قال الأستاذ عبد الكريم العلمي، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان ورئيس مجلس شوراها، إن “الأحداث الكبرى التي تعيشها أمة رسول الله عليه الصلاة والسلام في هذا المنعطف التاريخي الحاسم؛ بقدر ما فيها من آلام، بقدر ما فيها من مآس، بقدر ما فيها من أحزان كبيرة وشديدة، لا يفوق ذلك ولا يتعداه إلا الرجاء الأعظم في الله سبحانه وتعالى”.
وأضاف بلهجة الواثق بموعود الله ورسوله أن الآتي “تحقيقا إن شاء الله بإذن الله لا تعليقا خير عميم لأمة رسول الله عليه الصلاة والسلام، فما عوّد الله عز وجل هذه الأمة بعد الشدائد والإحن والمحن إلا الخير”.
واعتبر، في كلمة مصورة لقناة الشاهد الإلكترونية أجاب فيها عن سؤال: كيف يقرأ المؤمن فعل الله في الكون؟ وكيف يرسخ يقينه في نصر الله عز وجل؟ في ظل ما تعرفه الأمة من أحداث جسام؛ أنه في خضم هذه الأحداث الصعبة “يتجلى إيمان المؤمنين الصادقين والمؤمنات الصادقات بوعد الله ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم، هنا يتجلى الإيمان أن الإنس والجن، وأن الأول والآخر من الناس لو اجتمعوا على أن يضروك وبالضمن على أن يضروا هذه الأمة بشيء لم يضروها إلا بشيء قد كتبه الله عليها”. واسترسل مبشرا: “فوعد رسول الله عليه الصلاة والسلام أن الله سيظهر هذا الدين على الدين كله، وأن الله سبحانه وتعالى سيدخل الناس أجمعين في هذا الدين بعز عزيز أو ذل ذليل، هذا أوان تصديقه إن شاء الله رغم هذا الذي نشاهده، فإيماننا بأن الغد إن شاء الله أفضل، هذه بوادره، وما هذه السنة التي عشناها من هذا الطوفان المبارك إلا دليل على ذلك”.
ومع هذا الإيمان بوعد الله ووعد رسوله صلى الله عليه وسلم الذي ينبغي أن لا يتزحزح المؤمنون والمؤمنات عن تصديقهم إياه، نبه الأستاذ العلمي إلى أن هناك أمورا لابد من الانتباه إليها؛ فـ”الرسول عليه الصلاة والسلام الذي وعدنا ووعده الحق بأن هذه الأمة لن يسلط الله عليها من يستأصلها أخبرنا مع ذلك بشيء آخر”، وسرد حديثا لرسول الله عليه الصلاة والسلام رواه وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه “عن سيدنا سعد بن أبي وقاص أنهم كانوا مع رسول الله عليه الصلاة والسلام في سفر، و دخل المسجد فصلى ركعتين وصلوا معه، هكذا يقول الراوي رضي الله عنه وأرضاه، ثم دعا دعاء طويلا، بعد ذلك التفت عليه الصلاة والسلام إلى أصحابه فقال لهم: سألت الله ثلاثا فأعطاني ثنتين ومنعني الثالثة؛ سألته ألا يهلكهم بالسنة -أي القحط والجدب- فأعطانيها، وسألته أن لا يهلكهم بالغرق فأعطانيها. وعند الإمام الترمذي عن خباب بن الأرت، رضي الله عن سيدنا الخباب ورحم الله الإمام الترمذي، إضافة أخرى: وسألته أن لا يسلط عليهم من غيرهم من يستأصلهم، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، فأعطانيها”.
وعلق على الحديث باستبشار: “هذه بشرى عظيمة؛ رغم تكالب وتآلب الأمم من الغرب ومن غير الغرب بكيانهم المصطنع، كيانهم الصهيوني هذا إن شاء الله بإذن الله لن يقضي على الأمة ولن يستأصلها نهائيا، بل هي تزداد قوة بعد ذلك”.
غير أنه حذر من الثالثة التي منعها الله سبحانه وتعالى لحكمة أرادها عز وجل؛ “قال عليه الصلاة والسلام: وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها”.
ولئن كان هذا الإخبار من رسول الله عليه الصلاة والسلام نذارة، فإنه أيضا دعوة للعمل، يوجه الداعية إلى الله تعالى، فـ”الأمة مهددة بهذه الآفة الخطيرة جدا، أن يكون بأسهم بينهم، والبأس شديد جدا على مر تاريخ المسلمين وهو من فعل البشر ومن أخطاء البشر ومصائب البشر. هذه الثالثة ينبغي أن ننتبه إليها كثيرا. فهذا البأس الشديد ينبغي أن تعمل الأمة على تلافيه. وأن تعمل بإذن الله بجهدها الفكري، بجهدها العلمي، بجهدها السياسي، بجهدها في الميدان على أن تتلافاه، وعلى أن تعمل بكل ما في وسعها من أجل أن لا تترك الدسائس تدخل بينها”، محيلا إلى ما نرى اليوم من كون “هذه المصائب العظمى في الآونة الأخيرة كيف يجتر الناس آلام القرون الفارطة، أصبحنا في سنة 1446 للهجرة يعني بعد 14 قرن ونصف نسمع من يدافع عن بني أمية، ومن يدافع عن فعل بني أمية في الأمة، وعن أمجاد بني أمية، ونسمع في المقابل من يريد الثأر لسيدنا الحسين”. ويتساءل مستنكرا: “ممن ستثأر للحسين؟ هل ستثأر للحسين رضي الله عنه وأرضاه من أهل السنة وفيهم وأكثرهم يحب الحسين أكثر مما يحب أباه وأمه وزوجه وأبناءه وأكثر مما يحب نفسه، تثأر للحسين رضي الله عنه ممن يكره يزيدا أكره ما يكره من الناس؟ وفي المقابل هؤلاء الذين يمجدون بني أمية وفعل بني أمية؛ هذا من السفه، هذا من إثارة النعرات وإثارة الفتن”. ليختم كلمته بالتوجه إلى المولى عز وجل “أن يكفي هذه الأمة شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجلي لها الطريق واضحة لاحبة صريحة كما تركها عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وألا يجعلنا من الهلكة، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه”.