قصتي مع “طوفان الأقصى”.. روح الضفدع أسمى! | دة. خديجة مسامح

Cover Image for قصتي مع “طوفان الأقصى”.. روح الضفدع أسمى! | دة. خديجة مسامح
نشر بتاريخ

روح الضفدع أسمى

في التغطية المستمرة للحرب على غزة  بمناسبة طوفان الأقصى، ورد خبر وضع ضفدع في الفرن الكهربائي حتى فقد الحياة بعد أن استوى واحترق وذاق من ألوان العذاب. والمجرم جندي صهيوني ثبتت في حقه التهمة فاستحق العقاب، حكم عليه القاضي من أهله بأربعة أشهر سجنا وغرامة مالية، لأن هذا التصرف قد يشكل مقدمة لإلحاق الأذى ببني آدم…

ويعلق معلق درس المنطق: لقد كان نتيجة صادقة لمقدمات كاذبة. تلقاها من حُكَمائه.

قتل ضفدع جرم ليس بعده جرم؛ لا يعادل أبدا إطلاق كلب مدرب من وحدة عوكتس على امرأة مسنة لينهش جلدها ويهشم عظمها…

لا يعادل أبدا فقء عيني أسير  فلسطيني من ذوي الاحتياجات الخاصة، وسرقة أجزاء من أعضائه وأحشائه، ثم يلقى…

لا يعادل أبدا وضع بشر مصاب بطلقات رصاصهم، وهو عار، على ظهر دبابة تسلخ جلده من شدة الحر ليكون درعا بشريا يحتمون به…

لا يعادل أبدا استهداف مركز لحضانات الأجنة، ولا تيتيم أطفال، ولا تجويع شعب وتعطيشه، ولا نسف مربعات سكنية على رؤوس ساكنيها…

لا يعادل أبدا، لا يعادل أبدا… كل أسباب الموت وأشكاله وألوانه…

ما الميزة يا ترى التي تميز هذا الضفدع عن البشر؟ هل لأنه حيوان؟ ولكن، الحيوانات تقتل كذلك. أم أنه ينتمي للعنصر السامي؟ من يدري؟

أو لربما هو مسالم مطاوع مهادن؛ لن يستطيع أن يتخذ أبطال المقاومة والممانعة قدوة ولا رمزا للعزة. أو لأنه لن يخلف بعده من سيدخر في شعوره ولاشعوره صور الظلم والهوان والدمار والتخريب والإبادة التي تبث حية، وحدها الصور تبقى حية، ولا حياة لغيرها. فيعود ابنه الشاهد على العصر العسير لينتقم.

ولكن ألم يكن يعلم ذلك الجندي المجرم المستحق للعقوبة حقا، أنه سيعاقب إن سعد بقتل ضفدع في فلسطين؟ وهو الذي نشأ على الحق في استباحة كل ما ينتمي إلى فلسطين، الأرض الموعودة، وكل من في غزة وما في غزة مما يذكرهم بالعزة، عاقلا وغير عاقل، متحركا أو ساكنا، مسكنا أو مشفى، جامعة أو جامعا، شجرا أو حتى عشبا ربما يخفي نفقا أو عبوة قد تنسفهم في لحظة، أي لحظة. هو الذي درس في الأكاديمية الفاشية والنازية قواعد الفتك بالإنسانية وطورها وتفوق عليها لوصل وحشيته وتوحشه بالحيوان.

نزعوا صفة الإنسانية عن الفلسطيني ونزعوا عنه حتى “حيوانيته” ليقتلوه بدم بارد وهم يحتسون قهوة الصباح رافعين أصواتهم بترانيمهم.

ضفدعة في غزة حرقت، والضفة ضاعت يوم وضعت يد خائنة في مخالب الذئاب، تسلم عليها وتسلم لها، وأخرى تطبع معها إلى حين يحين وقتها… لتحل الوضاعة محل الشرف، والخذلان محل النصرة.

هذا في أوهامهم. سيأتي زمان يغزو فئام من الناس فيستفتحون فيفتح لهم ببركة صدق الاتباع، وقد أتى ذلك الزمان، وصدق الشاعر الفلسطيني تميم البرغوتي إذ اختار لازمة لكلماته: (إن تحريرها كلها ممكن، وإن تحريرها كلها قد بدأ).