اعتبر فضيلة الأستاذ محمد عبادي النصر الذي حققته المقاومة الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى بأنه نصر إلهي مصداقا لقوله تعالى وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ، وقوله عزّ وجلَّ و َمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ، مؤكدا أن “الذين ينطلقون من منطلقات أرضية لا يستطيعون فهم ما حدث”، لأن تحليلاتهم، يضيف، “أعيتهم من أن يدركوا حقيقة هذا الحدث”. ولكن المؤمنين، يستمر فضيلته، لهم يقين في ربهم يعلمون أن الله قادر على كل شيء ويوقنون بأن الفئة القليلة قد تغلب الفئة الكثيرة بعد استفراغ الطاقة والجهد مصداقا لقول الله عزّ وجل كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ.
وقال السيد الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، في كلمته هاته التي بثتها قناة الشاهد مساء يوم الجمعة 13 أكتوبر 2023، تعليقا منه على معركة طوفان الأقصى أن من أهم الدروس التي ينبغي الاستفادة منها هي “الثبات على الأمر والاستماتة في الدفاع عن الحق”. واستخلص من قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ بعض الدرر النفيسة التي تعين على الثبات، وأسباب النصر والفتح والتمكين.
واعتبر في كلمة قوية أن الهجمة الصهيونية الشرسة التي تعرض لها قطاع غزة والتي تأتي على الأخضر واليابس، ولا تحترم شيخا ولا صبيا، ولا شجرا ولا حجرا. جعلت الصهاينة يظنون أنهم قادرون على تصفية الحساب مع المجاهدين الفلسطينيين. وهم مخطئون وخاطئون، يعلق الأستاذ عبادي “لأن الله سبحانه وتعالى وعد المجاهدين بالنصر والتمكين”. ليسائل أصحاب هذا الرهان الخاسر: “هل أفلحت هذه العقود الطويلة منذ 1948 من التقتيل والتهجير والتدمير والطرد والنفي ووسم المجاهدين بالإرهابيين في ذلك؟”، منتقدا أصحاب القرار في الغرب الذي يضللون شعوبهم، ويقفون أمام الظلم ويكلون القضايا بمكاييل مخلة، وهي المكاييل التي أراد الله بهذا الحدث وغيرها كشفها وفضحها. واستدل على ذلك بالتناقض بين الموقف الغربي من أكرانيا الداعم لها، وبالنقيض التترس خلف الاحتلال الصهيوني ضد شعب فلسطين الذي ينشد حريته أيضا.
ومقابل هذا الدعم الغربي اللامشروط للاحتلال الصهيوني تحسّر الأستاذ عبادي على موقف حكام العرب والمسلمين، مسائلا غيرتهم المنعدمة تجاه إخوة لهم “يقدرون بمليونين من البشر يحاصرون في بقعة صغيرة في سجن كبير. ويرضون بأن تقطع عنهم المؤونة والماء والكهرباء وهم يقفون موقف المتفرج“. مستنكرا منهم هذا الموقف ومسائلا: أَوَليسوا إخوانا لكم في الدين؟ أين الأخوة الإسلامية؟ أين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقِره“؟
ليواصل أسئلته الواضحة للحكام بحرقة ولوعة: “لم تجمعون هذه الأسلحة وتدخرونها وتجيشون الجيوش؟ ما فائدة كل هذا؟ وما قيمة هذه الجيوش الجرارة إن لم تدافعوا عن إخوانكم؟ هل تدخرونها لمحاربة بعضكم البعض؟ مم تخافون؟ هل تخافون من الغرب: أمريكا وأوروبا إن واليتم إخوانكم؟”، داعيا إلى الانحياز إلى شعوبهم وقضايا أمتهم التي فيها عزهم في الدنيا والآخرة وإلا فهو الخزي والعار دنيا وأخرى.
كما خاطب فضيلته بحرقة السادة الدعاة والوعاظ أن “لا يكتفوا بالكلام وأن ينزلوا إلى الشارع يربون الشباب على الفتوة والشهامة والرجولة والعزة والكرامة تهيئا لأجيال النصر“. كما دعا الأمة أن تجعل من هذا الحدث، يقصد معركة طوفان الأقصى، منطلقا لمراجعة ما هي عليه من هوان وذل وضعف وتفريط في حق الله، واعتبرها فرصة لإعمال “التوبة النصوح بيننا وبين الله سبحانه عز وجل، وفتح صفحة جديدة ملؤها الصدق والإخلاص والإقبال على الله سبحانه وتعالى، والإكثار من الطاعات والتعاون على البر والتقوى، والوقوف في وجوه الظلمة من غير فتنة ولا عنف بل بضوابط الشرع والقانون“، حتى نُرغم، يضيف، “الحكام على مؤازرة إخواننا المضطهدين في الشرق والغرب“.
ووجّه دعوته أيضا لكل إخوانه وأخواته المغاربة لمساندة إخوانهم في فلسطين، مؤكدا أنها مساندة قائمة، لكن ينبغي، في نظره، أن “تتواصل وأن تمتد وأن تشمل مجالات متعددة بالدعاء والتبرعات وبالوقفات والمسيرات وبالدعم السياسي والقانوني وما شاكل ذلك، لنجسّد مفهوم الأمة الواحد والجسد الواحد، ولا يضرنا من شذ عن الإجماع“.
ولم يفته أن يخاطب الصهاينة المحتلين أن رهانهم على استئصال شوكة الجهاد والمجاهدين لن يكون ذلك أبدا. فأنتم، يقول، “رأيتم أن بطشكم وتنكيلكم بهم زاد من ثقتهم بالله وازدادوا طمأنينة ويقينا في وعد الله ونصره. وارتفعت معنوياتهم لأن الله سبحانه وتعالى أراد بما تقومون به أن يرفع قدرهم، وأن يجعل منهم شهداء، وأن يبتليهم ليرفع درجاتهم عنده سبحانه وتعالى“.
وجعل السيد عبادي مسك ختام كلمته هاته رسالة موجهة إلى معشر المجاهدين مشيدا بثباتهم وجهدهم وجهادهم وصنيعهم سائلا الله عزّ وجلّ أن ينصرهم وأن يؤيدهم وأن يثبتهم وأن يسدد رميهم وأن يحفظهم من كل سوء، وأن يحفظ فلسطين وشعبها، وكل المجاهدين في كل مكان وأمة رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل شر وأذى وأن يحفظها من شر الأعداء.