قراءة في رسالة “الإسلام أو الطوفان”

Cover Image for قراءة في رسالة “الإسلام أو الطوفان”
نشر بتاريخ

الرسالة الكتاب

كتاب الإسلام أو الطوفان) هو رسالةُ نصيحةٍ مفتوحة كتبها الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله (1928-2012)، في شهر رجب 1394هـ الموافق لشتنبر 1974م، بمدينة مراكش، وأرسلها إلى الملك الحسن الثاني (1929-1999)، وتتكون في نسختها الأولى من 114 صفحة، وفي طبعتها الثانية سنة 2000 تتكون من 174 صفحة. وقد تَوجت الرسالة نُضجا تربويا وفكريا وسياسيا عند الإمام رحمه الله، إذ جاءت بعد كتابين كبيرين هما الإسلام بين الدعوة والدولة) (1972) والإسلام غدا) (1973)، وبعد تجاوز مرحلة الزاوية البوتشيشية وبناء تصور شامل لتجديد الدين والإيمان.

الرسالة نصيحة

دأب العلماء العاملون في تاريخ المسلمين على تحرير رسائل نصيحةٍ يُقوِّمون بها شرعياً اعوجاج الحكام وميلهم إلى الطغيان والفساد، ينصحونهم، بصدقٍ وأمانةٍ وشجاعة، عملا بأمر الله الجامع في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: “الدين النصيحة. قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم” 1 ، والنصيحة لله بالصدق والإخلاص والطاعة، ولرسوله بالاتباع والمحبة والتعظيم، وللحكام بالتقويم والوعظ وقول الحق، وللعامة بالدعوة والتربية والتعليم. غير أن نصيحة الحكام في تاريخ المسلمين كانت تُكلِّف العلماء الناصحين حياتهم نظرا لما آلت إليه ظروف الأمة من تأليهٍ للحكام وتهميش للعلماء واستضعاف للعامة.

توجهت النصيحة إلى ملكٍ ورث الـمُلك عن أبيه، واشتُهر عنه الظلم والمجون والغرور بالسلطة والمال، وحوله حاشية متملقة من بطانة السوء (وزراء وعلماء وعملاء وخبراء…) تُزين له سوء عمله، وترفعه حد التأله. فجاءت الرسالة -منفذة للوصية النبوية- لتقول لحاكمٍ يستعمل الإسلام لتغطية الاستبداد والفساد.

سياق التأليف والإرسال والاستقبال

عايش الإمام فترة الاستعمار الفرنسي وخبَر الإدارة المغربية عن احتكاك وتجربة ومسؤولية، واطلع على دواليب الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يعشش في إدارات السلطة، وغاظه تمادي الحاكم في عماه، وسكوت العلماء، وانزواء الصوفية. وبعد الاستخارة والتضرع إلى الله سارع بشجاعة نادرة -لا نكاد نجد لها مثيلا إلا عند العلماء الذين أيدهم الله تعالى بالإرادة الجهادية- إلى كتابة النصيحة لعلها تكون مُنبها للحكام قبل الغرق في طوفان الفساد المستشري في البلاد.

ومما زاد الرسالة قوة وتأثيرا أنها كُتبت في زمن ما يعرف في المغرب بـ”سنوات الرصاص”، بُعيد محاولتين انقلابيتين، الأولى في 10 يوليوز 1971، والثانية في 16 غشت 1972، حيث كان يعيش الملك آنذاك حالة من الذعر والرهبة ممن حوله من الجيش واليسار الثوري. ولما وصلت الرسالة إلى الملك بعد أن أُرسلت إلى عدد من الشخصيات العلمية والسياسية والوجهاء في البلاد 2 ، فوجئ بمضمونها وأسلوبها الجديدين عليه بين حاشية لا تتقن سوى التملق والتصفيق للزعيم. فجمع كيده وأمر باختطاف الرجل الناصح من بيته في فاتح رمضان 1394 هـ، ليُرمى سنة ونصف السنة في مستشفى الأمراض الصدرية كي يصاب بمرض مُعد يلهيه عن النُّصح، وبعدها سنتان في مستشفى الأمراض العقلية، حتى يقال إن الرجل مجنون. وأتم ثلاث سنوات ونصف في سجن انفرادي دون محاكمة، وبعد قضاء المدة، خرج في ذكرى المولد النبوي 12 ربيع الأول 1398 هـ الموافق لـ 20 فبراير 1978 م.

