أجرى موقع الجماعة.نت حوارا مع الدكتور محمد منار، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، بمناسبة الانتخابات المحلية المزمع تنظيمها يوم 4 شتنبر 2015، جلّى فيه سبب موقف جماعته منها، وناقش فيه مجموعة من الأفكار التي وردت في بيان المقاطعة، وبعض المفاهيم من قبيل اللامركزية، كما تحدث عن مآلات هذه الإنتخابات وإفرازاتها.. وغيرها. فإليكم نص الحوار:
تتجدد الانتخابات في المغرب، محلية هذه المرة، ويتجدد معها موقف جماعة العدل والإحسان الرفض لها. إلى متى هذا الموقف؟
موقف مقاطعة الانتخابات والدعوة إلى مقاطعتها من قبل جماعة العدل والإحسان سيستمر إلى أن يحقق هذا الموقف مفعوله و تتحقق فعلا شروط انتخابات حرة و تنافسية تفضي إلى مؤسسات بسلط حقيقية. إن الانتخابات بالشروط الحالية ليس لها من وظيفة إلا وظيفة تجديد السلطوية عبر توزيع الريع السياسي الذي يشكل بوابة أساسية للاستفادة من الريع الاقتصادي. فهذا الصراع الذي نلاحظه اليوم والذي استعملت وتستعمل فيه مختلف الوسائل من مال حرام وبلطجة وبيع وشراء وترهيب وترغيب ليس دافعه تمثيل المواطن وخدمته على المستوى المحلي وتحقيق تنمية محلية، ولكن دافعه الأول في كثير من الأحيان، وبالنسبة للكثير من الأشخاص، الحصول على النصيب من الريع السياسي الذي له ما بعده. ومقابل هذا الريع طبعا هو استمرار الولاء لنظام سياسي دون أن يغير شيئا من خصائصه التسلطية والتحكمية.
بعض الناس يريدون أن يصوروا جماعة العدل والإحسان على أنها ترفض الانتخابات وترفض الآليات الديمقراطية وهذا غير صحيح، الجماعة ترفض الانتخابات التي يتحكم المخزن في مقدماتها ومسارها، وقوانينها وتنظيمها، والتي لا تصب نتائجها ومآلاتها إلا في تجديد السلطوية.
وهناك من يتأسف لأن الجماعة زهدت في نصيبها من الريع السياسي، لكن أبناء الجماعة والكثير من أبناء الشعب المغربي مرتاحون لموقف المقاطعة، لأنه ثبات وصمود على رفض الاستبداد والفساد.
من حيث المبدأ، ألا ترى معي أن النظام المغربي يسجل له أنه يتبنى نظام اللامركزية، وهو ما يدفع عنه شبهة مركزة السلطة والتسلط في الحكم؟
الانتخابات المحلية بالمغرب لا تحقق اللامركزية، بدليل أن هذه الانتخابات، حتى في ظل القوانين التنظيمية الأخيرة، لا تفضي إلى امتلاك القرار السياسي والتنموي على المستوى المحلي. وما تحققه في أحسن الأحوال هو توزيع بعض الوظائف الإدارية والتنفيذية. بالرجوع إلى القوانين التنظيمية الأخيرة نجدها تتحدث عن برنامج عمل الجماعة وبرنامج التنمية الجهوية وبرنامج تنمية العمالة والإقليم، هذه البرامج من المفترض أن تضعها المجالس المنتخبة وتسهر على تنفيذها، لكن هل يبقى لهذه البرامج والمشاريع من معنى في ظل وجود مبادرات ومشاريع ملكية من المفروض على الجميع أن ينخرط فيها، هناك أوراش كبرى تهم مجموعة من المدن، والملك في خطابه الأخير تحدث عن مبادرة تغطي أكثر من تسعين في المئة من الجماعات القروية، وتشمل أكثر من 80 في المئة من سكان هذه الجماعات، وقد تم إعداد المخطط التفصيلي لذلك، فأي تخطيط وأي دور تقريري يبقى لهذه المجالس الجماعية؟ لا يبقى لها في كثير من الأحيان، وفي أحسن الأحوال، إلا التنفيذ وبعض الأمور ذات الطبيعة التقنية والتدبيرية، أما في أسوأ الأحوال فإن تلك الأوراش والمبادرات تشكل مرتعا للفساد والاستفادة من اقتصاد الريع، وطبعا المستفيدون من الريع السياسي يكون حظهم في ذلك أكثر، ولعل ما حدث بخصوص المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يؤكد ذلك بوضوح. وحتى القيام ببعض الأمور التدبيرية وذات الطبيعة التقنية في الغالب يخضع لوصاية مشددة، ومن المعلوم أنه لا يبقى أي مجال للحديث عن اللامركزية مع تشديد الوصاية، وهو الأمر الذي انتقده باحثون و سياسيون في التجربة المغربية، والقوانين التنظيمية الأخيرة لم تقطع مع هذه الوصاية المشددة، لكن كرستها تحت مسمى الرقابة الإدارية، فكل من قرأ هذه القوانين التنظيمية سيكتشف أن رؤساء الجماعات الترابية وأعضاءها يخضعون لهيمنة واضحة من قبل ممثلي السلطة، خاصة الوالي والعامل.
