أجمع ناشطون أن العملية التي قامت بها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر الماضي كانت خطوة ذكية وبطولية واستشرافية، من شأنها إحداث تحول تاريخي سيغير وجه المنطقة لعقود مقبلة، أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة وأفشلت كل مخططات التوسع الصهيوني في العالم العربي والإسلامي وأعدمت مسلسلات التطبيع، وأغلقت ملف كل الصفقات العربية التي كانت تروج للسلام الإبراهامي. وثمنوا أداء المقاومة خلال هذه الفترة الطويلة من العدوان الهمجي، التي استطاعت ليس فقط الصمود أمام الصلف الصهيوني بل القيام بعمليات نوعية وإثخانه بكل الأشكال وتعجيزه أن يحقق أيا من وعوده بعد الضربة.
وخلصوا إلى أننا اليوم، بسبب هذا العمل الجبار، أمام مرحلة تاريخية ستعيد صياغة العالم من جديد من حيث القيم والقوانين والتكتلات، مرحلة تحمل تباشير خير لهذه الأمة الإسلامية الموعودة بالنصر والتمكين، وقيادة البشرية لغد مجتمع عمران أخوي عالمي يعمه السلام والأمن والعدل والرحمة والحرية والكرامة لكل بني الإنسان.
عملية السابع من أكتوبر بطولية واستباقية واستراتيجية
اعتبر الأستاذ حسن بناجح عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان أن ما حصل في ذلك اليوم العظيم؛ يوم 7 أكتوبر، كان عملية بطولية شجاعة منسقة استراتيجية استباقية بالنظر لما كان يحضر في الخفاء وفي العلن لمباغتة المقاومة ولإنزال على الأرض مخطط كوشنير وغيره من مخططات الشر التي كانت تهدف إلى تهجير أهل غزة وإعادة التحكم فيها، أو أقله ما كانوا يروجون حول اليوم التالي في غزة، وهو ما يدل أنهم كانوا يهيئون له، أن تكون هناك قوة موالية للكيان أو باسمه هي التي تتحكم في غزة. فبعدما كانوا يهدفون إليه من القضاء على المقاومة وتهجير أهل غزة، جاء يوم 7 أكتوبر بعمل بطولي، استشرافي، استراتيجي وله ما بعده؛ ليس فقط على غزة وإنما على كل ما كان يخطط لمنطقة الشرق الأوسط، وقد بدأت الآن بعدما قامت به المقاومة سواء في فلسطين أو الإسناد الذي كان من لبنان أو الحرب الجارية حاليا في لبنان؛ تتأكد صوابية ما أقدمت عليه المقاومة واستشرافها الدقيق لمستقبل فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط، بل حتى إعادة حسابات العالم في نظره إلى الأمة الإسلامية عموما.
الأستاذ سعيد مولاي التاج، منسق الراصد المغربي لمناهضة التطبيع التابع للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، أكد أيضا، في سياق تقييم عملية السابع من أكتوبر على ضوء ما تبعها خلال عام كامل من أحداث، أن عملية طوفان الأقصى كانت تحولا تاريخيا غيّر وسيغير وجه المنطقة لعقود مقبلة، أعاد القضية الفلسطينية إلى الواجهة، وأفشل كل مخططات التوسع الصهيوني في العالم العربي والإسلامي، وأعدم مسلسلات التطبيع، وأغلق ملف كل المبادرات/الصفقات العربية التي كانت تروج للسلام الإبراهامي.
