فاتح ماي والواقع النقابي البئيس
مع اقتراب الموعد العمالي العالمي في فاتح ماي تُسارع النقابات إلى إصدار بياناتها، وطبعا فلكل حزب سياسي نقابة موالية، فإن كان الحزب راضيا عن أداء الحكومة جاء بيان نقابته بلغة ناعمة، وإن كان الحزب ساخطا جاء بيان النقابة بلغة شديدة اللهجة ناقمة. لكن الأكيد هو أن هذه البيانات المتناثرة هنا وهناك تخفي وراءها واقعا نقابيا بئيسا يطبعه التشرذم والميوعة: ثقة مفقودة وديمقراطية غائبة، وصراعات داخلية، وانقسامات، وتحالفات بطعم سياسي، وضعف انخراط الشغيلة… وفي المقابل مطالبة دؤوبة للحكومات بالحوار والتفاوض!
وقد شبه أحدهم سلوك النقابات المغربية في علاقتها بالحكومات بسلوك “السلطة الفلسطينية” التي “تنتعش” بالمفاوضات مع العدو الصهيوني، ففي ظلها تسلط الأضواء على رموز السلطة ويفسح لهم المجال للظهور الإعلامي والإدلاء بالتصريحات والسفر والتنقل عبر العالم…
وهذا حال نقاباتنا التي تجعل من الجلوس للتفاوض مع الحكومات همَّها الأساس تسعى إليه وتضغط من أجله، وهذا يدل على ضعفها وعجزها، لأن الأصل هو أن الحكومات هي التي تستجدي النقابات -في حال قوتها ونفوذها- للحوار والتفاوض بشأن مطالب الشغيلة، أما وأن نقاباتنا العتيدة قد أنهكتها الصراعات الداخلية والانشقاقات المتتالية وضعف انخراط الشغيلة بل فقدانها الثقة في العمل النقابي برمته، فإن هذا الواقع المرير يجعل الحكومات وأرباب رأس المال في غنى عن الجلوس إلى النقابات ومحاورتها فضلا عن التفاوض معها.
واقع كهذا لا يخدم سوى مصلحة الاستبداد والفساد.
وحدة النقابات مطلب الشغيلة
إن الشغيلة المغربية -اليوم- سئمت من بيانات التنديد والإدانة التي تصدرها النقابات إثر كل انتهاك لحقوقها، إننا في حاجة إلى فعل ميداني يعيد للعمل النقابي هيبته ومصداقيته، وذلك لن يتحقق ما دامت النقابات تُغَني بمفردها وتحلق بعيدا وراء المصالح السياسية الضيقة، أو تتكتل على أساس سياسي أو إيديولوجي.
إن الذي يعيد للنقابة الاعتبار والمصداقية هو تكتل النقابات على أساس مطلبي واجتماعها على مبدإ نصرة العامل ودفعه إلى انتزاع حقه بعد أداء واجبه.
لقد أصبح مطلب تشكيل جبهة نقابية موحدة مطلبا ملحا تتكتل من خلاله الهيئات النقابية الصادقة في حمل شعار “الدفاع عن الطبقة العاملة”، ونحن اليوم أحوج إلى صياغة نداء لكافة أطياف العمل النقابي في المغرب: يا نقابات المغرب اتحدي).