سحرتني آية (12).. وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا

Cover Image for سحرتني آية (12).. وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا
نشر بتاريخ

أنعم الله عز وجل علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ومن أعظمها وأجلها نعمة القرآن الكريم الذي أنزله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة، ليكون لنا دستورا في الحياة، نعمل بما فيه من أوامر ونجتنب ما فيه من نواهٍ في واقع حياتنا لنكون من المهتدين لطريق الحق، ولا يتأتى ذلك إلا بتلاوته وتدبر آياته الكريمة واستخراج كنوزها، ومن آياته العظيمة التي استوقفتني من سورة الإسراء: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه، وبالوالدين إحسانا، إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (الآية 23 من سورة الإسراء).

وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه قضى: في هذه الآية يعني أمر وألزم وأوجب، قال ابن عباس والحسن وقتادة “ليس هذا قضاء حكم بل قضاء أمر” 1 أمر بتوحيد المعبود، أمر في صورة قضاء فهو أمر حتمي حتمية القضاء. فإذا وضعت القاعدة وأقيم الأساس عادت التكاليف الفردية والاجتماعية، والرابطة الأولى بعد رابطة العقيدة هي رابطة الأسرة. ومن ثم يربط السياق بر الوالدين بعبادة الله عز وجل إعلانا لقيمة هذا البر عند الله سبحانه وتعالى. 2

– وبالوالدين إحسانا عبارات ندية يستجيش القرآن الكريم وجدان البر والرحمة في قلوب الأولاد، الآباء يندفعون بالفطرة إلى رعاية الأولاد فهم لا يحتاجون إلى توصية، أما الأولاد فقد تذهب بهم الحياة تجاه دوامتها فيقعون في الإهمال والتقصير، لذلك جاء الأمر الإلهي برعاية الآباء والأمهات.

تم يأخذ السياق في تظليل الجو كله بأرق الظلال، وفي استجاشة الوجدان بذكريات الطفولة ومشاعر الحب والعطف والحنان.

إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما والكبر له جلاله، وضعف الكبر له إيحاؤه وكلمة “عندك” تصور معنى الالتجاء والاحتماء في حالة الكبر والضعف في كنفك وتحت رعايتك، فالإحسان للوالدين يكون شخصيا مباشرا وبدون وساطة.

– فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما قال ابن كثير: “فلا تؤفف من شيء تراه من أحدهما أو منهما مما يتأذى به الناس، ولكن اصبر على ذلك منهما واحتسب في الأجر صبرك عليه منهما، كما صبرا عليك في صغرك” 3

وقل لهما قولا كريما مرتبة أعلى إيجابية أن يكون كلامك لهما يشي بالإكرام والاحترام.

أمر من الله عز وجل بالإحسان إلى الوالدين ووعد بالجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من سره أن يمد في عمره ويزداد له في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه” رواه الإمام أحمد في مسنده.

اللهم ارزقنا بر آبائنا، اللهم وفقنا للبر بوالدينا وارزق أبناءنا برنا. آمين.


[1] في ظلال القرآن لسيد قطب.
[2] تفسير ابن كثير.
[3] تفسير ابن كثير.