نعم للوحدة الوطنية.. ألف لا للتمكين للصهيونية

Cover Image for نعم للوحدة الوطنية.. ألف لا للتمكين للصهيونية
نشر بتاريخ

إن الانتشار السرطاني للصهيونية، أصبح واقعا مثيرا للقلق، ويستوجب هبة سريعة من كل ذي لب وصاحب حكمة ورشد، يمتلك ولو حبة خرذل من الغيرة على هذا الوطن ويخاف على وحدته واستقراره من خفافيش الظلام المتربصة التي تتوارى خلف الشعارات الرنانة والمصطلحات الملغومة، لتبخ سم كراهيتها لشعب طالما كان حبه للقضية الفلسطينية ودفاعه عنها ينطلق من عمق انتمائه، وإيمانه الحقوقي ودفاعه عن القضايا العادلة. ولعل القضية الوحيدة التي حصلت على الإجماع من كل الشرفاء بمختلف دياناتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية والإيديولوجية هي القضية الفلسطينية، بوصفها أعدل قضية تحرك الضمير الإنساني.

ومن أبرز المظاهر التي تمايز بين الصهيونية واليهودية التي يزايد بها المتملقون على الوحدة الوطنية ويدارون بها نواياهم الخبيثة المليئة بالحقد والمعاداة الحقيقية للسامية، تلك المظاهرات التي نظمها اليهود -حتى في دولة متحيزة للاحتلال الإسرائيلي هي أمريكا- ضد الصهاينة وضد حرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري ومختلف الجرائم التي يمارسها الكيان المحتل في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، فإذا كان المتكلم مجنونا فالسامع له عقل يميز، ولن تستطيع خفافيش الظلام طمس هذه الحقائق ولا إخفاء الشمس بالغربال، رغم ائتلافاتهم اللاوطنية ومحاولاتهم المفضوحة لترهيب المناضلين بمثل تلك الصبيانية السياسية المكشوفة المصدر والأهداف.

هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن أي شخصية عامة تتدخل في السياسات التي تؤثر بشكل مباشر على المغرب والمغاربة لن تكون فوق النقد، “والنقد ليس هو السب أو الشتم”، هذا إذا كنا فعلا -كما في الخطابات الرسمية- دولة ديمقراطية تحترم الدستور وتحمي حقوق الإنسان، إذ من حق المغاربة أن يتوجهوا بالنقد لكل من يهدد مصالحهم والمستقبل الذي يأملون، ومن المؤسف جدا أن نجد كل تلك المسافة من البعد بين ما يتطلع إليه معظم المغاربة وبين مسؤولين عن صناعة السياسات العمومية وتوجهاتهم، وهذا ما يهدد فعلا وواقعا معطى الاستقرار وغنيمة الوحدة.

وإن أي مناهضة للصهيونية وعرابيها داخل أرض الوطن لهو نضال ضد احتلال جديد يعمل بكل الإمكانات المتاحة للتغلغل والتمكن، وليس مطلوبا من المناضلين الشرفاء تبرير مواقفهم، فالبون شاسع بين اليهودية كديانة والصهيونية كعقيدة احتلال. وطالما صادفنا في الصفوف الأولى للمسيرات الداعمة لغزة اليهودي المغربي “سيون أسيدون” الرافض لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة. فلا يزايد علينا خفافيش الظلام بالهوية المغربية متعددة الروافد، فهي ليست محل نقاش ولا مربط الفرس، فهباء يحاولون كسر إجماع المغاربة حول قضية هي ليست كغيرها من القضايا الإنسانية، بل هي الحد الفاصل بين الإنسانية نفسها والوحشية والمروق، وهي الحد الفاصل بين العدالة والإنصاف والثقب الأسود الذي انهارت فيه القيم والأخلاق أمام استعباد رأس المال والمصالح الاقتصادية التي طوقت دولا وكيانات ألجمتها عن قول كلمة الحق وقيدتها عن القرارات السليمة، ناهيك عن مثل هذه الأبواق المسخرة التي تروج لبضاعة فاسدة تحاول عبثا تجميلها باستعمال إنشاء ركيك لفظا ومعنى.

من جهة ثالثة؛ يجب التنويه إلى أن هذا السعار الإلكتروني بكل أدواته وإمكانياته لا يوجد إلا خلف الشاشات وداخل الدوائر المغلقة. يشتغل في الظلمة لأنه لا يمتلك شرعية حقيقية وسط الشارع المغربي، لهذا فقد هاله نجاح المسيرة المليونية وحجم الاستجابة الشعبية العفوية، وأدرك أن كل ذلك الجهد المبذول والمال الذي أنفق بسخاء لتغيير عقيدة الشعب المغربي حول القضية الفلسطينية، ومحاولات التطبيع الشعبي الفاشلة كلها كانت صيحة في واد ونفخة في رماد، وليس عند المغاربة أي مشكل مع اليهود، فالتاريخ شاهد أن المغرب كان دائما وما يزال مهدا للتعايش، لكن لا قبول لمن رجله على أرض المغرب وقلبه كله في تل أبيب، مصالحه المالية والاقتصادية في المغرب وبندقيته موجهة نحو صدور الأطفال والنساء والمدنيين العزل في غزة، هذه مذلة واستسلام، هذا هو القبح الذي تحاول خفافيش الظلام تجميله وتحيطه بمجموعة من الألغام لحمايته؛ من قبيل الوحدة الوطنية أولا، وعدم المساس بحقوق اليهود المغاربة، و”معاداة السامية” لترهيب الناس وزرع الخوف من معاداة الصهيونية المجرمة، ونعت شرفاء الوطن بالإرهاب لمجرد تعبيرهم عن الرفض لهذا الامتداد السرطاني للصهيونية بمختلف أذرعها، وفي حقيقية الأمر فإن ما يقوم به خفافيش الظلام من خلال ائتلافاتهم ودوائرهم المغلقة، لهو الإرهاب الحقيقي، وهو ما يهدد سلامة الوطن واستقراره ويزرع الفتنة ويزعزع اللحمة الوطنية.

وفي الأخير فإن القضية الفلسطينية قضية الشرفاء عبر العالم كله، وليس في المغرب وحسب، ولا تحتاج للدفاع عنها من يعتبرها كغيرها من القضايا “الإنسانية”، والواقع الذي يحاولون إخفاءه هو أنها قضية احتلال، ومن يدعي أن الحل هو حل الدولتين مستعد للتنازل عن الوحدة الترابية، فلا حل للاحتلال إلا بزواله. ونحمد الله تعالى أن مثل هؤلاء لم يكونوا زمن الاحتلال الفرنسي، فلولا فضل الله ومقاومة أجدادنا الأشاوس، لكنا اليوم جنبا إلى جنب مع الفرنسيين، نتعايش ضمن حل الدولتين مع الشعب الفرنسي في قسمة ضيزى نأخذ فيها بعض الأقاليم وتبقى حصة الأسد للمحتل.

والله غالب على أمره.