجله في دنياه كالجاه، وثناء الناس عليه، أما الصوم فلا يعلم حقيقته سوى علام الغيوب ولذلك فلا يشوبه الرياء، ولهذا أضافه الله إلى نفسه ووعد بالجزاء العظيم عليه.
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن في الجنة بابا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد”.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صام إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.
والصيام روضة ينعم فيها المؤمن بمعية الله تعالى ومراقبته ويتشبه بالملائكة الكرام الذين لا يأكلون ولا يشربون، ولا يتم ذلك إلا باتباع سنته صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهديه والتشبه بصومه صلى الله عليه وسلم، فيستحب للمسلم أن يستعد لصوم رمضان بالتوبة النصوح واجتناب الذنوب والمعاصي ورد المظالم إلى أهلها وإخلاص النية لله عند القيام بجميع أعمال الخير وأن يقبل المؤمن على طاعة الله بهمة عالية ويواسي أهل الحاجة بما عنده، ويحسن إلى الناس كافة، ويدخل السرور على أهله وأقاربه، وأن يكثر من تلاوة القرآن والذكر ومن الاستغفار والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن للصيام آدابا وسننا يجدر بالمسلم أن يؤديها ليدرك فضيلة التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم.
رمضان شهر القرآن
يقول الله تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
لقد جاء تكريم الله لهذا الشهر بسبب نزول القرآن في ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ففيها نزل به جبريل عليه السلام جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا ثم نزل القرآن بعد ذلك منجما في بضع وعشرين سنة ليتكون منه مع السنة المطهرة نبراس لحياة المؤمن ودستور للأمة الإسلامية.
وكتاب الله تبارك وتعالى هو خير زاد يتزود به المسلم قراءة وتدبرا ومدارسة وتطبيقا وإذا كان ذلك مطلوبا على طول أيام العمر بالنسبة لكل مسلم فإنه في شهر رمضان ألزم طلبا وأحسن زادا لترسيخ أصوله في قراءة النفس وأعماق القلب حتى يكون رمضان فرصة مواتية تشد المؤمن إلى رحاب ربه وتعطيه شحنة متوقدة تقوي صلته بأحكام الله وآدابه.
وقد ورد في فضل قراءة القرآن عموما أحاديث كثيرة منها:
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه”.
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما”.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين”.
وعن عثمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه”.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان”.
فالقرآن كان ولا يزال من أكبر النعم التي امتن الله بها على عباده المسلمين، إذ يقول الله في هذه المنة: قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين، يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط مستقيم.
والقرآن الكريم هو الذي استضاء شهر رمضان بنوره منذ نزل به الوحي الأمين على خاتم المرسلين، وما زال هو القبس الإلهي الذي يفيض على شهر رمضان بالمعنى المضيء والاسم الكريم “شهر القرآن”.
وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحاقا بي فاتقي الله واصبري، فإنه نعم السلف أنا لك”، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: “كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كل عام مرة، فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض، وكان يعتكف كل عام عشرا فاعتكف عشرين في العام الذي قبض”.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كا أجود بالخير من الريح المرسلة”.
واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان الصحابة والسلف الصالح يفرون في رمضان من كل شيء إلى القرآن، وتنافسوا في ذلك، فكان قتادة يدرس القرآن في رمضان في المسجد ويختمه كل سبع ليال مرة، فإذا جاء رمضان اجتهد في التدريس، وختم القرآن كل ثلاث ليال مرة، وكان الأسود يختمه في كل ليلتين، وأما الإمام مالك بن أنس وهو محدث المدينة، فكان إذا أقبل رمضان يفر من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم ويقبل على قراءة القرآن من المصحف، وهذا هو السر في البركة في أعمار هؤلاء، أنهم كانوا يكفون عن السوء فيكفه الله عنهم، ويلتمسون البركة فيعطيها الله لهم، قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذ الناس نائمون، ونهاره إذ الناس يفطرون، وببكائه إذ الناس يضحكون وبورعه إذالناس يخلطون وبصمته إذ الناس يخوضون، وبخشوعه إذ الناس يختالون وبحزنه إذ الناس يفرحون).