الإمام مُعرفا بنفسه

عرَّف الإمامُ نفسه في الرسالة بأنه إدريسيٌّ ابن فلاحٍ بربري، عاش كأغلب المغاربة في القلة والحرمان بعيدا عن السلطان، عمل أستاذا ومديرا ومفتشا وخبيرا في التربية والتعليم، ثم حصلت له يقظة قلبية أنهضته لطلب معرفة الله فشرع يبحث ويستقصي إلى أن تداركته عناية الله فالتقى شيخه الناصح سيدي الحاج العباس رحمه الله، فوُلد ولادته الثانية، واستيقظ من نومته ليقرأ القرآن والنبوة قراءة جديدة بقلب جديد، جعلته يكتشف المنهاج النبوي لتغيير الإنسان وبناء كيان الأمة المستخلفة، فيصيح في العالمين ولا يلتفت لمن صدق أو كذَّب: من هنا الطريق. من هنا البداية.

الإمام متحدثا عن الرسالة

قال الإمام رحمه الله في برنامج “مراجعات” بقناة الحوار اللندنية: رسالة الإسلام أو الطوفان هي تنبيهٌ لغافلين في غيابات جُبِّ الغفلة عن الله عز وجل وسيف الظلم المصلت على رقاب المسلمين، فكانت هذه بداية واضحة. إننا لا نريد إسلاماَ ودعوةً مائتة هينة لينةً تُربِّت على أكتاف الحاكمين وتقول لهم نِعمَ ما تفعلون أتموا عملكم وأتموا ذبح هذه الأمة. الإسلام أو الطوفان هو دعوة إلى كل حاكمٍ وإلى كل ذي سلطةٍ، نقول له إما أن ترجع إلى دين الله عز وجل وإلا فإنك ستُجرف كما يجرف خشاش الأرض، وكما تُجرف الأمور التي لا قيمة لها عند الله ولا وزن) 3 .

فالرسالة تحمل حديث عالمٍ لا يخشى في الله لومة لائمٍ، إلى ملكٍ لا يخشى إلا على ضياع مُلكه، وقد قدم نفسه للناس على أنه “مُقدّس”، يُنبهه هذا العالم الرباني إلى غفلته، ويهدي إليه عيوبه، ويحذره من الفتنة التي يعيشها، ويحمِّله مسؤولية الفساد السياسي والإداري الذي يستشري في البلاد، ويدعوه للتوبة وتدارك الوضع.

عنوان الرسالة الإسلام أو الطوفان)، ويقصد -في رأيي- الإسلام الحي بالإيمان والعمل الصالح القابل للتطبيق في حياة الناس، الإسلام الذي يحيي الأُمة ويجدد خيريتها، وليس إسلام الزهادة أو إسلام السلطة الذي يتقن تسخيره الـمـَلِك. أما الطوفان فهو حدث انهيار بنيان الاستبداد المغشوش، وانقلاع جذور الطغيان الهشة، يومئذٍ تندك القلاع الحصينة والحصون المنيعة، يقول الإمام: الطوفان حتمية تاريخية، الطوفان سنةُ الله تجرف الاستكبارَ عندما يعتدي الاستكبار ويتعدّى وتأخذه العزة بالإثم) 4 .

جمعت الرسالة بين القوة واللين في الخطاب، وبين الشجاعة والرفق في قول الحق، لا رهبة فيها ولا رغبة، بل هي نصيحةٌ صريحةٌ وتحذيرٌ صادقٌ، تعلن المحبة لآل البيت والملك فرد منهم، وتعلن الجهر بالحق في وجه سلطان جائر والملك هو المتهم، إذ المحبة التي لا تنصح والرفق الذي لا يغرك بحلم الله عليك خداع ممقوت) 5 ، وتُوِّجت هذه الرسالة التُّحفة بعرض التصور البديل والنموذج الناجح، لمعالجة مسار الفساد والاستبداد في البلاد.

الإمام ناصحا للمَلك الحسن الثاني

ميز الإمام بين الحكام الصالحين والحكام الفاسدين في تاريخ المسلمين، وذكر نماذج من كل فريق، فـــمن الأمراء على مر العصور صالحون متهجدون عابدون ذاكرون) أمثال عمر بن عبد العزيز ويوسف بن تاشفين وصلاح الدين الأيوبي… ومنهم غير ذلك؛ فاسدون مفسدون وما أكثرهم في ماضينا وحاضرنا.

