نقابيو العدل والإحسان يرفضون مشروع قانون الإضراب ويدعون إلى سحبه

Cover Image for نقابيو العدل والإحسان يرفضون مشروع قانون الإضراب ويدعون إلى سحبه
نشر بتاريخ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وإخوان وحزبه

جماعة العدل والإحسان

الدائرة السياسية- القطاع النقابي

بيان حول مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب

القطاع النقابي للعدل والإحسان يرفض مشروع القانون المكَبل للإضراب سياقا ومنهجية وشكلا ومضمونا، ويطالب بسحبه من البرلمان، وإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي لصياغته بمنهجية تشاركية تضمن حماية حقوق الشغيلة وحرياتها النقابية.

ويدعو الهيئات النقابية إلى تحمل المسؤولية في تجميع الذات في جبهة واسعة موحدة ومناضلة قادرة على تعبئة الصفوف من أجل التصدي لكل المخططات والمشاريع الرامية إلى التطاول على حقوق الشغيلة ومكتسباتها العادلة والمشروعة. ويعلن دعمه لكل الخطوات الجادة التي تفتل في هذا الحبل.

——————————

إيمانا منه بالمسؤولية المنوطة به في الدفاع عن حقوق الشغيلة ومكتسباتها، لاسيما في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر منها الحركة النقابية المغربية، انكب المكتب الوطني للقطاع النقابي للعدل والإحسان على إنجاز دراسة تحليلية وتقييمية لمشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، الذي أعدته الحكومة وأحالته على مجلس النواب منذ سنة 2016.

ولقد وقف المكتب الوطني على السياق التراجعي الذي يأتي فيه هذا المشروع، والمتسم بتغول السلطوية، وبالهجوم الكاسح على الحقوق والحريات عموما، وحقوق الشغيلة على وجه الخصوص عبر أساليب التضييق والقمع المتمثلة في المحاكمات الصورية وقرارات الطرد والإعفاء والترسيب الانتقامية والتعسفية في حق المناضلين النقابيين. فضلا عن رفض تسليم وصول الإيداع للمكاتب النقابية المؤسسة بشكل قانوني… كما يتسم السياق بتفاقم الأزمة الاقتصادية المصحوبة بالتضخم الملهب للأسعار بشكل دمر القدرة الشرائية للمواطنين، وتزايد شدة الاحتقان الاجتماعي في سياق تصاعد وتيرة الاحتجاجات القطاعية والمجالية، وعزم الحكومة على تمرير مشاريع تراجعية عن الحقوق الاجتماعية للشغيلة، على رأسها “الإصلاح التدميري” لصناديق التقاعد، وتصاعد جشع الرأسمال الذي تزايدت أطماعه في التهام ما تبقى من حقوق العمال والمستخدمين في إطار الضغط لفرض “مراجعة تراجعية” لمدونة الشغل.

إننا في القطاع النقابي للعدل والإحسان، وإيمانا منا بأهمية التوافق الثلاثي بين الحكومة والباطرونا والنقابات على أرضية قانونية منظمة لممارسة الحق في الإضراب، وضامنة للتوازن بين حق الشغيلة في الدفاع عن حقوقها ومصالحها من جهة، وتحقيق التنمية المستدامة والارتقاء بنجاعة وتنافسية النسيج الاقتصادي الوطني، وضمان الحقوق خلال النزاعات الاجتماعية من جهة ثانية، نعرض للرأي العام موقفنا من مشروع القانون المقيد للإضراب 97.15 كالآتي:

1- منهجيا: إن انفراد الحكومة بصياغة مشروع القانون والاستباق إلى إحالته على المسطرة التشريعية يعتبر إقصاء مهينا للشغيلة المغربية وإطاراتها النقابية، وفرضا لسياسة الأمر الواقع في ضرب صارخ للمنهجية التشاركية، التي تتأسس عليها التزامات الميثاق الوطني للحوار الاجتماعي. وهذا وحده يجعل منه مشروعا استعلائيا مرفوضا.

2- شكلا: نسجل هيمنة المواد المتعلقة بالقطاع الخاص 22 مادة من أصل 49 على حساب تلك المتعلقة بالقطاع العام 4 مواد فقط، وحضور ملفت للهاجس الأمني والعقابي من خلال تخصيص 12 مادة للعقوبات. وتغافل المشروع للمرجعيات الدستورية والحقوقية والالتزامات الدولية في مجال الحريات النقابية والتفاوض، وعدم التوازن بين التزامات الشغيلة والمشغل لصالح المشغل. كما نسجل المبالغة في التفصيل والتدقيق عوض الإحالة على قوانين أخرى واتفاقيات جماعية تصاغ بشكل توافقي يراعي خصوصيات السياقات المهنية. الأمر الذي يجعل من المشروع أداة للمنع والتقييد والتخويف عوض قانون للتنظيم.

3- مضمونا: نعرض أهم الملاحظات إجمالا مع الإشارة عند الضرورة لأرقام بعض المواد:  

* ضرب صارخ للحق الدستوري في ممارسة الإضراب، من خلال حصر الحق في ممارسة الإضراب على الأجراء الخاضعين للقانون العام ولمدونة الشغل، وفي هذا إقصاء لفئات واسعة لا تخضع لهذا الشرط كأصحاب الأعمال الحرة وشغيلة الصناعة التقليدية وغيرهم.  ثم حصر الجهة الداعية إليه في المنظمات النقابية الأكثر تمثيلية وطنيا وقطاعيا وفي المقاولة، وفي هذا منع صريح لهذا الحق عن الكثير من الشغيلة التي تنتظم في نقابات وهيئات وجمعيات مهنية منظمة لم تمنحها الانتخابات المهنية هذه الصفة، مع ما يسجل من إشكالات حقيقية حول المعايير والآليات المنظمة لهذا الحقل الانتخابي والتمثيلي. ثم ربط ممارسة الإضراب قصرا بالدفاع عن حق أو مصلحة اجتماعية واقتصادية مباشرة، وهي عبارة تُقصي الإضرابات التضامنية والاحتجاجية على السياسات العمومية للدولة، وهو ما تؤكده المادة 5 التي تمنع صراحة الإضراب لأهداف سياسية، وفي هذا مخالفة لما نصت عليه منظمة العمل الدولية. ثم من خلال التوسع غير المبرر في تحديد لائحة الفئات والقطاعات الممنوعة من ممارسة حقها في الإضراب (المادة 33) مع أن الحفاظ على الحد الأدنى من الخدمة في بعضها كافي، وأسست له التجربة العملية وطنيا، وكذا التجارب المقارنة، وكذا التوسع غير المبرر في تحديد لائحة المؤسسات المعنية ب “الحد الأدنى من الخدمة” (المادة 34).

* فرض قيود على شكل إجراءات معقدة وشروط وآجال تعجيزية تجعل ممارسة الإضراب أمرا مستحيلا، وتمنح المشغل مجالا واسعا للمماطلة والمناورة، ولا تلزمه بتنفيذ التزاماته بعد الاتفاق في آجال محددة. (المواد 7-10- 16-17-18-19-20-21- 23-32).

* التضييق والتحكم المرفوض في أساليب حسم واختيار الإضراب وتكتيكات تنفيذه من خلال فرض شروط تطفلية على حيثيات الجموع العامة وآليات اتخاذ القرار فيها، وكذا من خلال منع الإضراب التناوبي أو الدائر (المادة 12)، وكذا منع الأشكال السلمية الموازية للإضراب (المواد 13 و27)، التي تضمنها اتفاقيات منظمة العمل الدولية كالاعتصام في أماكن العمل وفي محيطه كشكل من أشكال التعبير والاحتجاج مادامت تحافظ على السلمية وحماية الحق في العمل، وكذا شرعنة اقتطاع الأجر بسبب ممارسة الحق في الإضراب (المادة 14).

* سلب الإضراب فعاليته وإضعاف قوته في ميزان القوى التفاوضية من خلال إتاحة الفرصة للمشغل للاستعانة بأجراء آخرين لتأمين تقديم المقاولة لخدماتها وتزويد السوق بمنتجاتها (المادة 10).

* تحجيم دور مفتشية الشغل ومؤسسات الحوار الاجتماعي مقابل شرعنة تدخل السلطة من أجل كسر الإضراب وتوقيفه إداريا وتعليقه قضائيا ومنعه وفرض الإكراه والعمل الجبري واللجوء إلى مسطر التسخير (المواد 25 – 29 – 40 – 47) بما يتناقض ومقتضيات الاتفاقيتين الدوليتين 29 و105 لمنظمة العمل الدولية.

* فتح المجال الواسع لإعمال المقتضيات الجنائية الأشد المنصوص عليها في القانون الجنائي في انتهاك صارخ لحرية ممارسة الإضراب، وفي مقدمتها العقوبات السالبة للحرية عوض الاستجابة للمطلب النقابي بسحب الفصل 288 المشؤوم، والذي زُج بسببه بالعديد من المناضلين وراء القضبان ظلما وعدوانا.

بناء عليه، إن القطاع النقابي للعدل والإحسان يعتبر السياق التراجعي الذي جاء فيه مشروع القانون التنظيمي لممارسة الإضراب 97.15 يجعل منه أداة للضبط والتحكم في يد السلطوية المتغولة لفرض مزيد من التضييق على الحريات النقابية لعموم الشغيلة المغربية تمهيدا لما يستقبل من هجوم على مكتسباتها وحقوقها الاقتصادية والاجتماعية والنقابية.

ويعلن رفضه له منهجية وشكلا ومضمونا، معتبرا إياه مشروعا انفراديا مقيدا للإضراب ومعرقلا له حد المنع في الكثير من الحالات، ويطالب بسحبه من البرلمان، وإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي لصياغته بمنهجية تشاركية، تضمن حماية حقوق الشغيلة وحرياتها النقابية. ويدعو الهيئات النقابية إلى تحمل المسؤولية في تجميع الذات في جبهة واسعة موحدة ومناضلة قادرة على تعبئة الصفوف من أجل التصدي لكل المخططات والمشاريع الرامية إلى التطاول على حقوق الشغيلة ومكتسباتها العادلة والمشروعة. ويعلن دعمه لكل الخطوات الجادة التي تفتل في هذا الحبل.

الاثنين 30 شتنبر 2024