اعتبر الأستاذ عبد الكريم العلمي، عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان ورئيس مجلس شوراها، أن الحزن والألم على ما تعيشه الأمة من أحداث هذه الأيام هو من الاهتمام الذي أمر به الله سبحانه وتعالى، وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. مشددا على أن هذا الاهتمام، ينبغي أن يكون همًّا مقيمًا، تظهر تجلياته في مستويات تحدث عنها في كلمة، بثتها قناة الشاهد الإلكترونية جوابا عن السؤال: “ما المطلوب من المؤمن على مستوى السلوك اليومي في المجالات التربوية والفكرية والميدانية نصرة لفلسطين والمقاومة؟”.
سلاحهم المظلم في الشيطنة وسلاحنا في الاستمساك بحبل الله وسنة رسوله
أول هذه المستويات يقول الأستاذ العلمي هو مستوى السلوك إلى الله سبحانه وتعالى، وقد اعتبره “أساسيا جدًا جدًا”، موضحا أن الذين يحاربوننا الآن يحاربوننا بكل الأسلحة في الجو والبر والبحر والاستخبارات إضافة إلى “سلاحهم المظلم في الأنفس، في الشيطنة”، وهو ما ينبغي معه أن يتمسك المؤمن والمؤمنة بحبل الله، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والإكثار من الصلاة عليه، وبالصلاة وبما ندبنا إليه الحبيب المصطفى من الإكثار من ذكر الله، والإكثار من القرآن، ومن قيام الليل، وأعمال البر والطاعات كلها.
ثم المستوى الآخر وهو “الفكري والعلمي والتصوري”، حيث أكد الأستاذ العلمي أن هذا ينبغي أن يكون فيه جهد كبير لأن من الأسلحة الخطيرة التي يستعملها العدو الصهيوني ومن ورائه الغرب وكثير من بني جلدتنا، بالإضافة إلى الأسلحة المعروفة؛ ما كان يسميه الزعفراني رحمة الله عليه بالقوة السالبة وهي “الخمول الفكري”.
وأكد المتحدث أن الخمول الفكري ناتج ومنتج للتقليد، الذي يعمي الأمة حتى أصبحنا نرى هذا التراشق بكلمات كانت من التاريخ، وأحيوها من الكتب البائدة، وأصبحنا نراها ونسمعها في وقتنا الحاضر. وهؤلاء المقلدون الآن “نراهم يجيشون ويتجيشون بعواطف، منها الصادق، ومنها الدخيل، ومنها الدخن، ومنها المتلاعب فيه، ومنها المخابراتي… واللائحة طويلة”.
نحتاج إعادة قراءة ماضينا وحاضرنا على أساس منطلقات جديدة صحيحة
ويرى القيادي البارز في العدل والإحسان أن تاريخنا الإسلامي وحاضرنا، يحتاج إلى مراجعات بنظرة مستقبلية، وهذه مهمة أهل العلم وأهل الفكر ومما يسمى بالطوائف والمذاهب، ولكن على الأقل مدعوون لإعادة القراءة لكثير من الأحداث في تاريخنا العميق والعريق بظلامه وبنوره وبما فيه. داعيا إياهم إلى أن يعودوا إلى تلك الأحداث، وأن يدققوا الكلام فيها، ليجمعوا هذه الطوائف كلها ما أمكن على كلمة سواء “ليبقى كل واحد على مذهبه، وعلى ما يعتقده، ولكن نزيل كثيرًا من الألغام من ساحة تاريخنا”.
وبعد ذلك، يؤكد الأستاذ العلمي؛ نعيد قراءة الحاضر على أساس منطلقات جديدة صحيحة، لأن المنطلقات الفاسدة تكون نتائجها كارثية، ومن هذه النتائج التي انطلقت منها بعض الدعوات هي “هذه الطائفية النتنة”، موضحا أنه عوض أن ينطلقوا من ثنائية العدل تجاه الاستبداد، والحرية والكرامة تجاه الطغيان، انطلقوا من هذا المنطلق المعوج.
