اختلالات السياسة التعليمية ومداخل النهوض
هذه مقالة تحاول أن تقدم منظور الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان لقضايا التربية والتعليم، وهو المنظور الذي يقوم على تثمين الوضع الاعتباري لقطاع التربية والتعليم، وعلى تشخيص واقع القطاع بعمق ووضوح يكشفان الأسباب الحقيقية والنتائج المفزعة لما يحياه من انهيار عام، ثم على التأسيس لمقترحات إجرائية قابلة للتنفيذ لتغيير المنظومة التربوية التعليمية بالمغرب. وهي -أي المقالة- تقف في هذا الجزء الأول عند رؤية جماعة العدل والإحسان لاختلالات السياسة التعليمية بالمغرب، ولمقترحاتها التأسيسية لمداخل التغيير للنهوض المجتمعي العام بهذا القطاع الحي والحاسم في بناء حال الأمة ومستقبل البلاد.
أولا. مقدمات لفهم مقاربة قضايا التربية والتعليم في الوثيقة السياسية
يتأسس فهم مقاربة الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان لقضايا التربية والتعليم على العناصر الخمسة التالية:
1. محورية التربية في مشروع بناء الإنسان وتشييد العمران في المشروع التغييري الذي تقترحه جماعة العدل والإحسان؛ باعتبار التربية “المحرك الجوهري لعملية التغيير في الفرد والجماعة والأمة” (ص 21)، ولكونها بما هي “صياغة للشخصية الفردية وتنمية للذات الجماعية” (ص 145) المدخل الرئيسي لصناعة “التعبئة المجتمعية” التي يحتاجها التغيير العام المقترح. من هنا نجد قرن الوثيقة التربية بالتعليم، بل وتقديم التربية على التعليم بما يفيد أسبقيتها وأولويتها، لكن طبعا في نسق مترابط مع التعليم.
2. مركزية المدرسة باشتغالها على التربية والتعليم في بناء التعبئة المجتمعية المتواصلة التي تراهن عليها جماعة العدل والإحسان للمشاركة العامة في حمل أعباء النهوض الجماعي إلى جانب مؤسسة المسجد والأسرة والإعلام؛ فالمدرسة الصالحة في نظر الجماعة من مؤسسات التغيير العميق والشامل بما تسهم به من تغيير الإنسان وتربية الإنسان وتعليم الإنسان (ص 18).
3. موقع عرض قضايا التربية والتعليم في البناء الهيكلي للوثيقة؛ إذ تم إدراجها في المحور المجتمعي، واعتبارها شأنا مجتمعيا، والحجم المهم الذي أخذه التعليم في هذا المحور من صفحات بلغت ست عشرة صفحة (16 من ص 164 إلى ص 179)، والكم الكبير من المقترحات المقدمة والتي وصلت واحدا وثمانين مقترحا (81 من الرقم 626 إلى الرقم 706)، وهو ما يعني جعل التعليم أول وأساس الأدوات التربوية المجتمعية، وعلى رأس الآليات المؤطرة للحقل المجتمعي في فضاءاته المتعددة: في الحقل الديني والأسري والطفولة والمرأة والشباب، إلى جانب الإعلام والاتصال والثقافة والفن والرياضة، بل وتبويئه دورا مركزيا في تعزيز اللحمة المجتمعية، والاعتماد عليه لبناء مجتمع الكرامة والتضامن والتربية المتوازنة. ويجدر التأكيد هنا أنه لا يقتصر وجود قضايا التربية والتعليم على المحور المجتمعي، بل إنها سارية ممتدة في ثنايا الوثيقة عند تناول العديد من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو أمر ذو دلالة قوية في الوضع الاعتباري لهذا القطاع.
4. أهمية التعليم والمعرفة في البناء العام للعمران الإنساني؛ بما هو آلية لاستنهاض الوازع القيمي والأخلاقي في مختلف مجالات المجتمع، لكونه أداة من أدوات التنشئة العامة التربوية والحقوقية والبيئية والصحية والثقافية، ولأن الرهان التعليمي والتربوي من أهم رهانات ربح إنصاف المرأة ومحاربة الجهل والفقر والهشاشة والرذيلة. وبما يمثله الاستثمار في المعرفة من أدوات الارتكاز الأساسية للنهوض الاقتصادي والاجتماعي، وبما تحققه التربية والتعليم في مجال صناعة الفاعل الحامل عبر تكوين الأجيال وبناء رجالات الدولة، وكذا من خلال ما يفتحه البحث العلمي وتعزيز الابتكار المعرفي من أبواب التطوير التقني والحفاظ على البيئة وضمان الأمن الغذائي والمائي وتطوير الموارد البشرية وتحقيق التنمية المستدامة (ص 49، 77، 157، 161).
