في كل عام من شهره الرابع وبالضبط السابع من أبريل يتم تخليد اليوم العالمي للصحة. احتفاء بهذا اليوم ودعما للقطاع الصحي، وتنويها بجهود جميع مهنيي الصحة بكافه تخصصاتهم ومؤهلاتهم ودرجاتهم .
إن الصحة رأس مال كل إنسان، ومصدر من مصادر كرامته، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحةُ، والفراغُ” (رواه البخاري). والمغبون هو من لم يهتم بصحته ولم يستفد منها بما يقربه من الله تعالى. هذه الصحة التي سنسأل عنها غدا يوم القيامة فيما أفنيناها.
هذه الصحة أصبحت تواجه اليوم أكبر عالم فيروسي على الإطلاق، عالم يهدد سلامتها وأمنها، فقد انتشرت الأمراض المستعصية وكثرت الأورام الخطيرة، مما يستدعي ضرورة تنزيل منظومة صحية شاملة متكاملة تعمل على إصلاح يتصف بمعايير الديمومة والاستدامة عوض طريقة التجزيء.
وانطلاقا من ذلك، برز في السنتين المنفرطتين للعالم أجمع أن تخليد اليوم العالمي للصحة (القطاع الصحي) ما زال يحتاج لمزيد من الميكانيزمات والآليات المتطورة والملحة لإعطائه الهالة التي تنم عن أهميته، حيث لم تحظ هاته الأخيرة بالأولوية خلال السنوات الأخيرة، وخير شاهد على ذلك ما كشفت عنه جائحة كوفيد 19 – فيروس كورونا المستجد – من نقص وضعف حاد في مجال قطاع الصحة وتقديم الرعاية الصحية والاجتماعية، لاسيما في البلدان النامية أو السائرة في طريق النمو.
لقد أصبح الأمن الصحي من خلال الجائحة – كوفيد 19 – موضوع اهتمام الرأي العام الوطني والدولي، من خلال البحث عن الوسائل المتاحة لحماية حياة الإنسان وضمان سلامته والحفاظ على صحته، وتعبئه جميع الجهود لتخفيف وطأة تداعيات الجائحة خاصة على الطبقة الهشة والمتضررة بشكل ملحوظ، أو من حيث قدرة البلد على مواجهات انعكاسات الجائحة وما تسببت فيه من خسائر على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والحقوقية والصحية والمالية، وما يواكبها من استراتيجيات وطنية لمكافحه الوباء.
إن اليوم العالمي للصحة هذه السنة (2022)، والذي يعيش تحت انعكاسات أخطر أزمة عرفتها الإنسانية والمتعلقه بجائحة فيروس كورونا، يطرح سؤالا جوهريا أساسيا يتعلق بمدى قوة استهداف الحماية الصحية جميع المواطنين. فهل تمت هذه الحماية الصحية بشكل شمولي لكافة المواطنين، أم ما زال العالم يعرف توزيعا غير منصف وعادل للرعاية الصحية في بعض المناطق؟
إن صحة الإنسان تستلزم ضمانات حقيقية للحفاظ على سلامتها استمرارا للحياة بشكل كريم يتناسب مع وجود الإنسان في الأرض.
وإن التكفل الطبي الممتاز في الدول المتقدمة من حق كل إنسان التمتع به، وعليه؛ فاتخاذ التدابير اللازمة من أجل تحقيق مستوى عال من الصحة يفرض اعتماد سياسات متكاملة قوية، لها من الاستمرارية ما يبوئها لاحتلال المراكز الأولى عالميا، لضمان الممارسة الكاملة لهذا الحق في الصحة بغية الحفاظ والسيطرة الشمولية على الأمن الصحي، والذي عرف اختلالات كبرى على مستوى تدبير الجائحة.
فكثيرة هي الأسر في المناطق النائية التي وجدت صعوبة في التنقل للمستشفيات، ومنها من عانى مرارة التطبيب، ومنها من لم يتم إسعافه في الوقت المناسب لنصدم بنتائج عكسية على حياته بسبب التأخير، وظهور أعراض أخرى غير معروفة أسبابها لحد الساعة.
فالأجدر أن يكون تخليد اليوم العالمي للصحة دافعا أساسيا لنهج سياسات صحية تطول تدابيرها كافة أرجاء المملكة. وفي المقابل نشيد بجميع مهنيي الصحة بكافة تخصصاتهم ودرجاتهم على الرغم من الظروف القاسية التي صادفتهم أثناء اشتغاله في خضم الجائحة.
وأخيرا، نطمح لقطاع صحي أكثر أمانا ودعما، يشتغل في ظروف عمل أكثر تجويدا، لتعزيز دور كافة الفئات الطبية، وتيسير الولوج للخدمات والرعاية الصحية بكل يسر وسلاسة.
ونقصد بالرعاية الصحية الشاملة كل ما هو متعلق بالصحة النفسية والبدنية والاجتماعية من ناحية العلاج والوقاية والإرشاد. إلى جانب كسب رهان العدالة الاجتماعية في تقديم الخدمات الصحية بدل الاستبعاد الاجتماعي، ثم العمل على الشروع في إجراءات عاجلة لتفادي نكسات أزمة فيروسية أخرى لاسيما مع عدم وجود إنصاف صحي والذي من أسبابه التوزيع غير العادل للدخل والثروة.