في إطار فعاليات إحياء الذكرى الحادية عشرة لرحيل الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله، نظمت جماعة العدل والإحسان بمدينة طنجة ندوة فكرية حوارية تحت عنوان “طوفان الأقصى سياقاته وتداعياته”، وذلك يوم الخميس 11 يناير 2024.
الندوة التي بثها قناة الشاهد هذه الليلة السبت 13 يناير، أدار أشغالها الأستاذ يوسف الزراري القيادي في الجماعة، وأطرها كل من الدكتورة حسناء قطني عضو الائتلاف المغاربي لنصرة فلسطين، والدكتور أحمد ويحمان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، والأستاذ عبد الصمد فتحي رئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، والأستاذ محمد الوفي عضو السكريتارية الوطنية للجبهة المغربية للتضامن مع فلسطين ومناهضة التطبيع.
في بداية مداخلته أشار الأستاذ فتحي إلى أنها المرة الأولى التي تنتقل فيها الأمة من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، عبر توسيع مكان المعركة إلى المستوطنات وأراضي 48 والقضاء على الكتيبة الصهيونية المكلفة بغزة. ثم عرج على السياقات التي حكمت خوض معركة “طوفان الأقصى”؛ إذ تمثل في سياق دولي يطبعه غياب الاهتمام بالقضية الفلسطينية، وانتشار التطبيع في بعض البلاد العربية، ثم وجود حكومة صهيونية متطرفة. ناهيك عن العربدة الصهيونية في الساحة الفلسطينية والتي كانت تتميز باستباحة المسجد الأقصى، واستفحال ملف الأسرى، والهجوم المستمر على الضفة، واستمرار حصار غزة.
وبعد يوم السابع من أكتوبر، كان رد الفعل الصهيوني جنونيا، يقول رئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة ثم يضيف: تجسد في الهجوم الوحشي والمأساوي على المدنيين وتدمير البنى التحتية، ورغم ذلك لم يستطيع كيان الاحتلال تحقيق أي هدف من أهدافه. وإلى جانب المقاومة الباسلة التي كبدت العدو الخسائر المتتالية، أثنى فتحي على الحاضنة الشعبية الفلسطينية القوية في غزة.
وتطرق المتحدث أيضا إلى بعض انعكاسات معركة طوفان الأقصى، منها إحياء الأمة وبث روح الفعل والتحرك فيها من خلال ما قدمه الفلسطينيون مقاومة وشعبا باعتبارهم نموذجا للبذل والعطاء ونموذجا لإمكانية النصر. ومنها الوضوح البيّن للهوة بين الشعوب والأنظمة، وبروز البعد الدولي للصراع، والتحوّل الحاصل في الرأي العام الغربي.
في المداخلة الثانية، وبعد أن ترحّم على الإمام عبد السلام ياسين صاحب الذكرى رحمه الله، شدّد الأستاذ محمد الوفي بدوره على بعض الملامح الأولى في العدوان الجاري، على رأسها أن “طوفان الأقصى” نقلت المعركة إلى أراضي 48، لتصبح القضية الفلسطينية أول قضية على الصعيد العالمي، ولتنفضح قوى الاستكبار العالمي التي هبّت لدعم الاحتلال الصهيوني.
وبعد أن نبّه إلى ضرورة عدم إغفال أن هناك فصائل أخرى من مختلف التوجهات في المقاومة إلى جانب حركة حماس، أشار إلى أن التفاف شعوب المعمور حول النضال الفلسطيني ينبغي أن يدفعنا إلى أن نغير خطابنا من اليهودية إلى الصهيونية.
وشدد عضو الجبهة على أن انتصارات القضية الفلسطينية التي تلوح في الأفق ينبغي أن يكون لها مخرج سياسي، وهو ما يتطلب إجراء حوار وطني شامل من خلال منظمة التحرير الفلسطينية بعد تغيير قانونها الأساسي، مع عدم الاستفراد بالقرار، يختم الوافي.
الدكتورة حسناء قطني ذكرت في افتتاح مداخلتها إلى أن القضية الفلسطينية تعكس مسارا تاريخيا لأطول احتلال وصراع بين روح الجاهلية والإسلام. وألمحت إلى حجم تأثير معركة طوفان الأقصى على الرأي العام الغربي، وهو ما يطرح الآن أولوية تشكيل حلف إنساني عالمي مناهض للصهيونية.
وفي حين رأت أن المظاهرات والوقفات العالمية الجارية والداعمة لغزة وفلسطين تؤشر على بداية أفول السردية الصهيونية في الغرب، منوّهة إلى أن منصات التواصل الاجتماعي ساهمت في كشف الصورة الحقيقية للأحداث، اعتبرت أن المقاومة الفلسطينية راكمت تجارب في إدارة المعارك الإعلامية منذ 2015، مذكرة بأن من يمتلك الإعلام يمتلك إمكانية إعادة صياغة الأحداث وفق منظوره.
استشهاد آلاف الأطفال والنساء حسب المعلن، بالإضافة إلى العديد من المشاهد الصامتة التي لا تصل لها الكاميرات، يدل، حسب قطني، على استهداف ممنهج للمرأة نظير مساهمتها التاريخية في المقاومة الفلسطينية، في إطار معركة ديمغرافية ضد التزايد السكاني للفلسطينيين.
وفي المداخلة الأخيرة، وبعد أن شكر الجماعة بطنجة وترحم على مؤسسها، قال الأستاذ أحمد ويحمان سأتهور علميا وأقول هذا منعطف تاريخي “زلزلت الأرض زلزالها”، ذلك أنه ببركة دماء الشهداء سيرتسم مشهد ما بعد “طوفان الأقصى”.
ونوّه إلى الرؤية الغربية القائمة على اعتبار أن الحضارة الصفراء لا خوف منها وهي الحضارة الأسيوية، أما الحضارة الخضراء (بلاد الإسلام) فهي كل الشر إذ تقطن فيها شعوب لها كل مقومات الحياة باستثناء القيادة الحكيمة. وهذا يدعو، وفق مخطط هذه الرؤية يوضح ويحمان، إلى إثارة الفتن بينهم وزرع جسم غريب يوتر العلاقات بينهم، ومنع التكنولوجيا الحديثة عنهم.
رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع لم يفته الإشارة إلى خصوصية هذا اليوم والمتمثل في رفع دعوى ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية بلاهاي، وهو ما يؤشر على بداية النهاية للكيان تحقيقا لوعد الله ومنعطف التاريخ.
وختم بالتأكيد على أن القوى الحية هنا جعلت سقف الطوفان في المغرب هو إسقاط التطبيع، الذي “أسقطناه شعبيا، وينبغي أن نسقطه رسميا” يقول.
بعد ذلك، افتتح المجال للمناقشة مع الحاضرين الذين تدخل عدد منهم استفسارا وسؤالا وإضافة وتعليقا، قبل أن يتجاوب المحاضرون معها، وهو ما أغنى الموضوع والنقاش وقدم إضافات أخرى أثرت الندوة.
يمكنكم مشاهد الندوة كاملة كما بثتها قناة الشاهد: