تحية الصمود والشموخ والإباء من نساء العدل والإحسان إلى جميع أطياف المقاومة الباسلة التي مازالت منذ أكثر من 400 يوم تمرغ أنف المحتل الغاصب في وحل غزة.
تحية إكبار وإجلال لأخواتنا المقاومات الصابرات المحتسبات في غزة العزة وفي كل ربوع فلسطين الحبيبة من البحر إلى النهر وفي لبنان الشقيق.
تحية لكل من وقف وصبر وساند، وسيشهد التاريخ على ذلك إلى أن تتوقف حرب الإبادة على أهلنا في غزة ولبنان، وتلغى اتفاقية التطبيع المشؤومة التي وقعت عليها الدولة بمعزل عن إرادة الشعب.
في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، ونحن ما زلنا نعيش فعاليات ذكرى مناهضة العنف ضد المرأة بكل ما يحمله من رمزية، اليوم الذي ركزت فيه منظمة الأمم المتحدة هذه السنة على حقوق الإنسان باعتبارها مسارًا إلى الحلول وقوة وقائية وحمائية وتحويلية تؤدّي دورًا حاسمًا من أجل الخير، نرى النساء حول العالم تجتر تاريخا مثقلا بالمعاناة جراء العنف الذي مورس ويمارس ضدهن، كما يحملن آمالا بيوم تتحقق فيه العدالة والحرية والكرامة.
أما خصوصية الذكرى هذه السنة فكونها تأتي في ظل استمرار الأوضاع المتأزمة التي تعيشها النساء في بؤر الصراع حول العالم وتحت الاحتلال والعدوان، مثل فلسطين ولبنان والسودان، حيث تتفاقم معاناة النساء بسبب سياسات الاحتلال والاستغلال مدعومة من القوى الاستعمارية الغربية والأنظمة المستبدة.
ها هي الذكرى تحل علينا وقد مر أكثر من عام على حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري التي يشنها الاحتلال الصهيوني على غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، حيث خلّفت هذه الحرب أثارًا كارثية، إذ دمّر الاحتلال نحو 70% من مباني القطاع وبنيته التحتية، ووصل عدد ضحايا هذا العنف إلى أكثر من 44000 شهيد، 70% منهم نساء وأطفال، والأعداد ترتفع بمعدلات مهولة على مسمع ومرأى من العالم المنافق. كما ترك العدوان آلاف الأطفال يعيشون وحدهم أيتاما دون عائلات، وآلاف أخرى بعاهات جسمية ونفسية عميقة. ويواصل الاحتلال منع وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة، في خرق واضح للقوانين الدولية وتجاهلٍ للنداءات الإنسانية.
وتعد المرأة الفلسطينية الأكثر تضررًا في هذه الحرب، إذ تتحمل أعباءها النفسية والجسدية والاجتماعية، وتعيش في ظروف لاإنسانية في انتهاك صارخ لحقوقها الأساسية في ظل التجويع والتهجير والتقتيل الذي تتعرض له، وعدم الاستقرار مع التنقل المستمر الذي يفرضه المحتل، وانعدام للخصوصية في أدق تفاصيل حياتهن من حمل وولادة ورضاع في انعدام تام للخدمات الصحية. ورغم ذلك، تلعب المرأة الفلسطينية دورًا فاعلًا في المقاومة، مما يجعلها هدفًا للاحتلال الذي يسعى إلى كسر إرادتها، خاصةً الأسيرات في السجون، حيث يتعرضن لأبشع أنواع التعذيب والعنف والإهانة، في مشهد يتم تحت أنظار المجتمع الدولي الذي يتجاهل هذه الانتهاكات رغم مسؤولياته السياسية والقانونية التي يفرضها ميثاق الأمم المتحدة. كما تستمر العديد من دول المنطقة المغاربية والعربية في دعم الكيان الصهيوني رغم بشاعة ما يقترفه من إبادة جماعية ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، وذلك من خلال استمرارها في تطبيع العلاقات مع هذا الكيان الغاصب وإمعانها في توقيع اتفاقات سياسية وعسكرية واقتصادية تهدد سيادة بلدنا واستقرار المنطقة ككل. ويعد مصدر عنف اتجاه النساء بحكم تبعاته الكارثية على مجمل الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
أما على مستوى الوطن الحبيب فهاهي تحل وتلقي بظلالها على ارتفاع منسوب العنف الذي تتعرض له المرأة، بشتى الألوان والأشكال: عنف اجتماعي، اقتصادي، سياسي، نفسي… ولعل اللافت للنظر في الآونة الأخيرة هو التحول الخطير واللاأخلاقي الذي اتجهت إليه القوى العمومية في قمع الاحتجاجات، وهو التحرش بالنساء كوسيلة لثنيهن عن المشاركة في هذه الاحتجاجات، زيادة على ما يكال لهم من ضرب وسحل. ونعبر عن تضامننا مع كل النساء ضحايا العنف، ونساند نضالات المرأة الهادفة لوضع حد له وتوفير الحماية للنساء منه.
وإذا كان للنساء الفلسطينيات أدوار رائدة في مقاومة الاحتلال وتقوية صمود الشعب الفلسطيني، فإن للنساء المغربيات أدوارا أساسية في مناهضة التطبيع، في أفق إسقاطه. وقد لعبن فعلا أدوارا هامة في النضالات التي شهدتها بلادنا دعما للشعب الفلسطيني ومناهضة التطبيع، ولازال أمامهن مسؤوليات يجب أن يقمن بها في مجال تقوية حملات المقاطعة، وهو موضوع يتطلب المزيد من الاهتمام ومجال نضالي يحتاج للإبداع في مختلف أشكاله.