ولكن، كما في كل الدول، طبيعي أن يظل للدولة المركزية حضور في التدبير المحلي، وهو ما تبعه النظام السياسي المغربي من خلال ممثلي وزارة الداخلية (العامل، الوالي…). ما وجه اعتراضكم على هذه الفكرة؟
المغرب يتبع النموذج الفرنسي الذي فيه هذا الازدواج بين ممثلي السلطة وممثلي الناخبين على المستوى المحلي، وإلا فهناك تجارب أخرى تجعل التسيير المحلي في كل جوانبه تقريبا من مسؤولية المجالس المحلية، لكن حتى في التجارب التي يكون فيها الازدواج الاتجاه العام هو تمتيع المجالس المنتخبة بصلاحيات حقيقية وتوفير الإمكانات اللازمة للقيام بتلك الصلاحيات مع ضمان استقلاليتها وحريتها في اتخاذ القرار على المستوى المحلي، على اعتبار أنها تتوفر على الشرعية الانتخابية، وفي العقود الأخيرة عرفت اللامركزية على المستوى العالمي تطورا مهما بحيث تم الانتقال من الخضوع لوصاية الدولة إلى الالتزام بقوانين الدولة، ومن تنفيذ مشاريع الحكومة إلى التركيز على مشاريع للحكم المحلي، ومن الاعتماد على توجيهات مركزية إلى الاستقلالية خاصة في بعض القضايا كتلك المتعلقة بالرسوم والضرائب والإنفاق. وبالعودة إلى القوانين التنظيمية الأخيرة، سواء المتعلقة بالجماعات أو الجهات أو العمالات والأقاليم، لا نجد أثرا لهذه التحولات رغم بعض التعديلات القانونية والتنظيمية التي قد تكون مهمة إذا ما توفر السياق السليم لتنفيذها. فبالعودة إلى تلك القوانين كما قلت نجد حضورا قويا للولاة والعمال، وبحوزتهم آليات كثيرة لفرملة عمل المجالس المنتخبة، ومن المفارقات أن تمنع وزارة الداخلية في إحدى مذكراتها بمناسبة الانتخابات أعوان السلطة من إقامة علاقات اجتماعية مع المرشحين حتى لا يكون هناك تأثير على الناخبين، في حين أن القوانين التنظيمية تجعل للولاة والعمال سلطة واسعة فيما يتعلق بانتخاب رؤساء الجماعات والجهات. ما يزيد في خطورة الأمر أن وزارة الداخلية لا تتمتع بالحياد اللازم، وتبعيتها للقصر لا تجعل منها فقط سلطة رقابية محايدة على المستوى المحلي وإنما فاعل أساسي له رهانات محددة ويتوفر على إمكانات بشرية ومادية ومعلوماتية أكثر بكثير مما تتوفر عليه المجالس المنتخبة. صحيح ان القوانين التنظيمة جعلت الحسم في بعض القضايا النزاعية بين المنتخبين والسلطة المحلية من اختصاص القضاء، لكن فعالية ذلك ترتبط إلى حد كبير باستقلالية القضاء من جهة، ومن جهة أخرى بطبيعة المنتخبين وقدرتهم على منازعة ممثلي المخزن. ولا أحد يجهل الاختلالات الكبيرة المرتبطة بالقضاء وبطبيعة النخب المحلية.