5. اعتبار التعليم حقا من الحقوق الأساسية المحددة لدولة المجتمع، وتجليا من تجليات تحقيق العدل بمعانيه المختلفة؛ فالوثيقة تجعل التعليم حقا من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن وواجبا من واجبات الدولة والتزاما من التزاماتها، وترى في التجهيل آلية من آليات الاستبداد. ولقد أكدت الوثيقة على مسؤولية الدولة في ضمان التعليم العمومي وجعله متاحا ومفتوحا لكل فئات المجتمع، للنساء، والرجال، وللطفولة، ولذوي الاحتياجات الخاصة، وللشباب، في مستويات ثلاثة تربط بين القيم والمعرفة والتدريب. وذلك وفق مواصفات تراعي تسهيل الولوج، والتعميم، والاستدامة، والجودة، والإنصاف، وتحقق العدالة المجالية، والرفع من الإنفاق، والإدماج الاجتماعي. كل ذلك بإشراك الإدارة المحلية والمجتمع المدني (ص 25، 26، 33، 41، 42، 46).
لأجل هذا كله، ترى الوثيقة السياسة أن قطاع التربية والتعليم يستحق مكانة متميزة، تجعله على مستوى التخطيط من أولى أولويات المشروع التغييري، وعلى مستوى بنية الدولة العمود الفقري للدولة، وعلى مستوى التنظيم أو التدبير الجهاز المستحق لإعادة الترتيب والبناء، على نحو يرفع ذلك إلى درجة الضرورات الحياتية التي لا قائمة للأمة من دونها. إلا أن تبوؤ هذا القطاع للمكانة المرجوة لن يتأتى بغير مراعاة تحقيق الارتباط العضوي والاتصال والانسجام بين عنصرين اثنين هما:
– عنصر سياقي يشترط الإصلاح السياسي والاقتصادية والمجتمعي؛ بحيث لا يتصور في منظور الوثيقة إمكانية عزل إصلاح التعليم عن إصلاح السياسة، وهو ما يعني تجاوزا للنظرة التجزيئية وما تجره من مقاربة تقنوية.
– عنصر نسقي يؤكد على ربط قطاع التعليم بما هو مؤسسة تربوية بباقي مؤسسات التنشئة الاجتماعية من مسجد وإعلام وأسرة وثقافة وفن ورياضة.
وعليه، فلا يستقيم الحديث عن إحداث تحول عميق في البنية العامة للتربية والتعليم بالمغرب من دون إصلاح بنيوي عام للشأن السياسي وتأثيراته الاقتصادية والاجتماعية، وكذا من دون امتلاك نظرة منظوماتية يتحقق بها التكامل والانسجام بين مختلف الآليات المتدخلة في عملية التربية المجتمعية.
ثانيا. اختلالات السياسة التعليمية بالمغرب
تصف الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان الوضع التعليمي بالمغرب بوصف “الكارثة”، وتسم أزمته بـ”المركبة”. وقد انبنى موقف الوثيقة في رصدها لاختلالات السياسة التعليمية بالمغرب على أرضية تشخيصية قائمة على الربط المنطقي العِلِّي بين الأسباب والنتائج. مع التمييز الجلي فيها بين العلل الجوهرية وتجليات التعثرات المتنوعة.
في ما يتعلق بالأسباب تقف الوثيقة عند سبعة أسباب رئيسية للوضع الكارثي في التعليم تتحدد في المستويات السبعة التالية:
1. المستوى السياسي، وفيه رصد لاختلالين كبيرين هما: الضبط التحكمي القائم على رهن القرار التربوي التعليمي للحكم؛ فقضية التعليم بالمغرب كانت دائما شأن القصر ومؤسساته ومقرراته وتوجيهاته وتعليماته، وتأتي خطابات الملك دائما على رأس المرجعيات الحاكمة لأي توجه إصلاحي للتعليم بالمغرب. ثم هناك ارتهان القرار التربوي لما تعرضه وتفرضه المؤسسات المالية الدولية المانحة مما يجعله سجين برامجها وتوجهاتها، وأسير إملاءاتها. وإذا كان الضبط التحكمي يفقد التعليم مشروعيته المجتمعية فلا يعود قضية شعب في كنف الأمة، وإنما أداة للتدجين في قبضة الحاكم، فإن الارتهان للأجنبي يمس بسيادة القرار التعليمي بحيث يغدو ضائع الهوية، تائه الوجهة، فاقد المعنى والوظيفة.
