فضل صلة الرحم

Cover Image for فضل صلة الرحم
نشر بتاريخ

جاء في الحديث الذي رواه الشيخان عن سيدنا أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) (متفق عليه).

“من سره”: لم يقل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أراد، لأن السرور يتضمن الإرادة والابتغاء والبحث عن هذا الشيء.

“يبسط له في رزقه”: لم يقل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من سره البسط له في رزقه، لأن “أن” المصدرية وفعل المضارع يدل على تجدد هذا البسط وتجدد سعة الرزق، فكلما جدد المسلم صلة الرحم جدد الله له بسطه في الرزق، وهذا إغراء منه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتشجيع لتجدد الأمة صلة رحمها.

والرزق ليس محصورا في المال فقط، ولكن الصحة رزق، والأولاد رزق، والمأوى رزق، والحكمة رزق، والزوجة الصالحة رزق، وطاعة الله رزق..

والبسط في الرزق: هو الكثرة والنماء والبركة.

“أو ينسأ له في عمره”: النسأ هو التأخير لغة والمعنى بقاء ذكره الجميل بعد الموت، وكذلك البركة في عمره بأن يوفقه الله عز وجل لفعل الطاعات وأعمال الخير أضعافا مضاعفة، قد يكون شخص آخر بنفس عمره ولا يصل حتى لربعها أو نصفها، وهذا كرم من الله له بصلته لرحمه.

“فليصل رحمه”: القطيعة أمر شنيع، والصلة أمر من الله عز وجل، على لسان نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تبينها آيات كريمة وأحاديث شريفة:

* وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦٓأَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوٓءَ ٱلْحِسَابِ (سورة الرعد، الآية 21).

* فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (سورة محمد، الآية 22).

* وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (سورة النساء، الآية 1).

– عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) رواه البخاري.

– عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشوا السَّلامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا باللَّيْل وَالنَّاسُ نِيامٌ، تَدخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلامٍ) رواه ابن ماجة.

والحديث الذي تناولنا شرحه والأحاديث الأخرى والآيات الكريمة كلها كرم من الله عز وجل وتحفيز لنا وترغيب لنصل أرحامنا.

فمن منا يرغب أن يوسع له في رزقه؟

ومن منا يرغب أن يطال له في عمره ويبارك له في وقته؟

من منا يريد أن يكون محبوبا في الدنيا مذكورا بالخير بعد موته؟

من منا يريد الدرجات العلا في الجنة؟

أكيد كلنا نريد ذلك، والحل جاءنا به سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ما علينا إلا الإسراع للاستجابة لنيل هذا الفضل وهذا الكرم الإلاهي.