سقتم في بيان مقاطعة انتخابات الجماعات الترابية ليوم 4 شتنبر وما بعده، جملة من المبررات السياسية والدستورية والقانونية. ومع ذلك يرى البعض أن الدخول في هذا الواقع الفاسد والمؤسسات المنخورة والعمل على الإصلاح خير من المقاطعة المفضية إلى الانتظارية؟
الأمر يتعلق باجتهادات واختيارات، هناك من يرى أن مقاطعة الانتخابات تفسح المجال للمفسدين، والجماعة ترى أن الاستبداد هو منبت الفساد، وبالتالي فالمشاركة في أي عمل يجدد الاستبداد ويطيل عمره ويزين صورته، هي مشاركة بالضمن في تأصيل الفساد، والمشاركة في انتخابات ومؤسسات متحكم فيها لا تؤدي إلى محاربة الفساد مهما حسنت النوايا بل تؤدي إلى تكريسه. ولنا العبرة في بعض الأحزاب السياسية التي كانت تعارض النظام بقوة ماذا كانت النتيجة لما تبنت هذه الأحزاب أطروحة الإصلاح من الداخل وشاركت دون التدقيق في شروط هذه المشاركة. لم يتغير النظام وتغيرت تلك الأحزاب، وانتقلت إليها عدوى استبداد النظام وفساده، والكثير من النعوت التي كانت تنعث بها الأحزاب الإدارية سابقا أصبحت أمورا عادية لدى أحزاب قدمت في وقت من الأوقات تضحيات كبيرة. انظر الآن إلى ما يجري لا تكاد تجد فرقا بين كثير من الأحزاب السياسية فيما يتعلق بشراء المرشحين وترشيح أصحاب النفوذ واستعمال المال وغير ذلك من الظواهر المشينة، و أسطوانة انتظارية الجماعة أصبحت أسطوانة مشروخة، فالجماعة لها اختيار واضح، وهي تعمل وفق هذا الاختيار، بالكيفية التي تراها مناسبة، وفي الوقت الذي تعتبره مناسبا، بكامل حريتها واستقلاليتها، ودون الخضوع لأي ضغوط أو إملاءات.
من المبررات التي سقتموها في بيان المقاطعة قولكم أن “الدستور المغربي لا يزال يشرعن للحكم الفردي”، إن كان هذا المبرر يصح استدعاؤه في مقاطعة الانتخابات التشريعية فإن الانتخابات المحلية قائمة على الاختيار المباشر من المواطن لمن يدبر شؤونه المحلية من كهرباء وماء ونظافة…. ومن هذا المنطلق نجد أن عددا من الأحزاب والحركات في العالم العربي، وفي المغرب، تقاطع الانتخابات التشريعية ولكنها تشارك في المحلية خدمة منها للمواطن؟
يمكن أن نتحدث عن ثلاثة وظائف للامركزية، وظيفة تمثيلية أي تمثيل المواطنين على المستوى المحلي، ووظيفة خدماتية أي تأمين الولوج للمرافق العامة المحلية، ووظيفة تنموية أي إنجاز مشاريع تنموية محلية، وهذه الوظائف مرتبطة فيما بينها، والموقف من اللامركزية يكون في الغالب انطلاقا من مدى إمكانية القيام بهذه الوظائف، لذلك تجد من قد يشارك على المستوى اللامركزي رغم تحفظه على المشاركة مركزيا، لكن لا تعني المشاركة على المستوى اللامركزي دائما الاقتناع بإمكانية القيام بتلك الوظائف، فهناك من يختار المشاركة فقط لتحقيق وجوده وللتعريف بنفسه، وهناك من يختار المشاركة للاحتكاك بقضايا الشأن العام والتدريب. الجماعة ترى أن الإطار الدستوري والقانوني الحالي لا يسمح للقيام بتلك الوظائف على الوجه المطلوب، فتمثيل السلطات العليا على المستوى المحلي يبقى أقوى من التمثيل المنبثق عن الشرعية الانتخابية، وتامين الخدمات يبقى متحكما فيه من خلال عدة آليات مالية وإدارية، وليس هناك استقلالية وحرية في قرارات التنمية المحلية، وتبقى الأولوية دائما لمشاريع وأوراش فوقية. والقصور في تحقيق هذه الوظائف يرتبط إلى حد كبير بخصائص النسق الدستوري والسياسي المغربي، لذلك فالمدخل لتحقيق مركزية حقيقية هو مدخل دستوري وسياسي وليس مدخلا قانونيا أو تنظيميا. هناك من يرى غير هذا الرأي وعلى أي حال ففقد عبرت الأمانة العامة عن احترامها للرأي المخالف.