وإن كانت الرسالة موجهة إلى الملك فهي تقصد كل حاكمٍ ظالمٍ، تدعوه إلى التوبة، ورد المظالم إلى أهلها، وإبعاد بطانة السوء، وإرجاع أمر الأمة إليها، وإن كان الملك الحسن الثاني هو المخاطَب في الرسالة، فلأنه هو المسؤول عن تردي الأوضاع التي يعيشها المغرب في اللحظة التي انطلقت فيها كثير من الدول الشبيهة نحو التحرر السياسي والتنمية الاقتصادية والتفوق التكنولوجي والعسكري، فالكاتب الناصح يستحضر أسباب الفتنة التي تعيشها الأمة ويشخصها في أزمة الحُكم الوراثي وأزمة الذمم الخانعة، ويقترح أنجع مداخل الإصلاح السلمي والجذري لحل هاتين الأزمتين.

بالنظر الفاحص للوضع السياسي والاجتماعي تبين للإمام أن رأس الفتنة الحسن) 6 ، وأن الأمل الأقرب للإصلاح الجذري هو نفسه الحسن إن نهض وتاب ونشد الرجولة)، أما إذا كان مغلوبا على أمره سادرا في شهواته لا رأي له ولا حكم، فلا معول عليه لإنقاذ البلاد وتجنب الطوفان. وهنا لا بد أن نذكر بأن الإمام كان يرفض الإيديولوجية الانقلابية المدمرة مع رفضه بالمقابل دين الانقياد والطاعة المطلقة للحاكم. بالرغم من أن الانقلابية آنذاك هي موضة العصر، والخنوع للحاكم هو دين الناس.

ساءلت الرسالة مشروعية الحكم الوراثي في الإسلام، واعتبرتها مشروعية مبتدعة في الدين، وفتنة نشأت في الإسلام سماها الديدان ملكية وراثية أو خلافة)، وهي ليست مشروعية استحقاق). كما بينت غش الملك للشعب باحتواشه للمال وانفراده بالسلطة وتمكينه لحاشية مفسدة تستضعف المغاربة وتستعبدهم، وهم يعيشون في الإملاق والحرمان والخوف، وفي الحديث “ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموتُ وهو غاشٌّ لهم إلا حرَّم الله عليه الجنة” 7 ، لهذا كان الإمام صريحا لما قال: وإنك يا هذا أكلتَ وحاشيتكَ وأقاربكَ أموال المسلمين بغير حق، وهتكتَ حُرمات الله وغششتنا بدعواك، وتألهتَ واستعبدتَ الناس. فبأي صحيفة تلقى ربك يوم حسابك؟) 8 .

كان الملك الحسن يُفتي في مجالس العلماء بغير علم، ويؤول القرآن الكريم كما يشاء والعلماء حوله ساكتون خوفا أو طمعا. واتخذ لنفسه شعارا شركيا خطيرا (الله، الوطن، الملك) يماثل ثالوث النصارى (الأب والابن وروح القدس)، واتخذ لنفسه أعيادا يفرض احتفالاتها الماجنة بالسيف على الناس، وتُصرف فيها الأموال الطائلة لاستيراد أجسادٍ احترفت الفن لتجميل قُبح النظام.

أمام هذا الفساد في رأس هرم السلطة وما حولها من فئةٍ مترفةٍ، دعا الإمامُ الملكَ إلى التوبة ليقتدي به الشعب المسلم، والكف عن التغني بأمجاد الأسلاف وبناء القصور الفخمة والنفخ في الألقاب، قائلا: وباء هذه الأمة وباء في الرأس لا تصلح معه الأمة إلا بصلاح الرأس وهو الملك) 9 .

الإمام ناصحا للعلماء

بالرغم من أن الرسالة كانت موجهة إلى الملك فإنها خاطبت العلماء، لأنهم من شركائه وأعوانه، سواء بتزيينهم لأفعاله أو بسكوتهم، ولأن صلاح الأمة لا يتمُّ إلا بصلاح أمرائها وعلمائها. لذلك ذكَّرتهم الرسالة بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم وبالأمانة التي اختصوا بتبليغها إن هم اتَّحدوا وتزكَّوا وطرحوا كبرياء العلم، وتقدموا الأمة فجمعوا شملها وأعادوا بناء كيانها الممزَّق.