رمضان شهر النوافل والقيام
إن شهر رمضان هو شهر التطهر بكثرة العبادات والاستزادة في النوافل والطاعات وقراءة القرآن، وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: “ما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني أعطيته”، وهل هناك شهر يحقق لنا حب الرحمان الحنان المنان إلا رمضان، لأن رمضان فيه الصيام، ومن الصيام تأتي التقوى ويأتي الخشوع بسبب معاهدة المؤمن لنفسه، ومراقبته لربه وغضه لبصره، وتطهيره لسمعه، وكثرة ذكره لربه، فيحق له أن يكون من المحسنين الذين يحبهم الله سبحانه وتعالى.
وإذا صلى في ضحاه وأمسى ليله بالشفع والوتر وهجر مضجعه، وذكر إلهه واستغفر ربه في جوف ليله وسجد واقترب، أفلا يكون بذلك قد عرج بهذا السجود إلى رب الأعلى المعبود؟ وهذا الصيام إذا أخلص فيه، وهذا القيام إذا ذاب فيه وتلك الصلاة إذا خشع فيها فسيحبه الله ويقربه إليه.
عن النضر بن شيبان قال: قلت لأبي سلمة بن عبد الرحمان حدثني بشيء سمعته من أبيك سمعه أبوك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بين أبيك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد في شهر رمضان قال نعم، حدثني أبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان عليكم، وسننت لكم قيامه فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه” وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.
لم لا والصيام يؤدي إلى التقوى؟ لهذا نرى المؤمن الصائم تدفعه تقواه إلى هجر مضجعه من أجل قيام ليله وقراءة القرآن وذكر الرحمان، طمعا في قبول صومه ومغفرة ذنبه.
ومن السنن المؤكدة في شهر رمضان صلاة التراويح في ليالي رمضان حتى يشعر الصائم بعد فطوره أنه لا يزال متصلا بالله، وهي جزء من قيام الليل، فعلى الصائم أن يحافظ عليها من الفضائل، وليعلم أن لله عز وجل نفحات في هذا الشهر المبارك فليغتنمها.
العشر الأواخر من رمضان
من فضائل رمضان التي تميز بها على سائر الشهور، انه شهر فرض الله على المسلمين صيام نهاره وسنن لهم قيام ليله، وجعل فيه للمؤمنين نصرا وظهورا على المشركين، ونحن في هذه الأيام المباركة نستقبل هذا الشهر العظيم وللثلث الأخير منه مكانة سامية في الإسلام، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييه بالاعتكاف والعبادة، عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله”، وفي رواية أخرى عنها قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره”. وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: “كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان، وكل صغير وكبير يطيق الصلاة”، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أنه كان يطرق فاطمة وعليا ليلا فيقول لهما: ألا تقومان فتصليان”، وفي الثلث الأخير من رمضان ليلة القدر، ويقول الله تعالى: ليلة القدر خير من ألف شهر، ويقول أيضا: إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنها ليلة تتنزل فيها الملائكة الكرام فتتجمع حول قارئ القرآن، ومن تم تكون سلاما في سلام في ضياء، بل نورا حتى مطلع الفجر، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها في العشر الأواخر، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر من رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر”، وعن الزهري بن سالم عن أبيه رضي الله عنه قال: رأى رجل أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، فقال صلى الله عليه وسلم: “أرى رؤياكم في العشر الأواخر فاطلبوها في الوتر منها”، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان”. إنها ليلة تتجلى فيها السماء على الأرض فتكون في أبهى حللها وتفتح أبوابها لتستقبل الدعاء.
رمضان وعطايا الرحمان
إن عطايا الرحمن في هذا الشهر العظيم تنقسم إلى مجموعتين: أولهما: ما عجله الله لنا في حياتنا الدنيا تلك التي تعود على صحتنا فتقوي أبداننا وتشفي أجسادنا من أمراضها وبصيامنا تستريح جميع أجهزة أجسامنا من شر وعاء فيها فتقوي أبداننا، كذلك يساعد الصيام في تحريك تلك المشاعر نحو الإخلاص في الطاعات حينما تصح الأبدان فتصفو النفس وتستقر السكينة بين جنبات الصائم فلا يتعرض لأي قلق أو توتر عصبي.
وفي نهاية الصيام من كل عام يأتي بعده يوم الجائزة، حينما يقبل العيد.