2. مستوى الرؤية، وهو ناجم عن المستوى الأول السياسي؛ بحيث تفتقد المنظومة التربوية لتصور مجتمعي يراعي هوية المجتمع، وينبع من خصوصياته، ويستجيب لحاجياته. وهذا ما يفقد المنظور الرؤيوي للقطاع أصالته وهويته ووظائفه ومعناه؛ لأن العامل السياسي أعلاه، وتحكم العامل الأجنبي يحول دون صياغة الإجابة المجتمعية عن أي مدرسة نريد؟ وأي متعلم نحتاج؟ وأي منهاج تربوي نعتمد؟
3. المستوى البيداغوجي، إذ هناك غياب لبيداغوجيا تدريسية متميزة بالأصالة والكفاءة والنجاعة، واستعاضة عن ابتكار نموذج ذاتي، عبر التخبط المتوالي الناتج عن اللجوء إلى استيراد النماذج البيداغوجية الغريبة عن الوطن والمتعلم وهمومه.
4. مستوى التقييم، ذلك أن مختلف التشخيصات المنجزة للواقع التعليمي على مر تاريخه الطويل تفتقد لخاصيتي العلمية والنجاعة؛ بحيث يسجل أنها لا تتم استجابة لحاجية ذاتية، وإنما تحت ضغط النقد الدولي، ورجاء جلب التمويل العالمي بالانخراط في البرامج الدولية. وهي على أي حال تتم على نحو موسمي لا مؤسساتي، وتتميز بالارتجال والتجزيئية، والوقوف عند الأعراض دون ملامسة الأسباب الجوهرية، وتغيب فيها محاسبة المسؤولين الحقيقيين عن الضعف البنيوي للمنظومة منذ عهد الاستقلال إلى الآن.
5. مستوى التعبئة المجتمعية، فهناك شبه استقالة للمجتمع نحو التهمم بالمدرسة إلا في موسم الدخول المدرسي والامتحانات، بل إنه يُتَحدَّث عن مدرسة “الدولة” أو مدرسة “المخزن” مقابل المدرسة “الخصوصية”. وحتى الإشراك المتغنى به في مواسم إعداد الإصلاح يتميز بالانتقائية والاستعجالية وبالسطحية، وبعدم اعتماد إشراك حقيقي لكل أطراف القوى الوطنية من الممارسين التربويين، والفاعلين المجتمعيين، والمفكرين الباحثين الجادين. هذا دون الحديث عن أن كثيرا ما تكون مواسم الإصلاح هذه فرصا لتوزيع المناصب والمحاباة والاغتناء وتفشي الريع.
6. المستوى التدبيري والتسييري، الذي يسجل فيه اعتماد الإصلاحات المفروضة على ما تتميز من هجانة والتقاطية، واستيراد واستنساخ، على التنزيل العاري من كل مقومات السلامة والملاءمة والنجاعة في مختلف مراحل التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم والتقويم والتجديد. وهذا يجعل هذه الإصلاحات على علاتها مجرد شعارات غير ذات أثر في الواقع، ويجعل تنزيلها مشوها عديم الجدوى والفاعلية، مما يزيد المسافة بين الخطاب الإصلاحي والواقع التعليمي هوة متسعة متفاقمة.
7. مستوى الحكامة، فرغم تعدد الإخفاقات وكثرتها وتكرارها وتناميها، ورغم تفشي الفساد والمحسوبية، ورغم الهدر العام للمال العمومي، ورغم الأخطاء الفظيعة في التدبير، لا يتم إعمال وربط المسؤولية بالمحاسبة، وهذه كبرى الطامات في القطاع عندنا، بحيث كثيرا ما يعود المسؤولون أنفسهم عن الفشل لمناصبهم لاجترار حديث إصلاح القطاع ولوك خطابات الوطنية والتنمية.
