فيما يشبه الدوران حول النفس، تتخذ الحركات غير المنضبطة منحى نحو التذبذب ثم إلى التشكيك، هذا المرض الذي ينجم عن نفسية انفعالية بالأحداث، ونظل بشرا بكل ما في البشرية من خصائص، لا تحركنا الأحداث، بل ننظر إلى من حركها سبحانه عز وجل، وإلى مهمة كل فرد وموقعه حين ينادي منادي النصرة نفيرا، وهنا الجندية؛ مهمتنا أن نستنفذ الوسع في استجلاب الخير ودفع الضر من كل ما يمر، لأنفسنا وللأمة جمعاء.
ذكر الله عز وجل إن لم يكن في القلب مستقرا، فكل ما سيأتي إلى هذه المضغة سيؤثر فيها وتصطبغ به. ذكر الله عز وجل ميزان الحقائق والمصفي “سبق المفردون”.
من كان يظن أن اليقين سهل فليفتح كتاب الله عز وجل وليقرأ عن أنبياء الله عز وجل مع أقوامهم ذلك ذكرى للذاكرين.
ذَكرَ الله عز وجل قتل بني إسرائيل لأنبيائهم، أترى لو كنا في زمان نبي من أنبياء الله ونرى ذلك ماذا سيكون حال إيماننا؛ قبله وبعده؟! نعوذ بالله من العجز والكسل، نعوذ بالله مما استعاذ منه صلى الله عليه وسلم.
وهم السرعة قد يأتي من قرب المعلومة والأحداث المنقولة على المباشر، فيتوهم الواحد أن الأفق مسدود والظلام غالب والخير عاجز نائم. وأن ما يحدث لم يسبق له مثيل في التجبر من طرفهم وفي الضعف والاستكانة منا. وأنها قد استغلقت. فهل نتذكر سيدنا نوحا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام مع قومه، وسيدنا أيوب عليه السلام، وسيدنا زكرياء عليه السلام، وسيدانا موسى وهارون عليهما السلام، وسيدنا عيسى عليه السلام، وسيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم.
من السهل الحديث عن الإيمان والصدق واليقين والمياه راكدة والبحر ساكن، فإذا تحركت الأمواج وبلغت القلوب الحناجر، فهنا تتجلى الحقائق.
حين تدوي صفارة الحرب، فالجنود يهرعون إلى أسلحتهم وينضبطون في الصف وينتظرون الأوامر، ولديهم عدة وعتاد، يحاكون تدريباتهم المستمرة التي تجعلهم فطنين متذكرين، حتى إذا حانت ساعة المواجهة كانوا على استعداد. الذاكرون الله عز وجل كثيرا هم الفائزون، لا ذكر انعزال بل ذكر وسط معمعان التدافع.
حين تدوي صفارة الحرب، لا ينهمك الجندي في التشويش على أخيه في السلاح، بل يغطي الثغرات، ولا يشير إلى العثرات فلذلك مرحلة أخرى.
الجندي لا يترك أخاه في ساحة الحرب، ولا جثته، فإن قضى الله أمره، حمله على عاتقه، ولا يخذله، ولا يسلمه.
الولاء والبراء، وإن كنت أنظر إليهما كنظرة تلميذة في الصف الابتدائي، لا تعرف عنهما سوى ترديد المصطلح وتكتفي بإمساك يدي أبويها، فالتربية في ظل الصحبة تنتقل بالفرد من جهل أناني إلى بسط يقيني، والحركة وسط المؤمنين والمؤمنات بركة في الفهم والعمل “إنما وليي الله وصالح المؤمنين” الحديث..
الكلمات البسيطة الجميلة التي تتردد هنا في هذا الفضاء، في تكرارها ببساطة ما ترسله الأمهات من أدعية الصباح، ويضجر منه الأبناء المتحمسون لكل جديد فاقع، أن لا يحقر أحدنا عملا صالحا كيفما كان، يندرج في سنة التدافع؛ ننصر إخوتنا بالدعاء وبالكلمة وبالصوت وبالكتابة، وبتأليف القلوب بالدفع نحو تجديد سنة الله وإحياء همة الجهاد في سبيله عز وجل، وفي تمتين وحدة التصور والالتفاف حول العلماء الربانيين، والإشارة إلى أس الفساد وتعرية حجج الظالمين من أعداء الله، ففي مثل هذه الاوقات تظهر المعادن الصافية القوية كالنجوم في دامس الغسق، وفي ذلك رحمة وحكمة. فله الحمد سبحانه على كل حال. وندرك أن التغيير ليس طفرة، ولا هو قفزة، بل إعداد وعدة. نسأله سبحانه الثبات وحسن العمل.
قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ (101) فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِهِمْ ۚ قُلْ فَانتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ (102) ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا ۚ كَذَٰلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ (103) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلَا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَلَٰكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (104) وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (105) وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ ۖ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ (106)وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (107) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۖ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ (108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ ۚ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (109) سورة يونس.