بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه
بلاغ من هيئة الدفاع في ملف الشهيد كمال عماري
بمناسبة الذكرى الثالثة لوفاته رحمه الله
إن هيئة الدفاع في ملف المرحوم الشهيد كمال عماري:
1- إذ تستحضر وقائع الاعتداء الذي تعرض له المرحوم كمال عماري، الذي كان مشاركا كعادته في المسيرة الاحتجاجية السلمية التي نظمتها حركة 20 فبراير بآسفي، بالحي المعروف بدار بوعودة، بعد عصر يوم الأحد 29 ماي 2011، والذي توجه بعد انتهاء المسيرة إلى عمله حارسا ليليا بميناء آسفي ليفاجأ بسبعة أفراد من عناصر الأمن بزي مدني استفردوا به بشارع عبد الرحمن الوزاني المعروف بشارع دار بوعودة، وبعد الاشتباه في كونه كان من المشاركين في المسيرة، قاموا بضربه بعدة أشكال وتمكن من الإفلات منهم والابتعاد لعدة خطوات، حيث لحقوا به من جديد، وقاموا بطرحه أرضا حيث أشبعوه ركلا وضربا بالهراوات بشكل عنيف وغير متحفظ وذلك لعدة دقائق، حيث أصيب بعدة ضربات في جميع أنحاء جسمه، كما قاموا بضرب وتهديد كل من حاول تخليصه منهم، ثم تركوه ملقى على الأرض. وبعد أن استجمع قدراته، رجع أدراجه إلى بيته. واتصل بزملائه في حركة 20 فبراير الذين بادروا لتصوير الإصابات التي تعرض لها وإلى الاستماع لشهادته في الموضوع. ونظرا لتفاقم حالته الصحية، فقد توجه بتاريخ 31/05/2011، إلى عيادة أحد الأطباء المختصين في جراحة العظام والمفاصل، الذي قام بفحصه، ووصف بعض الأدوية له. ثم عاد الشهيد ليراجع طبيبا آخر يوم 01/06/2011، ولتسلم له وصفة طبية ثاني. لكن بحلول مساء يوم 01/06/2011، أصبحت حالته الصحية متدهورة جدا، مما استدعى نقله إلى مصلحة المستعجلات بالمستشفى الإقليمي بآسفي حيث فارق، رحمه الله، الحياة في صبيحة اليوم الموالي).
2- وإذ تستحضر أن هيئة الدفاع ومن ورائها أسرة الضحية، سارعت إلى تقديم شكاية بخصوص هذه الوقائع إلى الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بآسفي، الذي قام بتكليف نائبين من نوابه للقيام بمعاينة جثمان الشهيد بالمستشفى في عشية يوم 02/06/2011، وتحرير بمحضر بهذه المعاينة، ثم أعلن عن تكليف مركز الطب الشرعي التابع للمستشفى الجامعي ابن رشد بإجراء تشريح طبي على الضحية، وهو الأمر الذي تم في ليلة يوم الوفاة، كما تقدم فريق الدفاع بطلبين لإجراء خبرة طبية على الضحية أمام المحكمة الابتدائية بآسفي وأمام المحكمة الإدارية بمراكش (باعتبارها المختصة ترابيا) وذلك خلال يوم 03/06/2011، لكن المحكمتين معا قضتا بعدم قبول الطلب، ورغم ذلك وبعد التشاور مع عائلة الشهيد، وافقنا على استخراج جثمان الشهيد ليدفن يوم 04/06/2011، بعد وعد رسمي من النيابة العامة على أنها ستمكن الدفاع وعائلة الشهيد من نسخة تقرير التشريح فور التوصل به. إلا أن النيابة العامة خلال يوم 06/06/2011، أصدرت بلاغا عبر وسائل الإعلام الرسمية تقدم فيه مستخلصا مجتزئا من خلاصات التقرير، وتعلن فيه عن تكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالقيام بإجراء بحث تمهيدي في القضية. وقد حرصت هيئة الدفاع على توجيه أسرة الشهيد نحو التعاون مع جهة البحث.
3- وإذ تستحضر أن كل هذه الجهود لم تثمر سوى إصرار من السلطة على عرقلة الحقيقة وتمكين الجناة من الإفلات من العقاب، إذ بعد ما يقارب السنة على الوقائع، أحال الوكيل العام الملف على قاضي التحقيق في الملف عدد 280/2011، ليباشر التحقيق ضد مجهول من أجل تهم العنف العمدي المؤدي للوفاة دون نية القتل، والعنف العمدي).
4- وإذ تستحضر موقف هيئة الدفاع الذي أعلنت عنه في بلاغها الثاني للرأي العام والذي أكدت فيه متابعتها لمسار التحقيق عن كثب حيث سجلت حضورها طرفا مدنيا، لكنها منعت من الحصول على نسخ من وثائق الملف بما في ذلك محاضر الشرطة وتقرير التشريح الطبي وغيرها من الوثائق.
5- وإذ تؤكد تخوفاتها على مسار التحقيق الذي عرف عدة جلسات استمع فيها قاضي التحقيق لمجموع من الأشخاص.
