“.. مرحبا بالحبيب ﷺ ضيفا”

Cover Image for “.. مرحبا بالحبيب ﷺ ضيفا”
نشر بتاريخ

على بعد خطوات قليلة من الروح، تلقي ذكرى الإسراء والمعراج بنفحاتها على قلوبنا المشرئبة إلى الوصال. ذكرى عجيبة غريبة من معجزات النبوة في زمن كثر فيه التشكيك واشتد فيه الألم على حضرة جنابه الشريف صلوات ربي وسلامه عليه، يعود متعبا من إيذاء أسال دماءه الشريفة، يلهمه ربه أن يدعو وحال قلبه يناجي:

“اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني أم إلى عدو ملكته أمري. إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك”.

كأنما هو درس لنا عندما ترمينا الحياة بمرارة المعاناة، وتنهمر منا العبرات، وتوجعنا لحظات يحتار فيها اللبيب و يعجز فيها الطبيب.

بشارة ومواساة

ويعلن في الملأ الأعلى وفادة الحبيب على الحبيب. وتتزين السماء بمباهج من نور، وتفرح الملائكة، ويسعد البراق، وتهتز الأرواح، وتتنادى أن بحضرة القدوس ضيف عظيم.

يصحبك سيدنا جبريل الحبيب في معراج النور. ترى ما الذي انفتح في قلبك الشريف، سيدي رسول الله، وأنت تطل بجمالك على سماء يسكنها سيدنا آدم عليه السلام؟ أب حبيب اشتاقت إليه الروح كما اشتاقت إلى أمنا حواء. عليهما سلام الله. ثم تنفتح لك باقي السماوات وتعانق في الثانية سيدنا عيسى وسيدنا يحيى، وهذا جمال سيدنا يوسف يضيء الثالثة، وفي الرابعة إدريس إذ رفع مكانا عليا، وهارون الفصيح في الخامسة، وموسى الكليم يستقبلك في السادسة، والخليل إبراهيم في السابعة، وهذا خفق القلب  إذ اقترب موعد اللقاء. ويا له من لقاء.

طوبى لك سدرة المنتهى، إذ مر بك الضيف الحبيب. طوبى لك عرش الرحمن، طافت بك أنفاسه  الشريفة. طوبى لحملة العرش وقد قرت العين بطلعته البهية. أي فرح أصاب عالم الملكوت… أي فرح اقتحم الأفئدة… أي نور سلب العقول. ثم تسجد الروح للروح ويتوقف الزمان ويحار القلب في الجمال. (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) . (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) . (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين).

مشهد من روائع التكريم الإلهي، لقلب أيقن أن ملاذه الأوحد هو الله مهما ألمت به الملمات، وأن الدعاء مفتاح من مفاتيح الوصل، وأن الله يسمع ويرى ويعدّ لعباده ما لم يخطر على قلب بشر.. فقط ارم كل ثقلك على مولاك، سلم له كامل أمرك، ثم قل: يا رب.