قمر الورى لا قبله أو بعده
أحد يرى في حسنه أو يقرب
الله أمسك قبضة من نوره
فإذا بها هذا النبي الأعذب
أنف دقيق والحواجب لمسة
علوية والشعر رجل أنسب
وسواد لحيته الجميلة روعة
وجبينه مثل الصباح وأرحب
وكأن جيد محمد من فضة
وكأنه من لؤلؤ يتصبب
ويداه ألين من حرير ناعم
وأريجها من كل طيب أطيب
وكلامه وحي يداعب صحبه
بالحب في صوت عجيب يطرب
وعيونه النجلاء تشرق بالرضا
في رحمة للحاضرين وتحدب
قمر الورى لما يسر كدارة
للقلب يأخذ والمشاعر يلهب
في الوجه تدوير وخد واضح
وفم له في كل حال معرب
في كل شيء ظاهر أو باطن
أقوى وأجمل ما يكون ويطلب
الشمس والقمر المنير تذللوا
لما بدا من حسنه وتهيبوا
كتب الزمان وما يزال يحاول
وصف النبي وما تراه سيكتب
عن سيد فات العبارة سره
سهل وممتنع وغيث صيب
الله ألبسه بها أسماءه
فجماله وجلاله لا ينضب
وسما به جسما وروحا للسما
حتى يرى آياته يتقرب
يؤذى ولا يؤذي ولا يتكلم
إلا بما يعنيه أو هو أوجب
ما اغتاب من أحد طوال حياته
أبدا ولم يشمت بقوم أذنبوا
ويحب أن يلقى الجميع وصدره
صاف سليم بالمحبة مشرب
وإذا دعي لبى وقال برقة
قل لي ما تشاء وترغب
قد عاش عبدا لا يميز نفسه
كالناس يعمل للحياة وينصب
ويذوق من نعمائها وبلائها
مستغفرا دوما يتوب وينحب
يهوى صلاة الليل قرة عينه
حمدا وشكرا لا يمل ويتعب
حزن وفكر دائب في ربه
ورجاؤه ألا يسيء فيغضب
يعطي لكل حقه من بشره
وكأنه فوق الجميع مقرب
متبسم إلا إذا يوما أتى
جبريل بالوحي العظيم فيغلب
ويحب أن يحيا حياة تواضع
لله في أحواله يتأدب
يأبى ويكره أن يفاخر بالدنا
وفضولها من قربها يتهيب
ومع الإماء كما الملوك إذا دعا
يدعو دعاء واحدا ويحبب
وإذا أتى أحد وأمسك كفه
يبقى يسايره ولا لا يذهب
والضيف يكرمه بكل حفاوة
بالكل لا يخفيه عنه ويحجب
ويمده بردائه مهما نأى
حتى يؤلف قلبه ويطيب
ويعامل الصحب الكرام برحمة
روح السماحة تحتويه وتسكب
ويباسط الأطفال حين تراهموا
يتسابقون لبيته كي يشربوا
يا أعقل العقلاء يا قمر الورى
لولاك ما علم الورى وتأدبوا
لولا عظيم خصالك يا سيدي
لانفضت الدنيا فأين المهرب