جدد عشرات الآلاف من المغاربة صباح اليوم، الأحد 26 نونبر 2023، بمدينة الدار البيضاء احتجاجاتهم في مسيرة شعبية ضخمة لدعم صمود الشعب الفلسطيني والتنديد بمجازر الصهاينة في غزة وكامل فلسطين، دعت إليها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع بالمدينة.

المسيرة التي تعد الثانية بمدينة الدار البيضاء بهذا الحجم منذ بداية العدوان على غزة، وانطلقت من أمام مسجد السنة بشارع 2 مارس في الساعة الحادية عشرة، كانت بمثابة لوحة نسجت بأمواج بشرية جماهيرية، لسان حالها وفاء للقضية بأرضها وشهدائها وجرحاها، ولسان مقالها يصدح عاليا بقوة وبفصاحة، ووضوح وبيان “فلسطين أمانة.. والتطبيع خيانة”.

وحضرت هذه المسيرة وجوه سياسية وحقوقية بارزة وأخرى داعمة للقضية الفلسطينية، كما تميّزت منذ انطلاقتها بمشاهد تمثيلية ورفعت فيها مجسمات تعبيرية، بعضها معبر عن حال أطفال غزة ونسائها وشيوخها، الذين تعرضوا لجرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية خرقت كل القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، وبعضها الآخر معبر عن واقع حال الأنظمة العربية التي رأت المسيرة أنها مجرد نعش يجب حمله إلى حيث يستحق أن يكون.

ونالت المقاومة الفلسطينية حظها الوافر في هذه المسيرة، حيث رفعت صور لرموزها وعلى رأسهم أبو عبيدة الذي رفع له علم كبير خفاق بكوفيته الحمراء، وأعلام أخرى عن “المثلث” الأحمر الذي صار أيقونة دالة على تدمير دبابات الاحتلال في معركة طوفان الأقصى، كما رفعت شعارات دعم المقاومة وتثمينها باعتبارها خيارا استراتيجيا يراهن عليه لتحرير الأرض ودحر الاحتلال.

وطغى ملف التطبيع على هذه المسيرة الضخمة، من خلال عشرات الشعارات التي رفعت لإدانته والمطالبة بإسقاطه ووقف كل الاتفاقات المرتبطة به، أهمها “الشعب يريد إسقاط التطبيع”، ومن خلال عدد كبير من اللافتات والبطاقات واليافطات التي رفعت، فضلا عن الكاريكاتير والمشاهد التعبيرية، التي دعت النظام المغربي إلى التعجيل بإعلان إسقاطه وإغلاق مكتب الاتصال في الرباط.

ومن خلاصات الشعارات التي صدحت بها حناجر المغاربة اليوم بالبيضاء ” لا تطبيع لا سلام.. المقاومة إلى الأمام”، “إدانة شعبية.. لأمريكا الإرهابية”، “أمريكا أمريكا أمريكا.. عدوة الشعوب”، “أتينا لنقول أجمعين… تعيش تعيش فلسطين”، “لا لا ثم لا للتطبيع والهرولة”، “بالروح بالدم نفديك يا شهيد”، “الله أكبر عاصفة للصهيون ناسفة”…


الدكتور بوبكر الونخاري نائب منسق الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع بالدار البيضاء، رفع تحاياه عاليا في كلمته في نهاية المسيرة إلى كل الشهداء الذين ارتقوا ضريبة إيمانهم بعدالة قضيتهم، كما رفع تحاياه إلى كل الواقفين على ثغور الجهاد من أبناء المقاومة الأبية، مشددا على أن الهدنة المؤقتة المعلنة هي بمثابة إعلان لانتصار المقاومة التي مرغت أنف الاحتلال في التراب وأرجعته ليجر أذيال الهزيمة، بعدما كانت أهدافه المعلنة في هذا الاجتياح البري هي القضاء على المقاومة وتحرير رهائنه بدون تبادل، إلا أن المقاومة بينت للعالم هوان هذا الكيان وعجزه عن تحقيقي ما أعلنه.
وتناول الكلمة بعده منسق الجبهة المحلية بالبيضاء الذي رفع تحايا الصمود والمقاومة لسكان البيضاء وكل المغاربة المستمرين في مسيراتهم ووقفاتهم المناصرة للشعب الفلسطيني منذ بداية العدان، معتبرا أن ذلك ليس غريبا عن المغاربة عبر التاريخ، كما حيا الشهداء والأسرى والمقاومة بكل فصائلها التي تقدم أرواحها فداء لفلسطين والمقدسات وفداء لنا جميعا من أجل أن تبقى الأمة مرفوعة الرأس.

وذهب إلى أن تاريخ 7 أكتوبر هو بداية تاريخية جديدة للقضية، وهي بيان على استحالة قيام دولتين ودحضت أكذوبة إمكانية التعايش بين شعبين، في مقابل تأكيدها على أن فلسطين للفلسطينيين ولا أحد آخر غيرهم، وشكر في نهاية كلمته من لبى نداء الجبهة ونداء واجب التضامن مع أهلنا في غزة في هذه الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها بدعم أمريكي وغربي، وعجز دولي، وخذلان عربي رسمي.

وختمت المسيرة بعد ساعتين ونصف من انطلاقها بحرق الخرقة الصهيونية على أنغام شعار “حرقوه مزقوه.. لا لا تبقوه”، وعلى صوت شكر كل من حضرها، مع التأكيد على أن الجبهة مستمرة في أشكالها الاحتجاجية المتنوعة دعما للقضية ومناهضة للتطبيع وفضحا المطبعين المتواطئين على القضايا المصيرية لشعوبنا وأمتنا.