الأمر ذاته أكده الدكتور أحمد بوعشرين الأنصاري، الفاعل السياسي والمدني، الذي صرح لبوابة العدل والإحسان أن 7 أكتوبر 2023 شكلت لحظة فارقة سواء في تاريخ الأمة أو في التاريخ الإنساني عموما؛ حطمت تلك الصورة التي كادت أن تتقدس في أذهان وقلوب وعقول العديد من بني جلدة أمتنا، أن الاحتلال الصهيوني لا ولن يقهر، ويستحيل أن يتم اختراقه أو زعزعة استقراره أو تهديد مصالحه الحيوية أو حتى التفكير بأنه سينهار كيانه ونظامه وجيشه. وأوقفت فعليا وميدانيا تداعيات وتجليات ما سمي بـ”الاتفاقات الإبراهيمية”، التي كانت ستجعل من أبواب بلدان أمتنا مفتوحة على مصراعيها للاندماج مع الاحتلال، والاعتراف به، وتشبيك العلاقات الاقتصادية والثقافية والسياحية والسياسية معه…
وبخصوص ما تلا الحدث من همجية الكيان الصهيوني – يوضح بناجح – وشن حرب إبادة منفلتة من كل الضوابط سواء القانونية والأخلاقية وحتى أبسط ما هو متعارف عليه في بعض محددات ومقومات وضوابط الحروب، مدعوما ومحتضنا ومحصنا بالقوى الغربية وفي مقدمتها أمريكا، بل بمشاركتهم بشكل واضح ومكشوف، وأيضا بدعم ومساندة ومنح المشروعية من قبل كثير من الأنظمة العربية وفي طليعتها الأنظمة المطبعة التي لم ترعو عن الإيغال والاستمرار في كل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني حتى وهو في حالة شن حرب إبادة بكل مشاهدها التي يتابعها العالم، لم تتوان حتى عن التطبيع العسكري الذي يعتبر مشاركة مباشرة في سفك دماء إخواننا في فلسطين. وفي مقابل ذلك وخلال سنة كاملة أظهر الشعب الفلسطيني والغزاوي خاصة صمودا أسطوريا، وأيضا المقاومة الشريفة التي استطاعت مع طول المدة مجابهة العدو وتحقيق الضرب الموازي فيه بعمليات نوعية وإثخانه بكل الأشكال الحربية التي مازالت مستمرة إلى اليوم، وصف بناجح ما جرى بالمعجزة، نظرا لما تحمله من عناصر ومقومات المعجزة بكل المقاييس، لأنها في رقعة جغرافية ضيقة، وفي مواجهة تكتل دولي من قوى الاستعمار وقوى الاستكبار الداعمة للصهيونية، مغطى كاملا جوا وبحرا وبرا بكل أشكال الاستخبار، ومع ذلك ما تزال المقاومة موجودة على الأرض مسيطرة ومتحكمة؛ تنجز ما نراه بشكل يومي من تحقيق خسائر مهمة وفادحة جدا في صفوف العدو، رغم ما يجري من كل أشكال الضغط على المقاومة؛ من تهجير الغزيين ومن توسيع الحرب على كل التراب الفلسطيني بما فيه الضفة الغربية وفصل وتقطيع أوصال فلسطين وأيضا غلق كل المعابر وحصار تام..
ووصف مولاي التاج من يشكك في أي نصر أو إنجاز تحققه المقاومة، ويحاول إعلاميا وسياسيا التبخيس والتنقيص منه، ويصر على أساطير التفوق الصهيوني عسكريا وأمنيا؛ بأنه مهزوم نفسيا ومستلب للرواية الصهيونية، معتبرا الروايات الأولى التي تحدثت عن فخ صهيوني واستدراج للمقاومة وتسهيل تنفيذ عملية طوفان الأقصى لإعادة ترتيب المنطقة فرقعات إعلامية هوليودية ومحض خيال وحرب نفسية للتغطية على الإخفاق الذريع للكيان الصهيوني.
أما من ذهب إلى كون ما قامت به المقاومة المجيدة يوم السابع من أكتوبر كان تهورا غير محسوب النتائج، فقد رد عليه مولاي التاج بالسؤال: ماهي البدائل المطروحة لدى الشعب الفلسطيني بعد عشرات المؤتمرات ومئات القرارات وآلاف الاتفاقات التي رعاها العالم ووضعت لها الضمانات الدولية والعربية والرباعيات و”الترويكات”؟ ماذا كانت النتيجة سوى حصار بعد حصار وعدوان بعد عدوان، فغزة مثلا كانت تحت الحصار حوالي عقدين من الزمن، صارت أكبر معتقل جماعي في تاريخ البشرية يضم أكثر من مليوني إنسان بلا ماء ولا دواء ولا كهرباء ولا أمن؟ مؤكدا أن من يتبنى هذه المقولات إنما يخير الفلسطينيين بين الموت العاجل والموت البطيء، وكل من يتحدث عن نضج شروط وتوفر توازن القوى فإنه لم يقرأ تجارب التاريخ ولا نضالات الشعوب في معارك التحرر، أو يريد أن يقفز عليها، وهو في كل الأحوال – وفق مولاي التاج – واهم وحالم يتحدث عن شروط لا يمكن أن تتوفر ولو انتظرنا قرونا أخرى، بل هو يتجاهل سنن الله في التاريخ والاجتماع، فلو انتظر عبد الكريم الخطابي أو عمر المختار أو غاندي أو تشي غيفارا أو ثوار فرنسا توفر الشروط لم يحرروا بلدانهم أصلا.
