كانت “زيارة الأحد” للإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، مأدبة إيمانية إحسانية، يحظى بخيرها الزائرون الشباب على قدر حسن نيتهم واستعدادهم لتعلم دينهم وانفتاح قلوبهم وعزائم إرادتهم.
لزيارة الأحد فوائد متنوعة: تجديد التوبة إلى الله عز وجل، تدبر القرآن، تحبيب اللغة العربية وبلاغتها، شرح الحديث وذكر معالم السيرة العطرة أو سيرة الأنبياء وصحابة أو صحابيات مع إتحاف الحاضرين والمتابعين، عبر شبكة الأنترنت، بأشعار وعظية، وإحياء سنة قص الرؤى.. تنوع مواد علمية عملية أصيلة، تتخللها عزمات جماعية تدعو كل مؤمن ومؤمنة أن يكون مدرسة قرآنية متنقلة عبر الأجيال. كانت زيارة الأحد تستشرف مستقبل الإسلام بتحميل مسؤولية تربية الأجيال لشبيبة العدل والإحسان. يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله: “مسؤوليتنا أن يصبح الشباب دواء لمشكلة الشباب” 1. بتحفيزهم على تجديد الإيمان وتنوير عقولهم بمعالم منهاج نبوي في الدعوة والتربية الإيمانية الإحسانية بإرادة جهادية ماضية بإذن السميع العليم.
لا بد لنا من اكتساب فهم متجدد لكيفيات إقامة الدين في أنفسنا وأمتنا لنكون رحمة في العالمين، نرفق بالإنسانية ومخلوقات الله أجمعين.
يتحدث الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله إلى الشباب، من موقع المتفهم لمعاناتهم وواقعهم المظلم المغالب لسعيهم إلى الاستقامة ورضى ربهم، يبث فيهم بشرى دورهم الطليعي في إحياء ديننا الشامل لروح العدل والشورى والإحسان.
لا يمل رحمه الله من تذكيرهم بالأمر الجلل، أمر المصير والموت والاستعداد له والحياة البرزخية والآخرة والسعادة الأبدية.. ويوضح لهم: إن المسألة العدلية ملازمة للإحسان، والمسألة الإحسانية ملازمة للعدل. وأن الإسلام غدا! والمستقبل للإسلام، والله لا يخلف وعده، وما الجيل الصاعد إلا جيل تحقيق البشائر النبوية كلما تجددت شروط تربيته.
يريد من الشباب أن يتحرروا من الحياة الدوابية بتزكية نفوسهم وحسن الإقبال على ربهم بكل عمل صالح يورث المحبوبية.
ولا سبيل لطلب معالي الآخرة بدون بر الوالدين ومصاحبتهما بمعروف.
إنهم فتية يرجون رحمة الله، يتعلمون “اليقين” كما يتعلمون القرآن عسى يكرمهم الحق بحظ معرفته.
إنه منهاج نبي الهدى والرحمة وإمام الأنبياء والرسل وسيد الخلق أجمعين عليه أفضل الصلاة والتسليم.
عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه: أَتَيْنا إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقارِبُونَ، فأقَمْنا عِنْدَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا ولَيْلَةً، وكانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَحِيمًا رَفِيقًا، فَلَمَّا ظَنَّ أنَّا قَدِ اشْتَهَيْنا أهْلَنا – أوْ قَدِ اشْتَقْنا – سَأَلَنا عَمَّنْ تَرَكْنا بَعْدَنا، فأخْبَرْناهُ، قالَ: ارْجِعُوا إلى أهْلِيكُمْ، فأقِيمُوا فيهم وعَلِّمُوهُمْ ومُرُوهُمْ – وذَكَرَ أشْياءَ أحْفَظُها أوْ لا أحْفَظُها – وصَلُّوا كما رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فإذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ، ولْيَؤُمَّكُمْ أكْبَرُكُمْ 2.
أمام مستقبل الإسلام وحاملي رسالته مسؤولية كبيرة، والله أكبر.
“مسؤوليتنا أن نجند الشباب لمعركة العلم، وأن نسترجع أدمغتنا من بلاد الجاهلية، ونحبك شبكة علمية نجمع فيها الخبرات المتاحة، لنبدأ عملية تأثيل التكنولوجيا في بلادنا، وتوطينها، وتغذيتها، وإشاعتها، وتصنيعها” 3.
في إحدى زيارات الأحد حمل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله الشباب تذكرة مسؤولية أمانة دعوة الله عبر الأجيال ورجاء فضل الله الكريم الوهاب على من مر من دار الدنيا وعلم: “أن ربنا سبحانه وتعالى يحِب ويحَب”.
قال رحمه الله: “.. إنكم معشر الشباب أعطيتم ومنحتم واستودعتم شيئا لا يعوض هو عمركم وأيامكم ولياليكم وحياتكم وسنواتكم وشهوركم..
ومنحتم قوة بدن وصفاء فكر لكي تنفقوا كل ذلك فيما ينفعكم نفعا أبديا، فلا تصرفوا فيما يرجع بالمنفعة إلى غيركم في “الدنيا” أو لأنفسكم في “الدنيا”، بل خصصوا كل ذلك.. كل ما رزقكم الله عز وجل.. خصصوا كل ذلك لكي تتقربوا إلى الله عز وجل بالفرض والنفل حتى يحبكم” 4.
ويجيب رحمه الله عن سؤال الكيف بالآية الكريمة من سورة آل عمران المختزلة لمشروع مدرسة العدل والإحسان: قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31).
إنه جواب واضح يضم الشرط “إن كنتم تحبون الله” وجواب الشرط “يحببكم الله”.
ثم يقول رحمه الله: “إذن نتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم.”
“إذن نتبع..” تجمع العلم بالعمل.
وما زيارة الأحد في حد ذاتها إلا استجابة واتباع للهدي النبوي وإحياء لشعب الإيمان وتحبيب الرغبة في محبة الله عز وجل.
“إذن نتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
على المصطفى من ربنا صلواتُهُ
فعن حُبِّهِ أشبالنا لم تُفَطَّمِ 5