عمل الملك على تدجين العلماء 10 ، وترويضهم على الطاعة العمياء وشهادة الزور والسكوت عن الحق. فكانوا بحق علماء السلطان. فمن هؤلاء الديدان جلساء الملك حين يختلي لسمره، ومنهم وجوه تمثل على مسرح الحياة العامة رجس المنافقين وكذب الدجالين. وفي صحبة هؤلاء يتعلم الملك كيف يتخذ الإسلام ذريعة لكسب ثقة الأمة بعد أن ذابت وذهبت أدراج الرياح. إنهم يزينون للملك شهواته ويتسابقون لتبرير تحركاته، بل يفتون الفتاوى أن الحسن مجدِّد الإسلام وهم والله يَكذبون ويعلمون أنهم يَكذبون) 11 .

ذكر الإمامُ أهلَ العلم بمكانتهم في الإسلام وخطورة موقفهم وخاطبهم بأدب جمٍّ في عبارات مثل: معشر علمائنا الأمجاد) وعلماؤنا الأجلاء) وسادتي العلماء، إنكم والله أحبّ الناس إليّ، وأعظمهم في عيني) وإنكم لمظنة الخير)، مِلح هذه الأمة وذُخرها) والحلقة الضرورية في غد الإسلام الزاهر)، حيث كان العلماء دائما ولا يزالون في أغلبهم رجالا يخشون الله ويتقونه)… كما توجه إليهم باللوم والعتاب، وقلبه يتحرق على تضييعهم واجب النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالتالي تخليهم عن مسؤوليتهم الكبرى في الأمة، حيث وردت عبارات من قبيل: ديدان القراء المتزلفون المنافقون) ومعاشر علمائنا الناعسين)؛ ناعسين عن الدعوة إلى الله وحمل هم الأمة المسلمة منشغلين بجمع المال والتنافس في الدنيا أو ناعسين في الزوايا، إن داءكم وداء الأمة سماه لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبركم عن تحول الأمة غثاء كغثاء السيل، وحين أخبركم أن مغلوبيتكم وهوانكم وتشتتكم الغثائي وتنافركم سببه حب الحياة وكراهية الموت؛ وهو الوهن كما تعلمون) 12 ، في الوقت الذي تفوقت فيه الإيديولوجية الشيوعية بتعبئتها للشباب ضد الدين والطبقية، وكونت نُخباً فكرية وسياسية واقتصادية.

المنهاج البديل

بعد البيان والبلاغ اقترح الإمام حلا سلميا وجذريا بديلا يجنب البلاد فتن العنف والظلم والاضطراب، وبعيدا عن لغة المؤامرة والثورات الانقلابية العنيفة والنفاق السياسي، الحل هو المنهاج النبوي مختصرا في عشر خصال هي الصحبة والجماعة وهي خصلة واحدة. ثم الذكر ثم الصدق. وسبع مبادئ تطبيقية هي: البذل، والعلم، والعمل، والسمت، والتؤدة، والاقتصاد، والجهاد) 13 ، وقد لخصتها الرسالة مقارنة بما ورد في كتاب الإسلام غدا، وما سيفصل أكثر في أُمهات الكتب (المنهاج النبوي، نظرات في الفقه والتاريخ، الإحسان، التنوير، العدل)، والمنهاج مفتاحٌ نظري وعملي للفرد المؤمن وللجماعة وللأمة تربيةً وتحرراً وبناءً، وروح المنهاج هي اقتحام العقبات إلى الله، أما الملك الحسن فـــأمامه أولا عقبة نفسه وهواه وملذاته وعاداته وأفكاره السابقة ونظرته للماضي والمستقبل والحاضر، وولائه لما يسميه عرشه. فمتى اجتاز هذه العقبة ورد المظالم كما فعل عمر بن عبد العزيز حق له أن يقتـرح على الأمة اقتحام العقبة معه، ووجب لذلك أن يجمع حوله جماعة بعقد جديد ومبايعة بدل البيعـة تحت قهر السيف، ومشـروعية جديدة) 14 .

