في الذكرى الأولى ليوم العبور العظيم.. الشعب المغربي يصنع مسيرة التضامن العظيم

Cover Image for في الذكرى الأولى ليوم العبور العظيم.. الشعب المغربي يصنع مسيرة التضامن العظيم
نشر بتاريخ

وكان الشعب المغربي عند الموعد؛ احتشد في اللحظة المنتظرة صانعا الحدث المناسب، تماما كما كان متوقعا، وتماما بالشكل اللائق بحدث تاريخي فارق كحدث السابع من أكتوبر، الذي بات منذ عام يوما يخلد، وتاريخا مشرقا تؤرخ به الأمة عامة وقضيتها الفلسطينية خاصة مسارها الصاعد نحو التحرر والانبعاث.

الأحد 6 أكتوبر 2024، يوم آخر مميز حج فيه المغاربة -كأنهم في يوم عيد- إلى عاصمتهم الرباط، جاؤوا من كل حدب وصوب، من مشرق البلاد ومغربها ومن جنوبها كما شمالها، من المدن الكبيرة حيث الوصول أيسر إلى وسائل النقل ومن الكثير من المداشر والقرى يجتازون العقبات والصعوبات التي لم يكن لها أن تحول دون وجهتهم في يوم مشهود كاليوم.

النساء يتوشحن الكوفيات، والرجال يصرخون بأعلى صوت، الشباب يرفعون بحيوية أعلام فلسطين والمقاومة، والأطفال ينخرطون في كل تفصيلة وجزئية من مسيرة تخليد الذكرى الأولى لطوفان الأقصى، يوم العبور العظيم.

كان لافتا أن الشعب المغربي، الذي احتشد مد البصر فرحا واستبشارا بذكرى هذا الحدث العظيم ومواصلة في إسناد فلسطين الراسخة ومقاومتها الجسور، التحم مع قيادته الحقة التي تعرّف على صدقها وتعرفت على صموده، فاصطف صفوفا متراصات صانعا زخم الدعم، وتقدمت هي أمامه بوجوهها الوطنية البارزة التي ارتسمت فلسطين بتفاصيلها على محياها.

وبعد أن اكتمل انتظامها وتوزع المنظمون ورفعوا الشعارات على مقاطعها، انطلقت المسيرة قبيل العاشرة صباحا من “باب الاحد”، الذي بات معلم انطلاق دائم لكل المسيرات الوطنية الشعبية؛ سواء تلك التي تحتج ضد أوضاع المغاربة الاجتماعية والسياسية أو تلك التي تحمل هم الأمة وفي القلب منها فلسطين. وسلكت مسارها صوب ساحة البريد فقبة البرلمان، حيث جددت رسائلها الصادحة لصانع القرار وحاكم البلاد أن الشعب المغربي يرفض التطبيع، ولا يقبل وضع يده في يد الصهاينة الملطخة بدماء الأبرياء، ولن يفتح أحضان وطنه للخيانة السوداء.

بدا المشاركون في المسيرة كأنهم يستعيدون شريط أحداث العبور العظيم المدهشة، يوم صنع ثلة من شباب المقاومة مجدا جديدا لأمتهم، ويوم انكشف ضعف الكيان وخوار استخباراته وقوته العسكرية ومستوطنوه شدادو الآفاق، ويوم سطعت القضية من جديد سطوعا مشرقا بهتت معه كل سرديات الصهاينة وأراجيفهم. وعكست الشعارات واللافتات والصور والكلمات والدردشات والمشاهد التمثيلية… ارتياحا لوضع المقاومة وبسالتها التي أثخنت في العدو، وإكبارا لصمود الشعب الفلسطيني وشقيقه اللبناني الذي أفشل مخططات العدو في التهجير وفت عضد الشعب ولحمته الداخلية.

التواطؤ الدولي وانفضاح نفاق مؤسساته، نال حظه الوافر من تنديد المحتجين وإدانتهم، فاستصغروا هذا الانحطاط الذي لطالما صدع رؤوسهم بالحقوق والحريات والإنسانية والديمقراطية والحداثة؛ عالم أكمل يشاهد يوميا تدميرا بشعا وإبادة جماعية لشعب محتل مستعمر منذ قرن، دون أن يحرك ساكنا، ولو أراد لفعل، ومؤسسات دولية لا تفعل سوى إنتاج خطاب باهت مستهلك يساوي أحيانا بين الضحية والجلاد، ودول عالمية مستكبرة تتقدمها الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الكيان بكل وسائل الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي، وتتهدد كل من يقول لا ويحاول إنهاء الهولوكوست النازي الجاري.

أما الأنظمة العربية والإسلامية التي ركنت للخنوع التام والصمت وقبول ما يجري في فلسطين وأولى القبلتين، بل وانحدر بعضها إلى الخيانة الصريحة المكشوفة تطبيعا للعلاقات مع الصهاينة وإمدادا له وفتح منافذ جديدة لإيصال كل ما يحتاجه وحصارا خانقا لغزة الجريحة، هذه الأنظمة نالها ما نالها من غضب المحتجين وإدانتهم وشجبهم عبرت عنها شعاراتهم الواضحة الطاعنة.

مضت المسيرة بزخم يزداد قوة بازدياد المشاركين والملتحقين، لتخط سطرا جديدا في كتاب الدعم الذي سيدون في التاريخ، ولتحط رحلها عند محطة القطار وسط العاصمة، هناك كانت الكلمة الختامية، وفيها تناوب على الكلمات كل من منسق الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع وممثلي الهيئات السياسية المكونة والداعمة لها، حيث تمايزت الكلمات وتكاملت، وأكد المتدخلون، كل بنبرته وخطابه، على الدعم الكامل والمتواصل للشعب الفلسطيني ومقاومته في معركة طوفان الأقصى التي تأتي ذكراها الأولى، مذكرة كيف كانت القضية في طريقها للتصفية قبل أن تفاجئ المقاومة الجميع وتعيد ترتيب الأوراق بعمليتها البطولية الخالدة.

وفي الوقت الذي حرص فيه المتدخلون على شكر المشاركين في هذه المسيرة الشعبية المليونية على حضورهم ودعمهم الدائم لإخوانهم في فلسطين ولبنان، عدوا المسيرة وكل التضامن والاحتجاجات على مدار عام كامل استفتاء صريحا يطالب بإسقاط التطبيع الذي وقعه النظام المغربي مع كيان مجرم قاتل.

وإذ تم التأكيد على أن معركة طوفان الأقصى فتحت الآمال لتحرر الشعوب من الاستبداد والتسلط والصهينة، وأسقطت الأقنعة عن النظام العالمي الذي يدعم مجزرة وإبادة جماعية وحشية، أجمع المتدخلون وسط هتاف الحاضرين أن المعركة هنا في المغرب هي إسقاط التطبيع، وأن النظام السياسي إذ يواصل المسير في هذا الطريق رغم كل جرائم العدو ورغم كل نداءات الشعب المغربي يعد مشاركا في الجريمة ومتواطئا ضد الفلسطينيين وحقوقهم التاريخية.