أوردتم أيضا أن وزارة الداخلية تحتكر الإشراف الفعلي على كل مراحل الانتخابات، كيف ذلك ورئيس الحكومي هو المشرف الرسمي على الانتخابات في خطوة رآها كثيرون إيجابية وغير مسبوقة؟
المتتبع لهذه الانتخابات يلحظ بما لا يدع مجالا للشك أن محتكر الإشراف الفعلي هو وزارة الداخلية، سواء فيما يتعلق بإعداد القوانين التنظيمية والمراسيم والقرارات المتعلقة بالانتخابات، أو فيما يتعلق بمختلف العمليات الانتخابية من مرحلة التسجيل في اللوائح الانتخابية إلى مرحلة إعلان النتائج، ورغم تميز رئيس الحكومة بخرجاته الإعلامية لا نلحظ أي موقف قوي يتعلق بالإشراف على الانتخابات، بل على العكس من ذلك نرى حزب رئيس الحكومة يشتكي شأنه شأن أحزاب سياسية أخرى من بعض ممارسات أعوان وزارة الداخلية، وغالبا ما يكتفي رئيس الحكومة بتوجيه النصح من أجل ضبط النفس. هذه الأيام تحدثت بيانات لمرشحين وتقارير إعلامية عن خروقات كبيرة في التسجيل باللوائح بمدينة بني بوعياش بإقليم الحسيمة، وبعض أعضاء حزب العدالة والتنمية يتحدثون عن إنزالات بخصوص التسجيل في اللوائح، ألم يكن الأمر يتطلب موقفا واضحا وحاسما من السيد بنكيران بصفته مشرفا على الانتخابات، ليس هناك وجود لمثل هذا الموقف، وما يقوله رئيس الحكومة في هذا الشأن لا يختلف عن ما يقوله رئيس حزب معارض. هناك حديث عن اللجنة الحكومية المكونة من وزارة الداخلية ووزارة العدل لكن فعل هذه اللجنة محدود جدا، فبالعودة إلى قضية مدينة بني بوعياش نلا حظ انه بعد إيفاء لجنة للتحري كان القرار هو الاكتفاء بتوجيه إنذار لباشا المدينة. لتبقى الكلمة الأولى لوزارة الداخلية، ويمكن أن نميز بين مستويين في هذه الوزارة، المستوى المركزي حيث يكون القيام ببعض الإجراءات الزجرية من حين لأخر، والتي لا يتجاوز مفعولها ذر الرماد في العيون، والمستوى المحلي حيث تكون لبعض أعوان السلطة علاقات واضحة ببعض الجهات، ويظهر إلى حدود الساعة غياب إرادة حقيقية في رصد هذه العلاقات والحد منها.
كما أن بعض الممارسات التي نشاهدها اليوم تتحمل فيها الحكومة مسؤولية واضحة، كمثال على ذلك أغلب رؤساء الجماعات الذين سبق وعزلتهم وزارة الداخلية بسبب فسادهم وسوء تسييرهم ترشحوا من جديد، وحين امتنعت الداخلية عن قبول ترشيحهم، توجهوا إلى القضاء الإداري، وقضى القضاء بشرعية ترشيحهم، هناك من يلوم المحاكم الإدارية، لكن قرار العزل لا يعتبر مانعا من الترشيح، وهذا ما استند إليه قضاة المحاكم الإدارية، اللوم الحقيقي ينبغي أن ينصب على وزارة العدل التي لم تحرك المتابعة القضائية في حق من يستحقون ذلك، بحجة عدم التشويش عليهم.
