من كتاب “العهود المحمدية” للإمام الشعراني رحمه الله
روى ابن ماجة والترمذي رحمهما الله، وقال: حديث حسن، والحاكم رحمه الله، وقال: صحيح الإسناد، مرفوعاً: “ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض فطيبوا بها نفسا”.
وروى ابن ماجة والحاكم رحمهما الله وغيرهما، وقال الحاكم إنه صحيح الإسناد: أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: ما هذه الأضاحي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: “سنة أبيكم إبراهيم”. قالوا: فما لنا فيها يا رسول الله؟ قال: “بكل شعرة حسنة”. قالوا: فالصوف؟ قال: “بكل شعرة من الصوف حسنة”.
وروى الطبراني رحمه الله مرفوعاً: “ما عمل ابن آدم في هذا اليوم – يعني يوم عيد الأضحى- أفضل من دم يراق إلا أن يكون رحما يوصل”.
وروى الطبراني رحمه الله مرفوعاً: “يا أيها الناس ضَحّوا واحتسبوا بدمائها، فإن الدم وإن وقع في الأرض فإنه يقع في حرز الله عزّ وجلّ”.
وفي رواية له مرفوعاً: “من ضحّى طيبةً بها نفسه، محتسباً لأضحيته، كانت له حجاباً من النار”.
وفي رواية له أيضا مرفوعاً: “ما أنفقت الورق في شيء أحب إلى الله من نحر ينحر في يوم العيد”.
وروى الحاكم رحمه الله مرفوعاً وموقوفاً: “من وجد سَعَة لأن يضحي فلم يضحِّ فلا يَحْضُرنَّ مصلانا”.
وروى أبو داود والترمذي رحمهما الله وغيرهما مرفوعاً: “خير الأضحية الكبش”. زاد ابن ماجة رحمه الله: “الأقرن”. والله تعالى أعلم.
أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نضحي عن أنفسنا وعيالنا وأولادنا كل سنة، ولا نترك التضحية إلا لعذر شرعي. والحكمة في ذلك إماطة الأذى عمن ذبحت على اسمه ومغفرة ذنوبه، فعُلِم أن من شرط دفع الأضحيةِ البلاءَ عن أهل المنزل أن تكون من وجه حلال. فليحذر الشيخ أو العالم من التضحية بما يرسله مشايخ العرب أو الكشاف من نهب غنم البلاد وبقرها، فإن ذلك يزيد في البلاء على أهل المنزل.
واعلم أيضا أنه لا يكفي شراء اللحم والتصدق به، لأن السرّ إنما هو في إراقة الدم، ومن لم يكن له قدرة على شراء أضحية وليس عنده فضل ثوب ولا دابة، فليكثر من الاستغفار بدل الأضحية، فلعل الاستغفار يجبر ذلك الخلل. وكذلك ينبغي للفقراء المتجردين أن يذبحوا نفوسهم بسيوف المخالفات، وليس لأحد التهاون بأوامر الله عزّ وجل حسب الطاقة والله غفور رحيم.
التتمة على موقع ياسين.نت.