مقدمة
يصادف اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء 25 نونبر من كل سنة، والحقيقة أن العنف ليس ظاهرة جديدة بل هي ظاهرة ضاربة في القدم، وهي أيضا ظاهرة عالمية تتفاوت حسب طبيعة المجتمعات ومدى تقدمها وطبيعة الأنظمة السياسية السائدة فيها.
الجديد اليوم أن العنف تطور من حيث المفهوم والشكل، وتطورت أسبابه وتداعياته وآثاره، ويبقى العنف الاقتصادي الذي يمنع المرأة من الحصول على استقلاليتها الاقتصادية وإبقائها تابعة لأحد أفراد أسرتها من أشد أنواع العنف الذي تتعرض له المرأة، لأنه يولد أنواعا أخرى من العنف (العنف النفسي، العنف اللفظي، العنف الجسدي).
تتعدد أدوار المرأة اليوم وتتعدد مسؤولياتها، وتبعا لذلك تتعرض لأنواع من القهر والاستغلال لحد الاستنزاف، قهر تصادر معه حقوقها الطبيعية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، مما يجعلها تتطلع لإنصاف يحررها من العجز والتبعية الاقتصادية.
حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، وحسب آخر تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإن ما يعادل 62,28% من النساء المغربيات يتعرضن للعنف، يحتل العنف الاقتصادي فيها مركز الصدارة. فما هي المقتضيات والمخرجات التي من شأنها أن تحرر النساء من العجز والتبعية الاقتصادية وتحقيق تمكين اقتصادي يضمن للمرأة العيش الكريم؟ هذا ما سأتناوله من خلال محورين أساسيين؛ أخص الأول منهما لمقتضيات هامة يجب استحضارها للتأسيس لمداخل من شأنها أن تمكن للنساء اقتصاديا وهو ما سأتناوله في المحور الثاني.
المحورالأول: مقتضيات هامة
لا يمكن الحديث عن مخرجات لتمكين المرأة اقتصاديا دون استحضار مجموعة من المنطلقات يمكن إجمالها فيما يلي:
– حين نتحدث عن تمكين النساء اقتصاديا لا نتحدث فقط عن تشغيل النساء بل نتحدث عن تحرر من العجز والتبعية الاقتصادية؛ يجب أن يعطى للمرأة حق النفقة بنتا وزوجة وأما، ويعطاها حق المتاع مطلقة، وأجرة كريمة عاملة، وأن تهيأ لها ظروف الاستقرار في بيتها، لأنه عليه يتوقف استقرار المجتمع والدولة.
– ونحن نتحدث عن التمكين الاقتصادي للنساء يجب أن نستحضر السياق العام الذي نعيشه، وألا نعزله عن قضايا المجتمع الأخرى المترابطة بشكل نسقي.
قضية المرأة المغربية وقضايا المغاربة الأخرى شأن واحد، والحديث عن تحرير المرأة وإنصافها وتمكينها دون ربطٍ بالسياق التاريخي والسياسي والاقتصادي والفقهي والاجتماعي فصل اعتباطي لما لا ينفصل. فالعنف متعدد المظاهر يرتبط بالإرادة السياسية، وبالمنظومة القانونية، وبمدى فاعلية مؤسسات التنشئة الاجتماعية، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وطبيعة الأنظمة السياسية، وتوزيع الثروة، والعدالة الاجتماعية وانتشار الفقر والهشاشة، والتعثر التنموي.
– النهوض بأوضاع المرأة عموما إرث ثقيل يحتاج لعمل دؤوب مستمر ليس بإمكان فئة أو فرد القيام به منفردا، لابد من تظافر كل الجهود النسائية بغض النظر عن التوجهات والمرجعيات والمصالح الخاصة من أجل ترافع في المستوى المطلوب؛ يتطلب تعبئة متعددة الأوجه والمجالات من جهة، وانخراط كل القوى الحية خاصة المدنية منها في مسار التمكين نساء ورجالا ومؤسسات من جهة أخرى.
– لابد من الاعتراف بأن عدم التمكين الاقتصادي للنساء له كلفة باهظة الثمن، ليس فقط من الناحية الاقتصادية ولكن أيضا من الناحية الاجتماعية والسياسية، لما يولده من احتقان على جميع المستويات ولما يترتب عليه من شلل في الحركة المجتمعية وهدر زمني نحن في غنى عنه، فالشأن الاجتماعي استثمار وليس عبئا على ميزانية الدولة.
(…)
تتمة المقال على موقع مومنات.نت.