ماذا تتوقعون بخصوص مآلات هذه الانتخابات من حيث نتائجها، نسبة المشاركة، الخارطة السياسية المحلية…؟
لا أتوقع مفاجآت بخصوص الخريطة السياسية المحلية، وحتى العودة القوية لحزب الأصالة والمعاصرة لا أعتبرها مفاجأة، فهذا ما أصبع متوقعا بعد أن انخرطت مجموعة من القوى السياسية في مسلسل ما بعد الخطاب الملكي في مارس 2011. أغلب الأصوات والمقاعد ستكون من نصيب بضعة أحزاب سياسية من بينها بكل تأكيد الاستقلال والعدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة والتجمع، وأصبح من المحتمل جدا أن يحصل البام على المرتبة الأولى بالنظر إلى عدد مرشحيه و إلى علاقاته وما يستعمله من وسائل، وإذا ما تحقق هذا ستطرح الكثير من الأسئلة على المسار السياسي الذي عرفه المغرب خلال خمس السنوات الأخيرة.
وتظهر من الآن بعض مؤشرات الفشل على مستوى المشاركة في الانتخابات، فبعد الضعف الملحوظ في عدد المسجلين اضطرت وزارة الداخلية لفتح فترة جديدة للتسجيل ومع ذلك لم يكن عدد المسجلين بحجم ما توقعته وزارة الداخلية، لذلك يبقى احتمال التدخل المباشر للرفع من نسبة المشاركة محتملا جدا، هذا بالإضافة إلى الاختلالات الكبيرة المرتبطة باللوائح الانتخابية أصلا.
من جهة أخرى تعرف هذه الانتخابات فسادا غير مسبوق، لا على مستوى حجمه ولا على مستوى أشكاله.
كل هذا يعني أن انتخابات 2015 رغم كل ما قيل عن سياقها الدستوري والقانوني ستبقى متسمة بالأعطاب الانتخابية السابقة، في مقدمتها ضعف التمثيل والفساد الانتخابي.
وسيعرف تشكيل المجالس وانتخاب الرؤساء صراعات وأشكال أخرى من البيع والشراء لأن اقتراع 4 شتنبر بكل تأكيد لن يفرز أغلبيات منسجمة وواضحة. والإطار القانوني والمؤشرات الحالية تؤكد ذلك.
الناظر في المشهد السياسي يرى أن جبهة المعارضين للعملية السياسية بشروطها الراهنة تضعف بعد التحاق عدد من مقاطعي الاستفتاء الدستوري، في 2011 والانتخابات التشريعية التي أعقبته، بالانتخابات الحالية، كيف تقرأون ذلك؟ وما السبيل إلى تعزيز هذه الجبهة من أجل تعديل موازين القوى لفائدة التغيير الذي يعطي للانتخابات جدوى ورهانا ديمقراطيا؟
كما قلت الأمر يتعلق باختيارات، وموقف المقاطعة لا ينبغي اعتباره ثابتا من الثوابت، الثابت هو رفض الاستبداد والفساد، نسال الله الثبات على ذلك. ولا نحرص على أن يتبنى جميع الفضلاء موقفنا، ولكن حرصنا الأكبر على أن يبقى الوفاء للمباديء وإن تغيرت المواقع والمواقف، وإن كنا نعرف أنه من الصعب جدا ذلك، وأن كل من دخل الطريق السيار للنظام من الصعب عليه أن يخرج منها سالما، هذا إن بقيت له أصلا إرادة للتفكير في الخروج.
واختلافنا في بعض القضايا والمواقف لا ينبغي أن يكون مانعا للتعاون في قضايا أخرى متى ظهر أن التعاون فيها مفيد. وبالوفاء للمبادئ والتعاون والحضور المجتمعي يمكن الإسهام في تغيير ميزان القوى.
ما هي الانتخابات التي تريدها العدل والإحسان للمغاربة؟
العدل والإحسان تريد الانتخابات التي يتسابق المغاربة للمشاركة فيها، ليس طمعا في المال ولا خوفا من رجل السلطة ولا انطلاقا من وعد انتخابي كاذب، ولكن إيمانا منهم بأنها انتخابات حرة وتنافسية فعلا، وغير متحكم فيها، وتفضي إلى مؤسسات فعلية بسلط حقيقية، ولها تأثير إيجابي واضح على حياتهم الاجتماعية والاقتصادية.