لقد عاشت الإنسانية – ولا تزال – ظرفا استثنائيا على إثر الانتشار الواسع لجائحة “كورونا”، فهو حديث الساعة إعلاميا، وسياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا… وهو موضوع اللقاءات والندوات والمؤتمرات… إذ إن جميع شرائح المجتمعات تخوض في تجليات الموضوع – المتخصصة منها وغير المتخصصة – ليقف الجميع عاجزا، حائرا، مترقبا…
فالفيروس له تبعات تنعكس سلبا على الأفراد والمجتمعات، كونه خلف خسائر مادية ومعنوية يصعب حصرها؛ خسائر في الاقتصاد والأرواح، بل وفي الحياة العامة للبشرية.
لقد أصبح الجميع يعرف – حق المعرفة – معنى هذا الوباء؛ تعريفه، ومخاطره، وكيفية انتقاله، وأعراضه، وسبل الوقاية منه…
كائن دقيق استطاع، رغم حقارة حجمه، أن يساوي بين كل متناقضات الحياة، على غرار الزلازل والبراكين والعواصف، وكل الكوارث الطبيعية، تلك التي تحصد الأخضر واليابس. لقد ساوى:
– بين الفقير والغني.
– بين الصغير والكبير.
– بين المرأة والرجل.
– بين الأسود والأبيض.
– بين المسلم والكافر.
– بين المتخلف والمتقدم من الأمم.
أغلقت المساجد، والكنائس، وصالات القمار، ودور السينما، ومدرجات المسارح، ودور الدعارة…
أغلقت الشركات، والإدارات، و الحمامات، والأسواق…
أغلق بيت الله الحرام… أغلقت جميع مرافق الحياة… فألغيت المهرجانات، والحفلات، وعطلت الدراسة…
قد ينطوي كل ذلك على كون الله تعالى يريد بالبشرية خيرا “فرب ضارة نافعة”..
وقد يدل ذلك أيضا على أن الله عز وجل يريد تعديل موازين قد اختلت…
لقد اكتشفنا ذواتنا، غصنا في دواخلنا، حاولنا أن نعيد ترتيب أولويات حياتنا، ونعدل، ولو بالقدر البسيط، مواطن الاختلال فينا.
هي لحظات التواصل مع أفراد عوائلنا… تعلمنا، رتبنا، قومنا، تأملنا، اختلينا، تواصلنا…
ويبقى الأمل قائما بقيام الله تعالى، إذ لولا الأمل ما كان العمل، فلكل أجل كتاب، ولكل وباء نهاية.
والله المستعان.