مقدمة:
إن القضية الفلسطينية ليست قضية الإنسان المظلوم المغتصب في أرضه ومصير حياته، المحروم من تقرير مصير كرامة العيش تحت سقف سماء الحرية السماوية وفوق أرض أجداده ووطنه التاريخي، بل هي قضية أمة شهد تاريخها انكسارا في فلسطين فكان له وقع على كل البلاد العربية والإسلامية، وصل إلى حد تصفية القضية الفلسطينية أو ما يعرف بصفقة القرن بمباركة دول عربية، فضاعت فلسطين لأسباب تاريخية، وحدث جرح عميق في جسم الأمة، فرض التفكير في المخرج من هذه الأزمة التاريخية العميقة.
اهتم كثير من المفكرين بقضية فلسطين، واقترحوا مشاريع مختلفة للخروج من الأزمة التاريخية، من ضمن هؤلاء الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله. كانت فلسطين عنده مركز القضايا العربية والإسلامية، ومشروعا أساسيا في تراثه الفكري والسياسي، حضرت بقوة في كتاباته، كيف لا وقد جعل القضية الفلسطينية معضلة المسلمين المركزية، تبدأ معركتها الطويلة بصناعة الوعي وتجديد التوعية بها عند أجيال الحاضر والمستقبل، فما هي حدود معركة تجديد الوعي؟ وما دوره وأهميته في قضية شهدت مؤامرات عالمية وأحداثا تاريخية كبيرة؟ ولماذا التركيز على الأسباب التاريخية لضياع فلسطين؟ وما علاقة هذه الأسباب بتجديد الوعي في واقعنا الحاضر والمستقبل؟ وما هي الأساليب التي اعتمدها الأستاذ ياسين في مشروعه لتجديد وعي الأجيال الجديدة تبالقضية؟
يهدف المقال إلى الجواب عن الأسئلة السابقة، لمعرفة مشروع صناعة الوعي وتجديده عند الإمام، وإدراك أهمية التوعية باعتبارها مقدمة ضرورية يقوم عليها مشروع تحرير فلسطين، وستنتظم مقاربة الموضوع في محورين:
الأول: الوعي بالأسباب التاريخية لضياع فلسطين، لأن المعول عليه في نجاح مشروع الوعي هو الوعي بالتاريخ، بما جرى من مؤامرات سرية وعلنية بين أقطاب الاستكبار العالمي.
الثاني: الجرح التاريخي وأهمية تجديد الوعي في الحاضر والمستقبل، بأساليب متنوعة ومتناسبة مع نفسية وواقع الأجيال الجديدة.
أولا: الوعي بالأسباب التاريخية للجرح الفلسطيني
يرى الإمام ياسين الوعي بالأسباب التاريخية للجرح الفلسطيني عاملا أساسيا في المعركة الحضارية الإسلامية، وقد حدد العوامل التي أدت إلى ضياع فلسطين في ثلاثة أسباب تاريخية، كانت وما تزال عوامل حاسمة في القضية الفلسطينية، وهي: دعم الاستكبار العالمي، وخيانات زعماء العرب، وقوة إرادة اليهود وتخطيطهم المحكم.
1. دعم الاستكبار العالمي:
قضية فلسطين ليست قضية صغيرة وبسيطة، بل هي قضية كبيرة ومعقدة، تستدعي العودة للذاكرة التاريخية للوعي بأسبابها الحقيقية، وإدراك تجذرها في التاريخ؛ إذ تمتد إلى الروح الصليبية التي سكنت في قلوب أصحابها منذ حروبها، فبعد اتسعة قرون، وبعد حروب بين النصارى انتهت بحربين عالميتين يتصالح أهل الكفر ويحتلون الأرض المقدسة في فلسطين يُسكنون فيها حلفاءهم اليهود. 1
في العصر الحديث تجددت الروح الصليبية… تتمة المقال على موقع ياسين نت.