ينجم عن هذه الأسباب بحسب الوثيقة السياسية نتائج عنوانها الأبرز “الفشل” الذي تتمظهر تجلياته البارزة في ستة عناصر تشمل:
1. رؤية الإصلاح التي تتميز بتعدد المشاريع، وتناسل التجريب، والتمدد التاريخي، وتضخم الشعارات، وتنامي الاختلالات، وتفاقم طوابع الارتجال والاستعجال والتخبط في التنزيل.
2. وضع المدرسة المغربية التي تعاني من فقدان الثقة مع ما يعنيه ذلك من فقدان الاحتضان الشعبي. خاصة أمام وضع أريد فيه للمدرسة ألا تستمر في القدرة على أداء وظائفها التقليدية على مستوى التربية الأخلاقية والقيمية، وعلى مستوى التعليم والمعارف والتدريب، وعلى مستوى التنشيط الثقافي والفني والجمالي والرياضي، بعد أن أضحت باعتراف التقارير الرسمية نفسها مرتعا للعنف وللفشل الأخلاقي ولإنتاج القيم الفاسدة.
3. المردودية الداخلية والخارجية التي يترسخ تدنيها في جوانب متعددة، تتمثل في الفشل في تعميم التعليم، وفي سيادة الأمية بمختلف أنواعها، وتنامي الهدر والتسرب والتكرار، وضعف جودة التعلمات والمكتسبات في مختلف أسلاك التعليم والتكوين، وضعف مؤشرات المعرفة، وهزالة جودة البحث العلمي، وتضاؤل بعد الإدماج الاقتصادي والسوسيو ثقافي، وغياب الأبعاد الاستباقية لضمان الاستمرارية البيداغوجية.
4. البنية العامة للمدرسة المغربية بسيادة الهشاشة والتفاوتات وغياب العدالة المجالية التي تعيق الولوج وتكافؤ الفرص.
5. الفاعل البشري، وهكذا مثلما فقدت المدرسة وظائفها فقدت المهنة جاذبيتها، بسبب اهتزاز وضع المدرسين واحتقارهم، وبسبب عدم الاعتناء اللائق بوضعهم المادي والمعنوي، وغياب التكوين الرصين والتحفيز الملائم.
إن هذه الأسباب كلها قد أدت بنتائجها جميعها تلك إلى أن تسكن المدرسة المغربية المراتب الذيلية في التصنيفات الدولية للتنمية التعليمية، لتكون الخلاصة والنتيجة ضياع هيبة المدرسة، وضياع التنمية، وضياع الرأسمال البشري، بل وضياع صورة المغرب عموما.
ثالثا. مداخل ومقترحات النهوض
ترى الوثيقة السياسية أن هناك حاجة قوية إلى تغيير حقيقي وجدي لوضع التعليم بالمغرب، أي لتغيير يقطع مع الترقيع والعبث وتضييع الزمن المجتمعي، وهو ما يتطلب الانطلاق من مدخلين اثنين تعتبرهما الوثيقة أساسيين للنهوض بالتربية والتعليم. ويتأسس هذان المدخلان على قراءة تاريخية نقدية لمسار الإصلاحات التعليمية بالمغرب، وهي القراءة التي تتحصل منها الوثيقة على العلة الجوهرية لأزمة التعليم بالمغرب، والتي عنها تولدت مختلف أعراض الكارثة التعليمية. هذه العلة بحسب الوثيقة تتجلى في وجود آفتين اثنتين هما: الاستبداد وما نتج عنه من التحكم وغياب الحرية، والتغريب وما ولده الاستتباع والاستلحاق بالأجنبي من ضياع الهوية.
المدخل الأول هو المدخل السياسي، وغايته تحقيق السيادة التربوية من خلال:
1. فك رقبة التعليم من تحكم السلطة السياسية عبر أدواتها المعروفة، ليكون التعليم قضية الشعب كله، يحيا في كنفه، لا قضية تحكم من الدولة والنظام الحاكم فقط.
2. فك ارتباط التعليم بالتمويل الدولي وفق اشتراطاته المقيدة، التي تمركز المنظور التسليعي الذي تحكمه ضغوط الإنفاق المالي على القطاع.