مكاسب المقاومة متعددة، ستنعكس على قضية فلسطين وعلى سائر الأمة الإسلامية
التقط الأنصاري ما وصفه بإضاءات خير مشرقة جاءت مع لحظة 7 أكتوبر المجيدة؛ حيث لم يستطع الكيان الصهيوني الغاصب ولمدة سنة من القصف الوحشي اليومي بغزة للمنازل وللمناطق الآهلة بالمدنيين وحتى للمستشفيات وطواقم الإنقاذ والصحفيين، أن يحقق هدفه بالقضاء على المقاومة وتحرير أسراه واستعادة استقراره الأمني والسياسي والاقتصادي، ولأول مرة تعالت أصوات وتكثفت مظاهرات بداخله مطالبة بالتسريع بإجراء تسوية لإطلاق سراح الأسرى الصهاينة، وانكشفت بذلك تناقضاته الداخلية للعلن وبدأت تظهر للجميع ملامح تفكك بنياته، وعدم انسجام وتلاحم مكوناته. في المقابل أدت همجيته اللامحدودة إلى إيقاظ جزء مهم من الضمير العالمي، ولأول مرة -يردف الأنصاري- سنشهد تظاهرات مستمرة في العديد من العواصم والمدن الغربية، وبكم هائل من أهل الغرب الإنساني رفضا للاعتداءات الصهيونية واحتجاجا على جرائم الاحتلال الوحشية وتضامنا مع فلسطين، بل الجديد في هذه التظاهرات أنها من قيادة طلبة ومثقفين وباحثين في العديد من جامعات العالم والغرب خصوصا، وهو ما يؤشر على الاستبشار خيرا بنخبة المستقبل في الغرب في تغلب هذا الضمير الإنساني العالمي على هذه الهيمنة الصهيوأمريكية والغربية الرسمية، لنصبح بإذن الله أمام عالم جديد ومنتظم دولي جديد أكثر عدلا وأمنا وأبعد عن منطق الهيمنة.
وأحصى بناجح من المؤشرات الإيجابية التي تعطي ضمانا أن لا خوف على مستقبل المقاومة؛ أنها لمدة سنة كاملة ظلت صامدة رغم أنه في آلية الحرب استعمل العدو كل شيء وتجاوز كل الخطوط الحمر، واستمرت المقاومة ليس فقط في استيعاب وامتصاص الضربات وإنما في التقدم وتسجيل نقط مهمة في مواجهة العدو وإفشال كل مخططاته وشعاراته التي كان يرفعها، رغم الألم؛ لأنها حرب والحرب فيها أثمان متوقعة، لكن نقارن الثمن بالمكاسب المهمة جدا في إعادة قضية فلسطين إلى الواجهة وإلى المعادلة الصحيحة بطرح سؤال التحرير عوض ما كانت تجر إليه فلسطين والمنطقة كلها تحت عنوان السلام الوهمي إلى التسليم في كامل فلسطين وإعطائها صائغة للعدو.
من المكاسب المهمة أيضا لطوفان الأقصى، يسترسل بناجح، إسقاط أوهام الصهيونية التي بنتها على أرض الواقع، فكانت تتحكم في رقاب العالم بسيف معاداة السامية، ولم يكن يجرؤ أحد سواء في أوساط المثقفين أو أوساط الشعوب وغيرهم أن يطرح السؤال حول الصهيونية، فكان هناك عنوان مرعب وكابح هو معاداة السامية، ما شهدناه خلال هذه السنة من هبة إنسانية عالمية وصلت إلى مستويات مختلفة؛ ثقافية وشبابية وطلابية وفنية وغيرها، أمر مهم جدا في إعادة الترتيب ووعي الأجيال سواء في الأمة الإسلامية أو عند الإنسانية عموما.
