نحن في زمن الأمراض، لأن من يحكم العالم، كما طور مختلف الصناعات بما فيه صناعة السينما وسائر الفنون وصناعة الثقافة والسياسة والسياسيين، أنشأ صناعة المرض وطورها.
أول محطات إنتاج المرض هي الأرض، التي لوثتها وأنهكتها المواد الكيميائية المستعملة في الإنتاج الفلاحي التّرفي الاستكباري المتوحش، وفي وتربية المواشي والدواجن والتغييرات الجينية. نأكل خضرا وثمارا وفواكه فاقدة لكثير من المواد المغذية والواقية.
وثاني محطات إنتاج المرض هي المقاولة التَّرفية الاستكبارية، إذ تصنع في معاملها منتوجات تضيف إليها مواد كيميائية أخرى تُحسّن الذوق والمنظر وتضاعف الكمية من أجل ربح أكثر، فيه الضرر والإدمان، سواء ما نأكل أو نلبس أو نستعمل.
وثالث محطات إنتاج المرض هو البيئة التي تلوثت بتضخم فضلات تلك المناجم والمعامل ومحطات إنتاج الطاقة النووية ودخان العربات والسفن والطائرات والصواريخ، وإفرازات الأجهزة الإلكترونية والأقمار الاصطناعية. فتُجبر على تنفس هواء مُلوث وشرب ماء معكر بكل ذلك، وهما أصل الحياة.
ورابع محطات إنتاج المرض هو التلوث النفسي والعقلي والثقافي السائد، الذي رسخ ذهنية الاستهلاك والتبذير، والتي تجعل المقاولة المترفة تنتج وتنتج لكي تربح وتربح، لكي تسرف وتُبذر وتستجيب لنزوات النفس وأهوائها أكثر فأكثر.
هذا ما أوصلتنا إليه حضارة الغرب وثقافته المستكبِرة المترفة المادية الدوابية. قيمة الإنسان عندها أن يكون عاملا منتجا تمتص جهده لتضخيم ربحها أو مستهلكا مُسرفا يشتري بكثرة بضاعتها.
نمرض عندما نستهلك كل هذا وبإسراف ونشرب ونستنشق، وتستقبلك محطات علاج المرض من عيادات ومختبرات التحاليل ومراكز الفحوص والأشعة والكلينيكات والصيدليات. ووراء كل محطات العلاج هذه مقاولات عابرة للقارات تنتج الأدوية واللقاحات وأخرى تصنع المعدات وأجهزة الفحص والتحاليل غيرها. وهل تعلم أن صناعة المرض هذه وعلاجه تثمر تريليونات المليارات من الدولارات.
بُحت، بل أسكتت، أصوات الحكماء والعقلاء التي تطالب ببذل المال والجهد أكثر في صناعة الصحة أو طب الوقاية، بالرجوع إلى محطات إنتاج المرض الأربع بإصلاحها وصيانتها والتخفيف عليها وتطهيرها من الملوثات الكيميائية والالكترونية وخصوصا تطهيرها من الملوثات النفسية والعقلية والثقافية. إذ المرض يصيب الجسد كله بما تستهلكه النفس والعقل والجسم عن طريق حواسه وأجهزته ووظائفه.
إلى أن يأذن الله بالتوبة للبشرية من انحرافها هذا، على المريض أن يفهم هذا أولا ثم يشتغل أكثر على تطبيب نفسه بالوقاية وبتقوية المناعة الذاتية على الهدي النبوي والذي يلخص في التالي:
1- “صوموا تصحوا” و“الصوم جُنة”، وغيرها مما تعرف من أحاديث شريفة في الصوم.
2- “ما ملأ ابن آدم..”، “المعدة بيت الداء …”، “.. لقيمات يقمن صلبك.. الثلث..”. ابحث عن هذه الأحاديث واصنع منها منهاجا نبويا لتطبيب نفسك.
وللتذكير فالصوم الشامل صوم عن كل المحرمات والمكروهات وحتى عن بعض المباحات، وتغذية الجسد بالحلال الطيب والبعد عن الشبهات بعيدا عن التبذير والإسراف.
كل هذه وغيرها مجتمعة تثمر صحة جيدة تعينك على عبادة الله وتقوية إيمانك وعلى العمل الصالح النافع لعياله..
إن طبقتها !!