خصص الأستاذ محمد اليقيني آخر حلقة من حلقات برنامجه “ماذا بعد؟” لقضية غزة الجريحة التي تنزف كل أوصالها على مرأى من عالم أضحى التوحش واللاإنسانية سمته الأساس، وهو يتابع فصول إبادة جماعية وحصار مطبق وجنوح لمحو ساكنة بلد لم يعد يخفى أحقية أصحابه فيه على أحد، بعد تهاوي السردية الصهيونية التي عملت على تدليس الحقائق لسنوات طوال، فأتى عليها طوفان الأقصى ليقتلع بهتانها ويظهر الحقيقة ناصعة لا تقبل تزييفا ولا خداعا.
عدوان مسعور كشف شهية الدول الاستكبارية المفتوحة دائما وأبدا للسطو على مقدرات العالم بدون وجه حق إلا قوة عسكرية وتكنولوجية ومالية عملت على احتكارها كي تكون سيفا مصلتا على رقاب شعوب العالم متى سنحت فرصة الانقضاض..
حلقة اتخذ لها مهندسوها عنوانا: “أيام الغضب”.. حين تصرخ غزة فلا صمت بعد اليوم، وذكّر مقدمها بما يقع في شوارع غزة المحترقة، حيث يولد النداء مجددًا: “لا تتركونا وحدنا!” من بين الأنقاض وصوت الانفجارات. هذا النداء وإن لم يكن الأول، فإنه الأشد مرارةً، لأن الجرح أعمق، والقهر أشد، والخذلان أقسى من صواريخ العدو.
غزة تباد، رفح وجباليا وخان يونس تحت النار، فيما تواصل آلة القتل جرائمها تحت الغطاء الأمريكي والدعم الغربي والتخاذل العربي، يقول اليقيني، ليتساءل باستنكار: فإلى متى؟ إلى متى تبق عواصمنا تلهث وراء التطبيع، بينما تسقط بيوت الفلسطينيين فوق رؤوس أطفالهم؟ ويمضي ساردا أدلة الشراكة النكدة بين الصهاينة وأمريكا، التي تمد ربيبتها بالغطاء السياسي والعسكري والدعم الدبلوماسي، تشهد على ذلك الأرْقام الفاضحة: مليارات الدولارات، وطائرات إف-35، والصواريخ الموجَّهة، والقنابل الخارقة.. بينما يحرم الفلسطينيون حتى من الغذاء والدواء.
اليقيني تحدث في حلقته عن دعوة المقاومة الفلسطينية إلى “أيام غضب” نهاية الأسبوع المنصرم احتجاجًا على العدوان وداعميه، في كل مكان يُسمع فيه صوت الحق، وأوضح أن المطلوب: تصعيد المسيرات والاحتجاجات، ومحاصرة السفارات الصهيونية والأمريكية، والضغط السياسي والإعلامي لكشف الجرائم ورفع الحصار، ودعم صمود الفلسطينيين بكل وسائل الإسناد المتاحة..
يذكر أنه استجابة لهذا النداء الإنساني الحق خرجت جموع الأحرار في أماكن مختلفة من العالم. وهنا في المغرب صاحبت قضية فلسطين وغزة عددا كبيرا من المواطنين حيثما تحركوا؛ أنبأت عن ذلك صور الأعلام والكوفيات والفعاليات المختلفة التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي، وكانت بوابة العدل والإحسان قد نقلت جزءا منه.