ونبه رئيس “مجلس شورى العدل والإحسان” إلى أن هذه “الطائفية المذهبية” بعد القوة السالبة للمستبد والطغاة الصهاينة والغرب، منها تدخل على الأمة مصيبة كبرى وهي فتنة التفرقة حتى لا تبقى للأمة كلمة، لأنهم يدخلون بألاعيبهم، بمخابراتهم، موضحا أنهم “يدخلون مع الأسف الشديد على صدق بعض الناس وعلى ما عانوه وما عاشوه من آلام”.
العدو الصهيوني لا يفرق بين شيعي أو سني أو نصراني
وشدد عضو مجلس الإرشاد على دور العلماء والمفكرين الذين ينظرون إلى مستقبل أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، موضحا أن الله سبحانه وتعالى سائلهم، وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا أنه لا تزول قدما ابن آدم حتى يسأل عن أربع، ومن هذه الأربع علمه ماذا عمل فيه، فإن الله سبحانه وتعالى سائل السادة العلماء عن علمهم، ماذا فعلوا فيه لأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتابع “ينبغي أن يجمعوا هذه الأمة. الصالحون والأولياء ينبغي أن يعملوا على جمع هذه الأمة من كل الأطراف، ومن كل المذاهب. لأن العدو الصهيوني ومن وراءه من الغرب لا يفرقون بين شيعي أو سني أو نصراني.”
ولفت إلى أن ادعاءات العدو من “اجتياح محدد للبنان ولوقت محدود ولأهداف دقيقة” كله “كلام فارغ”. مشددا على أنهم إذا وجدوا الطريق سالكًا، فسيصبحون في بيروت، وبعد بيروت في دمشق، وبعد دمشق سيعودون إلى بغداد، ومن بغداد إلى طهران. “هذا هو مخططهم”.
دورنا يقتضي منا تعميق هذا الوعي
“أما دول الذَّنَب، فلا حديث عنها، فهي باللغة الدارجة في جيبهم، ولا نتحدث عنها” يقول الأستاذ العلمي، ثم يضيف: “فإذا ينبغي أن ننتبه، فالعدو الصهيوني المجرم النازي المقيت لا يفرق نهائيًا بين طوائف الشيعة، ولا طوائف النصارى، ولا طوائف الدروز، ولا طوائف المسلمين. هو يقتل الجميع ويريد أن يستعلي على الجميع، والكل عبيد، والكل يصلح للمحرقة، من رجال ونساء وأطفال وحيوانات وزروع وأراضٍ”.
وتابع يوضح أن هذا هو الاستكبار الذي نبهنا إليه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، والذي نرى آياته القرآنية في الكون، ولكن الله سبحانه وتعالى لن يتم عليهم ذلك لأنه وعد، ووعده الحق مصداقا لقوله تعالى: كلما أوقدوا نارًا للحرب أطفأها الله. كيف ومتى؟ حكمته لا يعلمها إلا هو عز وجل، ولكن دورنا يقتضي منا هذا الوعي وتعميق هذا الوعي.
وفي حديثه عن المستوى الميداني في كلمته، أكد أن المؤمنين والمؤمنات ينبغي ألا يتركوا شيئًا من جهدهم كلما سنحت فرصة لنصرة إخوانهم في فلسطين، وفي لبنان، وفي كل ربوع هذه البلاد، ينبغي أن يهبوا لنصرتهم وأن يتحالفوا مع الجميع، معبرا عن حمد الله سبحانه وتعالى على هذا الحس الإنساني الرفيع الذي أصبحنا نشاهده الآن بعد هذا الطوفان المبارك، من ضمائر حية وفطر سليمة وعقول مستنيرة، تجابه الطغيان الصهيوني في كل مكان، في أمريكا وأوروبا وفي كل قارة.