النموذج المقترح

قلّما يصدق الناس تصورا بلا نموذجٍ مُطبقٍ أو يحمل إمكانات تطبيقه، من خلال ذلك النموذج تقارن وتنتقد وتقترح، ولا تزال الإنسانية تنتظر نموذجاً على ضوئه تنتقد النماذج الفاشلة، وعلى ضوء نجاحه تحلل كذب الوعود التي منّت بها الإيديولوجيات المختلفة ثم أخلفت. لا تزال الإنسانية تنتظر نموذجاً حضاريا يعطي الإنسان قيمته كمخلوق مكرم لا كدابة منتجة مستهلكة، ويعطي الإنسان أفق وجوده، ومعنى وجوده وحياته وموته) 15 ، فأي نموذج للمسلمين اليوم وقد ولَّى زمن النبوة والخلافة الراشدة؟

عرضت الرسالة أمام الملك نماذج من رجالات الإسلام الذين تربوا على أيدي عارفين بالله وكانت لهم صحبة وتَزِيَّة وتبتُّل، وقدموا نماذج القادة الصالحين الـمـُصلحين، أمثال: أحمد بن عرفان الشهيد في الهند، والمهدي في السودان وعمر المختار في ليبيا، وحسن البنا في مصر… بيد أن النموذج السلوكي الفريد للحاكم الذي يقترحه صاحب الرسالة -لتوحيد المسلمين وحقن دمائهم وتجنب الفوضى والعنف- هو الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز رحمه الله الذي أحيى الله به الأمة وأصلح أمرها بالعدل والإحسان بعد فسادٍ دام حوالي ستين سنة. ويعتبره المخرج الشريف الوحيد الممكن)، الذي يؤهل الحسن الثاني ليرقى إلى مصاف الرِّجال إن صدق واستجاب، لكن هيهات من النموذج العمري وما يشترطه من هِمَّة قعساء، وتواضع جمّ، وتأييد من الله بيِّن.

المستقبل في الرسالة

سواء استجاب الحسن الثاني أو أبـَى، سكت أو تكلّم، قبِل النصيحة أو رفضها، فأمرُ الله مَقضي بقُدرته، بالحسن أو بغير الحسن، ويَمر العهد الحسني بمناوراته وتلفيقاته وغموضه وخوفه وإرهابه وإغرائه ولعبه بالدين. غموضٌ خاض في وَحَلِه من خاض، واغترب من اغترب وانحاز من انحاز واغتر من اغتر. بعد الطوفان لا يلتقي المسلمون إلا على وُضوحٍ وصراحة واستقامة في الدين) 16 ، وإن البشارة النبوية بعودة الخلافة على منهاج النبوة -تكتُّلا إيمانيا واقتصاديا وسياسيا للمسلمين- لواقعةٌ بعد عهود الـمُـلْكَين العاضّ والجبري، أحَبَّ مَن أحَب وكرِه مَن كرِه، والله غالب على أمره، ولو كره الكارهون وتعنت المتعنتون. والحمد لله رب العالمين.


[1] أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.\
[2] يذكر الأستاذ المرشد رحمه الله فضل الأستاذين “محمد العلوي” و”أحمد الملاخ”، رحمهما الله، في طبع الرسالة ونشرها، وما بذلاه من صبر وتجلد في غيابات السجن، حيث أمضيا خمسة عشر شهرا في ظروف قاسية جدا.\
[3] مقتطف من شريط مرئي: https://www.youtube.com/watch?v=9LvnplUY3ec\
[4] ياسين عبد السلام، الشورى والديمقراطية، مطبوعات الأفق ، ط1، 1996م، ص: 220.\
[5] ياسين عبد السلام، الإسلام أو الطوفان، طبعة 2، 2000، ص: 52.\
[6] المرجع نفسه، ص: 126.\
[7] رواه الشيخان عن معقل بن يسار رضي الله عنه.\
[8] ياسين عبد السلام، الإسلام أو الطوفان، مرجع سابق، ص: 49.\
[9] المرجع نفسه، ص: 53.\
[10] الداجن حيوان أليف يُعلَّف ويُسمَّن.\
[11] المرجع نفسه، ص: 47.\
[12] المرجع نفسه، ص: 110.\
[13] المرجع نفسه، ص: 134.\
[14] المرجع نفسه، ص: 133.\
[15] المرجع نفسه، ص: 146.\
[16] ياسين عبد السلام، حوار الماضي والمستقبل، مطبوعات الأفق، ط1، 1997م، ص: 257.\