6- وإذ تذكر قرار السيد قاضي التحقيق بالإطلاع تمهيدا لختم التحقيق، والذي وقع التراجع عنه لأسباب نتحفظ عن طرح تخميناتنا بخصوصها، مع استحضارنا لمقتضيات المادة 216 من قانون المسطرة الجنائية الذي ينص على أنه يصدر قاضي التحقيق أمراً بعدم المتابعة إذا تبين له …….. أن الفاعل ظل مجهولاً).
7- وإذ تستحضر أنه أدلي في الملف بنسخة من التقرير المنجز من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي قام مهمة تقص للحقائق فور وقوع الوفاة واستمع لعدة شهود ومصرحين وأنجز تقريره الذي رفض تسليم نسخة منه للدفاع أو لعائلة الشهيد رغم مطالبته رسميا بذلك، وعوضا عن ذلك سرب نسخا منه لوسائل الإعلام التي نشرت مقتطفات منه، تبين أنه خلص إلى أن الشهيد كمال عماري تم الاعتداء عليه وعلى عدد من مناضلي حركة 20 فبراير من طرف عناصر تنتمي لقوات الأمن، وذلك في إطار تعليمات صادرة عن رؤسائهم. وهي نفس الخلاصات التي أكدها التقرير المشترك بين جمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان) والمرصد المغربي للحريات العامة) اللتين رافقتا عمل المجلس الوطني ونشرتا تقريرهما للرأي العام، كما أنها نفس خلاصات باقي الجمعيات الحقوقية التي قامت بالتقصي في الموضوع.
8- وإذ لاحظت أنه رغم ذلك فإنه لم يوجه أي إجراء من إجراءات البحث أو التحقيق ضد أي من رجال القوة العمومية رؤساء ومرؤوسين، رغم أن تقرير المجلس الوطني يشير صراحة إلى مسؤولية عناصر أجهزة الأمن ورؤساء تلك الأجهزة.
9- وإذ تذكر بأن العنف الذي تعرض له المرحوم كمال عماري وباقي نشطاء حركة 20 فبراير بآسفي يوم 29 ماي 2011، لم يكن معزولا، بل عم جميع أرجاء المغرب واستهدف أغلب تظاهرات الاحتجاج خلال يومي 22 و29 ماي 2011، وأنه كان عنفا شديدا وغير مسبوق وخلف عدة ضحايا.
10- وإذ تذكر أن الدولة المغربية ما فتئت تعلن عقب كل اعتداء سافر على حياة الأفراد وحرياتهم عن فتح بحث أو تحقيق في الأمر كما حدث في مقتل المرحوم كريم الشايب وفدوى العروي وحميد الكنوني، وشهداء الحسيمة، واعتداءات 13 مارس 2011، و22 و29 ماي 2011، ووفاة المرحومين محمد بودروة وعبد الوهاب زيدون، بل وحتى قضية العفو عن الإسباني دانيال، دون أن تظهر أية نتائج لتلك التحقيقات بما يؤدي إلى تحديد المسؤوليات ومحاكمة المسؤولين.
11- وإذ تذكر بأن جريمة الاعتداء على الشهيد كمال عماري هي جريمة دولة تتضمن المس بالحق في الحياة وفي السلامة الجسدية والتعذيب، وانتهاك الحق في الانتماء والحق في التعبير والحق في الاحتجاج السلمي، وهي جرائم سياسية بعضها لا يسقط بالتقادم وفقا للقانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي المغربي.
وبناء على كل ما سبق فإن هيئة الدفاع، تعلن ما يلي:
1/ تخوفها من المسار الذي يسير فيه ملف التحقيق المفتوح في القضية أمام محكمة الاستئناف بآسفي، كما تحتج على رفض الجهة القضائية المعنية من تمكين هيئة الدفاع من حقها في الحصول على نسخة من وثائق القضية بما يمكنها من القيام بعملها بما تقتضيه مهامها القانونية.
2/ إصرارها على كشف الحقيقة كاملة وتحديد المسؤوليات الفردية والمؤسسية ومحاكمة الجناة وكل المتورطين في القضية أمام قضاء مستقل ونزيه مع توفير كافة الضمانات لمحاكمة عادلة.
3/ تأكيدها على أن استنفاد جميع إمكانات الحصول على الحقيقة والإنصاف وجبر الضرر أمام المؤسسات الداخلية، يفتح الباب أمام عائلة الضحية للجوء للمؤسسات الدولية المختصة.
4/ عزمها القيام بخطوات في ملف التحقيق المفتوح أمام محكمة الاستئناف بأسفي لتوجيهه نحو البحث عن الفاعلين أفراد ومؤسسات بما يقطع مع الإفلات من العقاب.
5/ تحميلها المسؤولية للجهات القضائية المتدخلة في الملف وللسيد وزير العدل والحريات ولجميع السلطات العمومية المغربية في كل انحراف يعرفه مسار الملف، وفي كل إجراء من شأنه طمس الحقيقة والإنصاف.