عرفت مجموعة من المدن المغربية في الفترة الأخيرة تدخلات مخزنية تنفيذا لتعليمات فوقية تقضي بمنع أنشطة مبرمجة لبعض هيآت ومكونات المجتمع المدني سواء أكانت سياسية أو حقوقية أو تضامنية مع بعض قضايا الأمة، كأحداث غزة، بل وصل طيش الأجهزة المخزنية إلى حد المنع من حق الاستمتاع والاستجمام والتخييم كما حدث مؤخرا بإحدى البحيرات السياحية (إكلمام أزكزا) حيث تم إجبار بعض العائلات على مغادرة الفضاء السياحي لكون بعض أفرادها ينتمون لجماعة العدل والإحسان!!! فهل ضاق صدر المخزن المغربي لهذا الحد حتى ينزعج من مجرد تنظيم نزهة سياحية استجمامية ترفيهية؟
إن قيام السلطات المخزنية بالفض بالقوة أحيانا للمحطات السلمية الحضارية للمكونات الفاعلة في الشارع السياسي المغربي لكونها لا تتوفر على “ترخيص رسمي” من “دار المخزن” مبرر أجوف ويدحضه الواقع ويكذبه، لكون حتى الأنشطة التي تقوم تلك الهيآت بطرق باب “دار المخزن” لإشعاره بتنظيمها أو طلبا للترخيص لها يتم منعها وإبلاغ المنظمين رسميا بالمنع وبمبررات واهية تكشف الوجه الحقيقي لدولة الاستبداد، دولة القمع والمنع ومصادرة الحريات.
إن طريقة تعامل الدولة المغربية مع نبض الشارع بتجاهل مطالبه واحتياجاته وعدم احترام الحق المشروع لهيآت مجتمعه المدني وقواه الحية في تفعيل برامجها وأنشطتها الهادفة والمسؤولة ليفتح الباب أمام المجهول بدفع المواطن لفقدان الثقة في ما يسمى دولة الحقوق والحريات مما سيؤجج الوضع أكثر فأكثر وسيزيد من حدة الاحتقان الشعبي وقد ينفلت الطوق وتحدث ردات فعل ارتدادية قوية وعنيفة غير محسوبة العواقب لكونها غير مؤطرة وغير مسؤولة وقد تجر البلد إلى مستنقع شبيه بما حدث في بعض الأقطار العربية التي نهج حكامها نفس المغامرة ففقدوا بوصلة التحكم وساد الانفلات وانهارت أسس الدولة القائمة على وهم الاستقرار.
إن اغترار المخزن المغربي بوهم الاستقرار النسبي، ومبالغته في اعتماد المقاربة الأمنية فقط في التعامل مع نبض الشارع وقواه الحية عوض تفعيل المقاربة التشاركية الواعية والمسؤولة، مغامرة ومقامرة، ومن المغامرة والمقامرة خسران كل شيء.