وبالنظر إلى عمق القضية سواء بتاريخها الذي هو عقود من الاحتلال أو لما كان يخطط لها أو إلى المستقبل المنظور في الحساب الحربي الدفاعي الصراعي، أو كونها ليست فقط قضية احتلال إنما هي قضية استهداف لعمق الأمة ومركزها الذي هو فلسطين بمقدساتها التي كان يسعى العدو الصهيوني بغطاء ديني متطرف لأجل التبرير للأسطوانة التي يتحدث فيها عن حق الشعب اليهودي في وطن في الوقت الذي كان يهدف إلى استنبات من لا حق لهم في وطن له ملاكه الشرعيون التاريخيون، مع استحضار استهداف هوية الأمة في أبعادها الكبيرة؛ استهداف دينها وقيمها وأخلاقها ودورها الريادي في العالم.. وبث أذرع الصهيونية التي تتغلغل بالأساس في الجانب الثقافي والقيمي والديني، ولعل آخر ما جسده مشروع كوشنير تحت عنوان الإبراهيمية الجديدة في محاولة لتحريف الأمة عن دينها، من هذه الزاوية فإن ما حدث كان عملا ذكيا جدا وعملا استباقيا نسف مخططات سبعة أو ثمانية عقود من الزمن سعت ليس فقط لاحتلال فلسطين وإنما محو كل مقوماتها الدينية والجغرافية والسياسية والقيمية وبكل الأبعاد. ما حدث اليوم كان سيحدث لزاما لكن بطريقة أبشع، بعد حشد العدو للدعم الدولي بما فيه دعم الدول العربية. الأثمان كانت ستؤدى حتما لكن ما قامت به المقاومة – ويشمل أسر عدد كبير من الصهاينة – غير المعادلة وسيرغم العدو إلى الرجوع إلى الوراء رغم ما نراه من بطش، لكن المستقبل سيكون إن شاء الله للشعب الفلسطيني.
أداء المقاومة متميز ونجاحاته ظاهرة
تقييما لأداء المقاومة خلال سنة من العدوان الهمجي يرى مولاي التاج أنه كان متميزا على كل الواجهات سياسيا وإعلاميا وميدانيا وتنظيميا، وهذه نجاحات تحتاج مقابلات ومحاضرات، بل ينبغي أن تدرس مستقبلا، فقد كان فوق التوقعات وحجم العنف والعدوان الصهيوني المدعوم عالميا. وهذا الحشد الشامل غير المسبوق يجعلنا أمام حدث حقيقي يهدد الوجود الاستراتيجي للغرب في منطقة الشرق الأوسط، وردات فعله الفاشية التي تذكرنا بهمجية وبربرية الحرب العالمية وما فعلته النازية في الإنسانية من دمار يبرهن على عمق الهزيمة والفشل الذي تعانيه الآلة الصهيونية العسكرية والسياسية، فهي لم تحقق أهدافها التي أعلنتها وخسرت هيبتها وتهاوت سرديتها التي استثمرت فيها سبعة عقود، وظهرت ككيان مارق متعطش للدماء، ولا يعترف بالقوانين الدولية ولا يقيم وزنا للاعتبارات الإنسانية أو القرارات الأممية، وانكشفت هشاشة الرهان على المنظمات الدولية في حماية المدنيين والحفاظ على حقوق الحياة والأمن والسلام والاستقرار.
بناجح قسم المقاومة إلى عناصر شكلت ساحات لفعل المقاومة؛ فهناك مقاومة المركز التي هي المقاومة الفلسطينية، ومقاومة الإسناد التي جرت خاصة من الساحة اللبنانية وأيضا من اليمن والعراق، ثم كامل الأمة بالأشكال المختلفة للإسناد.
على مستوى المركز الذي هو قلب فلسطين؛ سجل بناجح المستوى العالي من التنسيق بين فصائل المقاومة الفلسطينية وفي طليعتها كتائب القسام وسرايا القدس وغيرها؛ وهو ما يحسب لها جيدا، برزت جليا في تلك المشاهد التي رأيناها مرارا في عمليات مشتركة خاصة بين كتائب القسام وبين سرايا القدس، وإعلان ذلك من خلال تسجيلات تظهر هذه العمليات المشتركة المنسقة، أو تلك المشاهد المهمة أثناء عملية التبادل الأولى والتي تمت في بعض محطاتها باشتراك بين الكتائب والسرايا، وهذا – وفق بناجح – كانت فيه رسالة لكامل الأمة على المطلوب منا على مستوى الوحدة في مواجهة الأعداء، فهو أمر مهم جدا وله ما بعده في مستقبل الأمة بإذن الله عز وجل ومستقبل تحرير فلسطين.
مما يحسب للمقاومة أيضا، يقول الناشط الحقوقي؛ الدخول المبكر جدا لمقاومة الإسناد من لبنان، ثم لحقت بعد ذلك اليمن والعراق وكل الساحات الأخرى، بحيث أنه يوم ثامن أكتوبر دخلت المقاومة اللبنانية في عملية إسناد واضحة، والتي كانت أثمانها كبيرة جدا وظاهرة، وهو مؤشر مهم جدا وله ما بعده أيضا في مستقبل تحرير فلسطين، وفي أن يكون ذلك أرضية لما بعد الحرب بإذن الله عز وجل في النظر إلى مكامن قوة الأمة، والتي غيابها يستثمره العدو، بل لعل مما شجعه على صلفه وعلى عنجهيته في مواجهة كثير من الأقطار والساحات في وقت واحد هو الفرقة بين مكونات الأمة، إذ إن قوة العدو ليست ذاتية إنما قوته الأساسية في فرقتنا التي ينبغي أن نتجاوزها لله عز وجل.
