تتناهى إلى أسماعنا أصوات أحباب لنا في القدس تستغيث أن أنقذوا الأقصى. فينفطر القلب ألما ويحز في نفس كل حر أبي من أبناء المغرب والأمة بأسرها ألا تلبي النداء وتهب لنصرة إخوتها وحماية مقدساتها.
لكنه الاستكبار وأذنابه يرخون بظلال تجبرهم وطغيانهم على أمة مستضعفة نال منها الاستخفاف كما نال منها الوهن. لكن التاريخ علمنا أن لكل خيل كبوة. فمهما استقوى الأعداء بعدتهم وعتادهم فسيلقون جزاء عدوانهم و ظلمهم.
كما علمنا ديننا أن الأمر إذا ضاق اتسع وأن الفرج مع الصبر وأن بعد العسر يسرا. ولا ننسى أحبتنا أن القوة لله جميعا نستمد منه يقينا في موعوده يقوينا ويشد من عضدنا. ولا نترك الشك يتسلل إلى قلوبنا في غفلة منا.
فكل الرسل عليهم السلام وأقوامهم مرت بهم لحظات شدة انغلقت فيها السبل حتى ظنوا أنهم مغلوبون مدركون منهزمون، فتلقفتهم يد العناية الربانية فانتصروا. يقول الحق جل وعلا: حتى استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا أتاهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمينسورة يوسف الآية 110. كما لا يمنعنا هذا التصديق من الأخذ بأسباب الإعداد والاستعداد ثم نستمطر رحمة المولى جل وعلا ونجأر له بالدعاء الخالص أن يحمي أقصانا كما حمى بيته العتيق الكعبة المشرفة من عدوان أبرهة الغاشم. يوم أن سدت السبل في وجه قريش وأنطق الله عز وجل لسان جد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عبد المطلب بالحق في قولته الشهيرة: للبيت رب يحميه فلا يأس ولا قنوط بل استبشار وتبشير بقرب زوال الغاصبين عن أولى القبلتين وثالث الحرمين. رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين.
ولا تنسوا كما لا ننسى وكل الأمة قوله تعالى: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل آل عمران الآية 173 فكان الجزاء: فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم آل عمران الآية 174.
فلنكثر أحبتنا من الحسبلة وقوله جل وعلا: ربنا افرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين سورة البقرة الآية 250 .وندعو الله أن يربط على قلوبنا وقلوبكم ونستحضر دائما أن الله عز وجل اختصنا بمزية لم تعط لغيرنا وهي أن يكرمنا في الدنيا بإحدى الحسنيين: الشهادة أو النصر. وعد غير مكذوب من علام الغيوب.