أما المدخل الثاني فهو المدخل التربوي المجتمعي، ومرمى هدفه تحقيق السيادة الهوياتية والأخلاقية والعلمية، بصياغة منظومة تربوية تعليمية تراعي أبعادا أربعة متعلقة بالهوية، والوظيفية، والتكامل، والانفتاح، من خلال:
– التعبير عن هوية المجتمع وقيمه وأخلاقه وخصوصيته.
– الاستجابة لحاجيات البلاد الآنية والمستقبلية.
– الجمع المنسق المترابط بين التشبع بالقيم، وتملك المعارف، واكتساب المهارات.
– الاستفادة من الحكمة الإنسانية والتجارب البشرية.
واعتمادا على هذين المدخلين الرئيسيين يتم تقديم اقتراحات إجرائية داعمة قائمة على العناصر الثلاثة التالية:
1. الجسم الحامل، وهنا تتم الدعوة إلى تأسيس الجبهة المجتمعية الوطنية للنهوض بالمدرسة المغربية، حتى يتم احتضان المجتمع للتعليم، وهو شيء يحتاج إلى الاشتغال على التعبئة الشاملة والعامة للشعب وقواه الحية.
2. أداة المقاربة، من خلال إنجاز تشخيص يُمَكِّن من إدراك الواقع الحقيقي للتعليم بدون تزويق ولا تنميق، ويضع اليد على مكامن القوة والضعف. وتحدد الوثيقة السمات التي يلزم أن يتسم بها هذا التشخيص في المميزات التالية: العلمية، الدقة، الشمولية، ترشيد الإمكانات، الارتكاز على نقط القوة، استثمار الفرص المتاحة، الانطلاق من أولويات مستعجلة.
3. طريقة التدبير، عبر اعتماد ثلاث مراحل:
– البدء بالنقاش العمومي والحوار المجتمعي المفتوح والمسؤول والذي يغطي المستويات المركزية والمحلية.
– الإفضاء إلى مناظرة وطنية حول التعليم تعتمد مبدأ الإشراك الحقيقي لثلاثية الخبرة الميدانية التي يمثلها الفاعلون الممارسون، وللحاجيات المجتمعية التي يجسدها الشعب والمجتمع، ولمقتضيات البحث العلمي والتربوي التي يقدمها أهل الاختصاص من المفكرين والباحثين.
– صياغة مبادئ للتعاقد المجتمعي حول التعليم، يتم اعتمادها إما في شكل وثيقة مرجعية وطنية، أو يتم دسترتها تأكيدا على الوضع الاعتباري المنشود للقطاع، ووظائفه الحاسمة في التغيير العام.
وإنما تتغيّا هذه المقترحات الإجرائية الداعمة للمدخلين التأسيسيين في نظر الوثيقة السياسية بناء توافق تعاقدي مجتمعي نحو التعليم يمكن من ضمان استقرار المنظومة التربوية، عبر القطع مع جعل التعليم محلا للاستقطاب السياسي، ومجالا لتصريف الاحترابات الإيديولوجية، أو رهنا للإملاءات الأجنبية، وضحية للتدبير الارتجالي.
الخلاصة
إنه لا يمكن استيعاب أو وعي مقاربة الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان لقضية التعليم بالمغرب من غير الاستناد إلى:
1. موضعة قضية التربية والتعليم في منظومة المشروع المجتمعي الكلي لجماعة العدل والإحسان عموما، وفي مشروعها السياسي خصوصا.
2. النظرة التاريخية التي تقرأ تاريخ إصلاح التعليم بالمغرب في محطاته المختلفة بسياقاته الدولية والوطنية.
3. النظرة المركبة البنيوية في فهم أزمة التعليم بالمغرب، والتي تتأسس على ترابط إصلاح التعليم بإصلاح البنية السياسية والاقتصادية العامة، وعلى التمييز بين جوهر الأزمة وأعراضها، وعلى ضرورة امتلاك السيادة الوطنية في مقاربة الشأن التعليمي، والإشراك المجتمعي للشعب في احتضان والنهوض بالتعليم.
4. النظرة التشخيصية التحليلية الاقتراحية المتميزة بخاصيات الوضوح والشمولية والإجرائية.
5. المرجعية القيمية المجتمعية القائمة على تلازم الأبعاد الأخلاقية التربوية والتعليمية المعرفية التثقيفية والمهارية التدريبية في وظائف المدرسة، وعلى الارتباط والانسجام والتكامل بين مؤسسات التنشئة الاجتماعية المختلفة.