الكيان الصهيوني يفقد رهاناته ويغطي إخفاقاته
من ارتدادات العدوان الصهيوني على جسم الكيان الداخلي أوضح الفاعل السياسي والمدني بوعشرين الأنصاري أن الكيان المحتل تعود أن تكون معاركه في مدد قصيرة وتنتهي، لأنه غير قادر على الحروب الطويلة الأمد التي تنهك قواه واقتصاده وتزيد من تفكيك بنياته، لكن المقاومة أبت إلا الصمود وإطالة المعركة مع الاحتلال، وها هي الآن برغم آلاف الجرحى والشهداء الذين ارتقوا جراء سياسة التقتيل الهمجي والوحشي التي يمارسها الاحتلال، قد بلغت سنتها الأولى بعد 7 أكتوبر صامدة مكافحة صابرة محتسبة، ومرابطة على الثغور تقض مضاجع الاحتلال وترعبه وتنهكه أكثر فأكثر.
بالإضافة إلى ذلك، يضيف الأنصاري؛ فقد شكلت قرارات محكمة العدل الدولية والمدعي العام لدى محكمة الجنايات الدولية صفعة قوية ضد الاحتلال الصهيوني، الذي ظل لعقود وسنوات محميا من طرف المنتظم الدولي ضد أية متابعة جنائية لقادته، برغم اقترافه سابقا عددا هائلا من المجازر في حق الشعب الفلسطيني، معتبرا أن قرار متابعة رئيس حكومة الاحتلال وبعض قادته العسكريين من طرف المدعي العام شكل منعطفا تاريخيا نوعيا لم يجرأ أحد من قبل على إصداره، وهو ما يؤشر لبداية نهاية الهيمنة الصهيونية على المؤسسات الدولية وبداية الاستيقاظ الإنساني للضمير العالمي الرسمي أيضا.
الاحتلال من خلال مناوراته يسعى عن طريق توسيع دائرة معركته من غزة إلى لبنان إلى كسب بعض الوقت وتوريط العالم في حرب إقليمية ونقل المعركة من غزة لجعلها معركة مع إيران، وتحويل هزيمته المدوية بغزة وبداية انهيار كيانه، إلى انتصار لحظي ومؤقت بتنفيذه لعدد من الاغتيالات لرموز وقيادات من المقاومة بجنوب لبنان وبإيران، لكن ستبوء مناوراته بالفشل ومؤشر ذلك تعالي أصوات دولية بضرورة تجنب حرب إقليمية، يشدد الأنصاري.
ملحمة 7 أكتوبر أعادت ضبط بوصلة القضية الفلسطينية
أجمع المصرحون لبوابة العدل والإحسان أن ملحمة 7 أكتوبر المجيدة قد صححت مسار القضية التي كان يراد وءدها وأعادت ضبط بوصلتها، حيث أكد بوعشرين الأنصاري أنها لحظة رسخت وأثبتت أن البوصلة الأساس للأمة هي فلسطين، وأن قوة المقاومة في وحدة مسارها ومصيرها، وأن سلاح المقاومة مصوب اتجاه العدو ولا يجوز أن يكون إلا اتجاه العدو المحتل، وأن المقاومة هدفها واحد ومصيرها واحد وعدوها واحد؛ ألا وهو الاحتلال الصهيوني، وأنها لقنت للأمة درسا أن المقاومة كانت ولازالت وستظل منشغلة بإعداد العدة لمواجهة الاحتلال وتحرير الأرض، ومن بركات انشغالها الدائم بذلك ما أبهرتنا به لحظة 7 أكتوبر الفارقة.
وهو ما زكاه مولاي التاج حينما قال: إننا أمام مرحلة تاريخية ستعيد صياغة العالم من جديد من حيث القيم والقوانين والتكتلات، ونحن نرى فيها تباشير خير لهذه الأمة الإسلامية الموعودة بالنصر والتمكين، وقيادة البشرية لغد مجتمع عمران أخوي عالمي يعمه السلام والأمن والعدل والرحمة والحرية والكرامة لكل بني الإنسان، وطوفان الأقصى خطوة تحرر شاملة ولحظة يقظة ونهضة رغم حجم التضحيات وجسامة ما نراه من وحشية صهيونية تأتي على الأخضر واليابس.