هاهم أهلنا في القدس يسطرون باعتكافهم في المسجد الأقصى بطولة شامخة في زمان عز فيه الشموخ والإباء، رغم الخطوب والأهوال، رغم الحصار والتجويع، لم ولن يركعوا سينتصرون بإرادتهم القوية التي تربك حسابات العدو الضيقة وترغمه على التراجع والانتكاس. إنها حرب قذرة، لم يشهد التاريخ لها مثيلا، تنم عن حقد أسود يضمره اليهود للذين آمنوا، فهم أعداء الله وأعداء الأمة وأعداء الحق بدليل قول الله عز وجل: ” يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء، تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم “ الممتحنة الآية 1 فهذه سيرتهم على مر التاريخ، قتلوا الأنبياء والرسل أشرف خلق الله فهل ننتظر منهم اليوم أن يرعوا في إخواننا في فلسطين إلا أو ذمة؟.
النصر أو الشهادة
يعيد أهلنا المرابطون في المسجد الأقصى إلى أذهاننا وأبصارنا وأسماعنا بطولات الصبر والجهاد والانتصار التي حققها الرعيل الأول من الصحابة والمجاهدين، المجاهدون الذين كان شعارهم دوما: “إما النصر أو الشهادة”، الصامدون يعيدون التاريخ، يمسحون عنه غبار قرون من الهزيمة والانبطاح بالصبر والمصابرة والمرابطة في أرض الرباط تماما كما أمر الله عز وجل: ” يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون “ آل عمران الآية 200
المجاهدون في أرض فلسطين على النهج الصحيح، يحبون الشهادة في سبيل الله، دليل صدق على حبهم الله عز وجل وحب لقائه وكرههم للحياة الذليلة التي يريدها لهم العدو، تحت حصار ذليل يسلبهم أعز ما يملكون ويحرمهم حقهم في التمتع بحياة حرة كريمة، وهذه حالة صحية ودليل شفاء من أعتا الأمراض وأشدها فتكا: ” داء الوهن “ الذي أخبرنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه سيصيب الأمة فيحيلها إلى قصعة يتكالب عليها الأعداء، يقول صلى الله عليه وسلم: ”يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها، فقال قائل: أومن قلة نحن يومئذ ؟ قال: بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت “ رواه الإمام أحمد وأبو داود.
النصر للمؤمنين
من لفظ حب الدنيا وارتبط بالله عز وجل، وجعل همه الجهاد والتضحية بنفسه من أجل المقدسات والأمة لن يخيبه الله عز وجل، فالنصر حليفه وعدا من الذي لا يخلف الميعاد، يقول عز وجل: ” وكان حقا علينا نصر المؤمنين “. النصر لا يأتي بكثرة العدد والعتاد فقط، النصر يأتي بإعداد القوة و الارتباط بالمدد الرباني، يأتي بعد تهيئ المحل الذي يتنزل فيه نصر الله، يقول عز وجل : ” إن تنصروا الله ينصركم “، فإخواننا نصروا الله وقالوا لا لأعتى العتاة وأعدا الأعداء ، أعداء الله ورسوله والمؤمنين والإنسانية على مر العصور. قاموا دفاعا عن الأقصى و الأرض التي باركها الله عز وجل، فحاشاه سبحانه أن يتخلى عنهم.
هم رجال لا يخافون الخلق ولا يراؤون، لا يحركهم إلا الحق ولا يسكنهم إلا الحق ، إنهم ”يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم “ المائدة 54. يهتفون ” الله أكبر “ والله حقا وصدقا أكبر في نفوسهم، يقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان تماما كما أمروا، يقول عزوجل: ” وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان “ النساء 75
الأبطال الذين يواجهون أعتا الجيوش بصدور عارية ملأت إيمانا وقلوب ملئت يقينا بأن الله ناصرها وممدها بمدد من السماء كما نصر أهل بدر وهم أذلة، إنه سبحانه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير .
أهلنا في القدس الأبية: ” لا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” كما وعد ربكم .
فألف تحية للشهداء الأبرار، ألف تحية للمرابطين الصامدين، والخزي والعار للصهاينة الأنذال، إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب .