“كمال لم يمت، كمال حي بيننا دائما”؛ بهذه العبارات المؤثرة افتتح والد الشهيد كمال عماري الحاج عبد الرحمان كلمة له في حفل عقيقة حفيده، مردفا: “الحمد لله الذي أحياني حتى أعيش هذه اللحظة وأضع بين يدي حفيدا يحمل اسم كمال”.
كمال الذي خرج إلى جانب شباب آسفي الأحرار في حركة 20 فبراير إبان الربيع العربي للمطالبة بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم وجد نفسه يوم 29 ماي 2011 وهو في طريقه إلى العمل بعد الفراغ من فعالية نضالية، وجد نفسه محاطا بسبعة من رجال الأمن بالزي المدني الذين اشبعوه ضربا وركلا دون شفقة ولا رحمة ليسلم بعدها الروح إلى بارئها يوم الثاني من شهر يونيو في المستشفى الإقليمي بآسفي متأثرا بجروحه الخطيرة.
سبع سنوات مرت على اغتيال كمال والحقيقة ما زالت معتقلة، بل أكثر من ذلك تعمل الدولة على طمس القضية وطي الملف في لعبة مكشوفة تستخدم فيها كل أجهزتها ومؤسساتها، كان آخر حلقاتها قرار محكمة النقض برفض طلب دفاع الشهيد الرامي إلى نقض قرار قاضي التحقيق المؤيد من قبل الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بآسفي، والقاضي بعدم المتابعة وحفظ الملف مؤقتا إلى حين ظهور عناصر جديدة.
إن رهان المخزن على عامل الوقت والزمان لنسيان وتناسي هذا الملف نسجا على ملفات سابقة لن تجدي في حالة ملف الشهيد كمال عماري لاعتبارات كثيرة منها:
– إصرار عائلة الشهيد وأصدقائه على كشف الحقيقة كاملة.
فقد أبانت الساعات الأولى لاستشهاد كمال عماري عن المعدن الأصيل والإباء وعزة النفس النادرة لعائلة الشهيد، خاصة والده الكريم الحاج عبد الرحمن الذي بدا كالطود والجبل الشامخ وهو يقاوم إغراءات المخزن وتهديداته مصرا على كشف الحقيقة كاملة وجبر الضرر وترتيب المسؤوليات وعدم الإفلات من العقاب.
سبع سنوات مرت دون أن تنال من عزيمته ورغبته الملحة في إنصاف ابنه ورد الاعتبار له وأصدقائه ولكل الأحرار بهذا الوطن: “أنا ما زلت كنطالب بحق ولدي كمال”. كانت هذه هي آخر عبارة ختم الحاج عبد الرحمن كلمته في ذات العقيقة المذكورة آنفا.
– إجماع حقوقي وسياسي على عدالة الملف:
عرفت قضية الشهيد كمال عماري إجماعا حقوقيا غير مسبوق حيث بادرت كل الهيئات الحقوقية والمدنية إلى إصدار بيانات وبلاغات إدانة الأجهزة الأمنية التي مارست العنف بشكل مفرط وهمجي في حق مواطن أعزل أدى إلى استشهاده. وطالبت هذه الهيئات بفتح تحقيق نزيه في ملابسات الحادث وكشف الحقيقة. وهكذا فقد ثبت بالأدلة الواضحة من خلال تقارير أعدتها جل هذه المنظمات الحقوقية المسؤولية الكاملة للأجهزة الأمنية في قتل الشهيد كمال وأصدرت توصيات تطالب فيها بكشف الحقيقة وجبر الضرر ومحاكمة الجناة، مهددة باللجوء للمؤسسات الدولية المختصة في حالة استمرار الدولة في تلكؤها وتلاعبها بالملف.
إن استمرار الدولة وإصرارها على طمس الحقيقة والتستر على قتلة الشهيد كمال وآمريهم سيبقى وصمة عار على جبين الدولة، وشاهدا حقيقيا على زيف شعاراتها وقتامة صورة أجهزتها الأمنية. ولا يمكن أن يزيد عائلة وأصدقاء وأحرار هذا الوطن إلا إصرارا على مواصلة النضال حتى كشف الحقيقة وجبر الضرر .