– اشتهرت قرية أجدادي بالذكر والعلم واحتضان حفظة القرآن، وجل أعمامي بمن فيهم أبي رحمهم الله كانوا من حملة كتاب الله تعالى، وإنما يعود الفضل في ذلك لبيت الله وعمار بيت الله.
– اليوم، بؤسُ شؤمٍ يحيط بالقرية، ففي رمضانها الثاني يظل مسجدها، وباقي مساجد القرى والمداشر، مغلقا بدعوى الجائحة!
– الدُّورُ في قريتنا لا تتجاوز بضع عشرات، والمسجد هو المرفق العام الوحيد فيها، وقد بناه أبناء قريتنا بعد التي واللتيا، واستحوذت عليه وزارة الأوقاف لتشترك مع السلطة المخزنية في الرقابة على ما لست أدري.
– مسجد القرية مسجد فخم شاسع ضخم مقارنة بكل ما يحيطه، وأبناء قريتنا يكلؤونه بالرعاية الواجبة تجاه بيت الله، وهم يسمعون أن في المغرب جائحة، ولا يرون لها أثرا ولله الحمد في يومياتهم، فكل ما ألفوا فعله من اجتماع في مختلف المناسبات، ومن انجماع عائلي مستمر لم ينقطع، وكل بيت يحتفظ ببضع كمامات وجوب السفر إلى القصر الكبير. وحده استمرار إغلاق المسجد كليا منذ سنة وشهرين باتصال دون انقطاع هو ما ينبئهم أن سياسة الحكم في استمرار الحجر ما زال ساريا.
– غُصّة مجمع عليها بين أبناء القرية وبناتها بسبب استمرار إغلاق المسجد بدون مبرر، بل بمبررات تنقض كل دعوى، فالمسجد شاسع فسيح، والساكنة قلة، ولو صلوا جميعهم لكان التباعد بين المصلين مترين وأكثر،
– وإغلاق المساجد في مختلف المداشر يلجئ كل المستجيبين لنداء صلاة يوم الجمعة إلى قطع ما يزيد عن 5 كلم للصلاة في المسجد حيث مقر القيادة بالجماعة، ولعمري كيف تستقيم دعوى محاربة الزحام، وأنت تجعل مسجدا وحيدا مركزا لتجمع كل المداشر والدواوير!
– وقد حكى لي ثقة، أن ثمانية أقاموا الصلاة بفناء مسجد القرية، ومع تسليمة الانتهاء كان هاتف أحدهم يرن ليستمع تحذيرا ممن تعلمون.
– ومع اقتراب شهر رمضان، كان الأمل أقرب إلى قبضة اليد بفتح بيت الله، فروحانية رمضان في البادية لها طعم خاص، وكثير من ساكنة البادية لا تتقن القراءة، لذلك فإن القول بلزوم البيوت وإقامة صلوات التراويح غير ممكنة في حقهم، لكن نبأ استمرار الإغلاق قصم ظهر كل أمل.
– جرب الشباب أن يفرشوا الزرابي في الهواء للصلاة، لكن كان الأمر: ممنوع! ولا يدري المرء ما الممنوع: الصلاة في المسجد، أو صلاة التروايح، أو الصلاة جماعة!
– أيها الممسكون بالقرار لا تفسدوا آخرة أبناء قريتي بعد أن أفسدتم دنياهم، فليس ثمة هناك سوى الحلم بالهجرة. وها هو الثلث الأخير من رمضان، فافتحوا أقلَّه مساجد البوادي ليذكر الناس فيها ربهم.
– قال صديقي: لم تعيد التذكير بضرورة فتح المساجد، وأنت تعلم الران المحيط بقلوبهم!
– قلت: دفعا لكل قول بجهلهم ما يقع، ومعذرة إلى ربهم.
لا عذر لكم
نشر بتاريخ
نشر بتاريخ