مذكرات في التربية عبارة عن مجموعة محاضرات ألقاها الأستاذ المربي عبد السلام ياسين رحمه الله في مركز مدرسة المعلمين في الستينيات من القرن العشرين، يقول عنها أنها “مذكرات جمعتُ فيها دروسا كنتُ ألقيتها على طلبتي في مدرسة المعلمين منذ عدة سنوات، ولست أزعم أنني أضيف بهذه الصفحات بحثا علميا في الموضوع، لكنني رأيت ألا يضيع ما كنتُ بذلته من مجهود متواضع يستنير بتجربة غير قصيرة في ميدان تكوين المعلمين” 1.
ورغم أن هذه المذكرات كتبت منذ زمن بعيد إلا أن صداها لا يزال يمس واقعنا التربوي بإلحاح، لأنها اهتمت بمادة واحدة فقط دارت عليها كل فصولها إنها التربية، فالفصل الأول تركز القول فيه على ماهية التربية وغاياتها، والفصل الثاني انتقل إلى الكلام عن وسائل التربية، وفي الفصل الثالث جاء الكلام فيه عن علم النفس ومدى ارتباطه بتربية الطفل، أما في الفصول المتبقية الرابع والخامس والسادس تناول الكتاب أنواع التربية وهي بالتتابع التربية الجسمية والخلقية والعقلية.
وتعد هذه الفصول الستة مادة تربوية غنية للباحثين في العمل التربوي وخاصة تربية الطفل، ومذكرات هامة لمن يخوض تجربة تربوية في المؤسسات التعليمية التربوية من المعلمين والمعلمات.
انتقد مؤلف المذكرات منهجين تربويين مختلفين، المنهج التربوي التقليدي الذي يدعو إلى الجمود على التراث الموروث دون الرجوع إلى النظريات التربوية العصرية، ومنهج التبعية التربوية المطلقة للإيديولوجيات المعاصرة دون الالتفات إلى الأصول التربوية في المرجعية الإسلامية، لهذا قرر المؤلف أن يأخذ بمنهج يزاوج بين الأصول التربوية والنظريات المعاصرة، لذلك نجده يؤكد أن منهج الكتاب “فيما كتبته منبعث إلى الأصالة والتجديد اللذين نحن في أشد الحاجة إليهما بعد أن جعلنا التقليد والتبعية الأعميان ننظر بأعين غيرنا إلى مشاكلنا الخاصة” 2.
كما غلَّب المؤلف البعد العملي الواقعي على البعد النظري التجريدي لأنه كتب للمدرسة المغربية وللطفل المغربي وللمعلمات والمعلمين المغاربة، حرصا منه أن يكون الكتاب كتابا وطنيا بامتياز، فالمؤلف حاول أن يُخضع بعض النظريات التربوية الحديثة والمعاصرة إلى الواقع الوطني المغربي ليعالج تحدياته وعقباته التربوية، يقول: “عالجت كل موضوع على ضوء واقعنا التعليمي، وتحدثت عن المعلم باعتباره المعلم المغربي في وضعه الخاص وبصفاته التي يحددها تكوينه وعقليته كما تحدثت عن التلميذ باعتباره التلميذ المغربي المتقلب في أسرة مغربية، والناشئ لمستقبل مغربي” 3.
(…)
تتمة المقال على موقع ياسين.نت.